أدى الخفض الكبير في الميزانيات الجزائرية المتعاقبة بسبب تدنّي أسعار النفط، وتدهور قيمة العملة الجزائرية، إلى تدهور حاد في دخل الطبقة الوسطى في الجزائر، حسب دراسة لمعهد "كارينجي إنداومنت".
وحسب الدراسة التي صدرت العام الماضي، "انخفضت ميزانية العام 2017 إلى نحو 63 مليار دولار، أي أكثر بقليل من نصف موازنة العام 2015 التي بلغت 110 مليارات دولار.
ويقول خبراء في الجزائر عن الطبقة الوسطى إنها تكاد تختفي في البلاد، حيث تحولت البلاد إلى طبقتين فقط، طبقة فقيرة وأخرى ثرية تزداد ثراءً. لكن حسب تقارير منظمة الشفافية الدولية التي نشرت في الجزائر، فإن الفساد المتفشي وسرقات المال العام، يُضافا إلى عوامل إفقار الطبقة الوسطى.
يذكر أن محاولات إصلاح الاقتصاد الجزائري فشلت جمعيها، وهو ما أدى إلى الغلاء الشديد الذي طاول أسعار المواد الغذائية في العام وقاد تدريجياً إلى سخط الرأي العام الجزائري، لدرجة أن أكل الفواكه الطازجة أصبح نوعاً من الترف.
وتُظهر إحصاءات رسمية نُشِرت في تشرين الأول/أكتوبر 2016، أن أسعار السمك والفواكه الطازجة تضاعفت أكثر من ثلاث مرات منذ عام 2001. وحسب الدراسة التي نشرتها كارنيجي، فإن نحو 40% من مداخيل الجزائريين تنفق على المأكولات والمشروبات، التي غالباً ما يتم استيرادها وتتأثر كثيراً بالزيادات في الأسعار، وتحمّل الجزائريون العاديون الوطأة الأكبر في هذا المجال.
وبدا التدهور المتسارع في الطبقة المتوسطة في البلاد مع انهيار أسعار النفط العالمية في منتصف 2014، فمنذ ذلك الحين تغيرت الأوضاع الاقتصادية في البلاد، إذ خفّضت الجزائر من نسب الدعم الموجه للوقود وبعض المنتجات الغذائية، بينما اتجهت تدريجيا نحو الدعم النقدي، وذلك استجابة لتوصيات صندوق النقد الدولي، فيما انخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي انخفاضًا حادًا خلال هذه الفترة.
ويلاحظ أن النظام الجزائري منح ميزات وبطرق غير شرعية للمسؤولين الكبار في الهرم الأعلى للدولة مثل المديرين ونواب المديرين المركزيين، وبين أوساط الضباط في الأجهزة الأمنية والعسكرية وغيرهم، في سبيل الحصول على دعمهم.
وفي الحقيقة، فإن هذه الميزات التي منحت للمقربين من النظام وكبار الضباط جاءت على حساب الشريحة الوسطى في المجتمع.
وأدت هذه الممارسات إلى تصفية المكاسب البسيطة التي استفادت منها الطبقة الوسطى وطبقات العمال في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين، ومن ثم أخذت الأمور منعطفاً خطيراً في مرحلة الرئيس الشاذلي بن جديد عندما أقدم على استيراد موضة اقتصاد السوق وتنفيذ سيناريو بيع أملاك الدولة الكبرى للمسؤولين الكبار في الدولة وللقطاع الخاص الطفيلي، حتى تم التدهور الذي أدى إلى سقوط الرئيس بوتفليقة وتجدد الاحتجاجات الجارية حالياً لتغيير النظام في الجزائر.