الحكومة اليمنية تقرر تحرير سوق المشتقات النفطية

05 مارس 2018
محطة وقود أصابها الدمار في عدن (فرانس برس)
+ الخط -


قررت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، يوم الإثنين، تحرير سوق المشتقات النفطية، وفتح مجال الاستيراد أمام شركات القطاع التجاري الخاص، وإخضاع عملية بيع وتوزيع المشتقات للمنافسة بين الشركات، بعد توقف شركتي النفط الحكومية ومصافي عدن عن استيراد الوقود نتيجة أزمة شح الدولار وعدم قدرة الحكومة على تغطية فاتورة ورادات الوقود بالعملة الصعبة.

ووجه الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، بتحرير سوق المشتقات النفطية لجميع الشركات وفي جميع المنافذ والموانئ، في إطار المنافسة الإيجابية ومنعا للاحتكار، بإشراف شركة النفط والتنسيق والتعاون مع الأجهزة والمصالح الحكومية ذات العلاقة.

واعتبر هادي خلال لقائه مدير عام شركة النفط الحكومية انتصار العراشة، أن هذا القرار سيسهم في عودة استقرار السوق ومنع الاحتكار وتوفير المشتقات النفطية وسيحد من الأزمات، بحسب وكالة الأنباء اليمنية الرسمية.

وكانت الحكومة اليمنية أعلنت في يونيو/حزيران 2016، أنها تدرس مشروعا لفتح باب استيراد المشتقات النفطية أمام القطاع الخاص وفق ضوابط وشروط محددة، للمساهمة في توفير هذه المواد وتحقيق الاستقرار في الأسواق المحلية.

ورفض هادي في فبراير/شباط 2017، مشروع قرار حكومي كان سيطرح استيراد وبيع المشتقات النفطية للمنافسة في السوق، بحسب مصادر حكومية، قبل أن يعدل اليوم عن القرار ويجيز للقطاع التجاري استيراد الوقود.

ويأتي قرار تحرير سوق المشتقات وسط أزمة وقود خانقة تشهدها العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (جنوبي البلاد) حيث مقر الحكومة، منذ أول مارس/آذار الجاري، وتسببت في ارتفاع سعر البنزين إلى 7 آلاف ريال (19 دولارا) للغالون سعة 20 لترا، بينما يبلغ السعر الرسمي 3500 ريال (9 دولارات).

وتوقفت شركتا النفط الحكومية ومصافي عدن عن استيراد الوقود بسبب أزمة السيولة من عملة الدولار، منذ منتصف عام 2017، وعدم قدرة الحكومة على تغطية فاتورة ورادات الوقود بالعملة الصعبة.


وتحتكر شركة (عرب غلف) استيراد الوقود في عدن وبقية مناطق الحكومة، وهي شركة تجارية مملوكة لرجل الأعمال أحمد العيسي، والذي صدر أخيراً قرار بتعيينه مستشاراً للرئيس اليمني.

ولجأت الشركتان الحكوميتان إلى تخزين المشتقات النفطية في خزاناتها، ومن ثم التوزيع للسوق المحلية بعد توقفهما عن الاستيراد، وهو ما أشعل الخلاف بين الشركتين على نسبة كل شركة من التخزين والتوزيع تتقاضاها كعمولة، إذ رفضت شركة النفط قيام شركة المصافي بتخزين وتوزيع المشتقات باعتبار أن ذلك من مهامها الرئيسية.

وبدأ عشرات من موظفي وعمال شركة النفط، السبت الماضي، اعتصاماً أمام مبنى شركة مصافي عدن لمنع خروج شحنات الوقود من الخزانات إلى السوق، قبل أن تتدخل الشرطة المحلية لفض الاعتصام بالقوة.

وأكد مسؤول في شركة مصافي عدن لـ"العربي الجديد" أن الشركة معطلة ولا تقوم بتكرير النفط لعدم توافر الخام، وتعتمد على تخزين المشتقات، وأن المبلغ الذي تحصل عليه مقابل التخزين يتم منه صرف الرواتب كموازنة لتشغيل المصفاة.

وتملك المصافي خزانات بقدرة استيعابية كبيرة تصل إلى مليون طن من مختلف المشتقات النفطية، فيما لا تتجاوز طاقة خزانات شركة النفط 20 ألف طن.

وكان القطاع التجاري اليمني طالب في 2 فبراير/شباط الماضي، بإنهاء احتكار استيراد المشتقات النفطية وتحرير سوق الوقود، وطالب فريق الإصلاحات الاقتصادية (القطاع الخاص اليمني)، بتحرير أسعار المشتقات النفطية وتشجيع المنافسة لتوفيرها بالسعر المناسب في السوق.

وأكد الفريق في بيان "قدرة القطاع الخاص اليمني على خوض المنافسة لتولي مهمّة تأمين المشتقات النفطية في كل المحافظات"، واعتبر أن "أجواء السوق الحرة كفيلة بخفض أسعار الوقود بناء على الأسعار العالمية وتوفيرها في السوق".

وتشهد كل من العاصمة اليمنية صنعاء ومدينة عدن (العاصمة المؤقتة)، أزمة في توفير المشتقات النفطية، في محطات تعبئة الوقود، الأمر الذي تحول إلى احتجاجات، وخصوصاً في صنعاء، التي اتهمت فيها جماعة أنصار الله (الحوثيين)، التجار بالتلاعب، فيما أطاحت الحكومة الشرعية مدير شركة النفط بعدن. 

وأفاد سكان في صنعاء لـ"العربي الجديد"، بأن أزمة الوقود برزت يوم الإثنين، مع إغلاق محطات وقود أبوابها، ما دفع المواطنين إلى التزاحم بطوابير أمام المحطات، تخوفاً من أزمة بعدم توفرها وارتفاع أسعارها في الأسواق. 

واضطرت السلطات الموالية لجماعة أنصار الله (الحوثيين)، في صنعاء، إلى نفي الأنباء عن انعدام المشتقات النفطية، وقالت إن الأزمة مفتعلة "من التجار وموردي المشتقات النفطية".

ونقلت وكالة الأنباء اليمنية بنسختها التي يديرها الحوثيون، عن مصدر مسؤول بأمانة العاصمة، أن هناك لجاناً كلفت بالنزول الميداني للرقابة والتفتيش على المشتقات النفطية في المحطات"، وأشار إلى "وجود كميات كبيرة من المشتقات النفطية في كافة محطات الأمانة وخزانات شركة النفط"، كما تحدث عن إنزال كميات كبيرة من الغاز المنزلي وتزويد 80 محطة به.

وتشهد صنعاء، منذ أيام، أزمة خانقة، بسبب اختفاء مفاجئ للغاز المنزلي من المحطات المخصصة للتعبئة وبيعه بأسعار مرتفعة، الأمر الذي تحول إلى احتجاجات، بسبب انتظار المواطنين أمام المحطات لساعات طويلة.

من جانبه، أعلن المتحدث باسم حكومة الانقلابيين، عبدالسلام جابر، أن "الحكومة لن ترضخ لضغوط بعض التجار المُستغلين".

وقال إن "الجهات المختصة تمكنت من ضبط عدد من المتلاعبين بأسعار مادة الغاز وفتح المحطات أمام المستهلكين للبيع بسعر ثلاثة آلاف ريال، كخطوة أولية نحو تخفيضه إلى السعر الرسمي".

واتهمت وزارة النفط الخاضعة للحوثيين في صنعاء من وصفتهم بـ"مجموعة من التجار ضعفاء النفوس والمتعيشين على معاناة الشعب والمتواطئين مع أعداء البلد"، بأنهم "السبب الرئيسي في الأزمة القائمة واختفاء مادة الغاز من مناطق السيطرة".

وقال مصدر مسؤول في الوزارة، وفقاً لوكالة الأنباء اليمنية الخاضعة للحوثيين إنه "بعد أن تعهد جميع التجار ببيع إسطوانات الغاز بسعر 3 آلاف ريال مراعاة لوضع المواطنين قابل للنقص لاحقاً وهذا مبلغ مجزي لهم، امتنع مجموعة من التجار عن إدخال المقطورات إلى المحافظات في مناطق السيطرة مما تسبب في قلة مادة الغاز".

وكانت الأزمة أثارت سخطاً واسعاً في أوساط سكان العاصمة، مع اختفاء الغاز من أغلب المحطات وبيعه بالسوق السوداء، بأسعار مضاعفة، وهو ما جعل الجماعة، توجه اتهاماتها للتجار الذين لم تسمّهم.

المساهمون