تدخل رسمي لإنقاذ التأمينات في الجزائر

29 يناير 2017
السيارات تمثل 60% من معاملات التأمين (فاروق باتيشي/فرانس برس)
+ الخط -
اضطرت الحكومة الجزائرية إلى التدخل لإنقاذ قطاع التأمينات في البلاد، الذي بات على شفا حفرة من الانهيار جراء حالة الانكماش التي خيمت على القطاع.

وأرسلت لجنة مراقبة شركات التأمين، التابعة لوزارة المالية، بياناً عاجلا أول من أمس، لجميع شركات التأمين الناشطة في البلاد تبلغهم فيه أنها أطلقت عملية تقييم للعروض والخدمات التي تقدمها وكالات التأمين.

وحسب البيان الذي اطلعت عليه "العربي الجديد"، فإن شركات التأمين ملزمة بتقديم تقرير حول المؤونة المالية لكل شركة، بالإضافة إلى خدماتها وعروضها ومدة التعويض مع تقديم ملفات كأمثلة في أجل أقصاه 31 مايو/أيار المقبل.

وتهدف التعليمة إلى غربلة سوق التأمينات من الشركات غير الملتزمة أو تلك التي لم تحترم القوانين فيما يتعلق بهامش الربح ومدة التعويض، وفق ما صرح به مسؤول مطلع على الملف بوزارة المالية.

كما تأتي هذه الخطوة بعد أقل من شهرٍ من توجيه وزير المالية حاجي بابا عمي، تحذيراً لشركات التأمين التي اتهم بعضا منها باللجوء إلى ممارسة سياسات الإغراق وكذا التزوير في تكوين المؤونات، مما جعلها عاجزة عن تعويض عملائها ما يجعلها عاجزة عن التعويض، وهو ما يدفع الوزارة إلى التحرك، حسب الوزير الجزائري.

ويرى الخبير في سوق التأمينات أحمد دريسي، أن القرار الذي اتخذته وزارة المالية عن طريق لجنة مراقبة قطاع التأمينات جاء متأخرا لسنوات كثيرة.
وأضاف في حديث لـ "العربي الجديد" أن التعليمات التي أرسلتها اللجنة "جاءت غير واضحة ومطاطية، إذ لم تحدد الجهة التي ستعد التقارير وتركت الحرية للشركات، وبالتالي هي حرة في كتابة أي إنشاء عن نفسها".

نقطة ضعف ثانية، يرصدها الخبير الجزائري، تكمن في الأجل الذي حددته الوزارة وهو 31 مايو/أيار، إذ يرى دريسي أن مدة أربعة أشهر لا تكفي لإعداد تقارير خبرة عميقة وموضوعية لحجم ما طلبته وزارة المالية، بالإضافة إلى أن الأجل يأتي بعد الانتخابات التشريعية، وعادة ما يتم تغيير الحكومة بعدها، ما يعني احتمال ذهاب الوزير الحالي وتعويضه بوزير لا يحمل نفس خريطة الطريق.

ويتميز قطاع التأمينات في الجزائر بضبابية الأرقام وطول مدة دراسة الملفات وتعويض الخسائر، ما جعل الخبراء والناشطين في المجال يدقون ناقوس الخطر قبل انهيار القطاع.
وحسب نرجس ايت موهوب، مدير وكالة تأمين خاصة، فإن 5 إلى 6 ملايين ملف ينتظر التصفية منذ عام 2010.

ولفتت المتحدثة ذاتها لـ "العربي الجديد" أن "قيمة ما تم تعويضه وما لم يتم تعويضه سنة 2015 بلغ 123 مليار دينار، وفق بيانات المجلس الوطني للتأمينات، فيما يبلغ رقم أعمال القطاع 117.8 مليار دينار (1.1 مليار دولار) وهذه حالة لا نراها إلا في الجزائر".

وقالت أيت موهوب: "المؤونة المالية لشركات التأمين بلغت 70.48 مليار دينار سنة 2015 حسب ما علمنا من وزارة المالية مؤخرا، هذا أقل من حجم التعويضات، وهو ما يهدد القطاع بالانهيار في أي لحظة".

وحول الاتهامات التي أطلقها وزير المالية لعدد من شركات التأمين، أوضحت أيت موهوب أن بعض الشركات تلجأ إلى ما يُعرف بتضخيم وهمي للمؤونة المالية حتى تغري الشركات والقطاع الخاص على الاكتتاب عندها، خاصة في هذه المرحلة التي ركدت فيها الأعمال جراء تقليص حجم السيارات المستوردة التي تشكل عمليات التأمين عليها 60% من المعاملات.

وقدّر المجلس الوطني للتأمين مبلغ أقساط التأمين بالنسبة للفرد في الجزائر بنحو 32.8 دولاراً سنويا، مقابل متوسط عالمي يقدر بحدود 620 دولاراً، لتحتلّ بذلك الجزائر المرتبة الـ 81 عالمياً، بينما وصل معدّل التغطية إلى نقطة بيع واحدة لكل 28 ألف نسمة، مقابل متوسط عالمي يقدر بنقطة بيع واحدة لكل 5 آلاف نسمة.
المساهمون