أثارت زيادة وصفت بالكبيرة في معاشات المتقاعدين بالجزائر، قلقاً متزايدا حول العجز المالي لصندوق التقاعد في الدولة التي تشهد تراجعاً في مواردها المالية الناجمة عن تصدير النفط، وكذلك الاضطرابات التي تشهدها مختلف القطاعات الاقتصادية في ظل عدم الاستقرار السياسي.
وأعلن وزير العمل والضمان الاجتماعي تيجاني هدام حسان، يوم الخميس الماضي، رفع معاشات حوالي 2.9 مليون متقاعد بنسب تتراوح بين 1.5 و 6 في المائة، وذلك ابتداءً من مايو/أيار الجاري.
وتتزامن هذه الزيادة مع تواصل الحراك الشعبي، الذي دخل أسبوعه العاشر، ما دعا الخبير المالي جمال نور الدين، إلى اعتبار أن هذه الزيادة تحمل طابعا سياسياً، كونها لم تتعد في المرة الأخيرة 2.5 في المائة بينما تصل إلى 6 في المائة هذه المرة، رغم تواصل العجز المالي لصندوق التقاعد.
وأشار نور الدين إلى أن نسبة الزيادة السنوية كانت تصل إلى 12.5% في الفترة من 2001 إلى 2010، لكنها تقلصت إلى 5 في المائة مع بداية أزمة النفط في 2015، ثم 2.5 في المائة في 2017، في ظل تراجع عائدات النفط التي تمثل مورداً أساسيا لتمويل صندوق التقاعد.
وقال نور الدين: " العجز لا يزال مستمرا، فعلى أي أساس تمت زيادة نسبة المعاشات؟ هذه الزيادة وإن كان مرحبا بها في وقت تعيش فيه القدرة الشرائية انهيارا خطيرا، إلا أنها لا تبعث على الاطمئنان، وخصوصاً أن الصندوق سبق أن دق ناقوس الخطر وأخطر وزارة العمل بضرورة البحث عن آليات جديدة لتنويع موارده".
وأضاف نور الدين أن "الزيادة الجديدة ستكلف صندوق التقاعد قرابة 220 مليون دولار شهرياً وهي فاتورة قد لا يستطيع الصندوق تحملها إن لم تزد الحكومة الأموال التي يتم ضخها في الصندوق وتقتطعها من الضرائب على النفط".
ويأتي قرار رفع معاشات المتقاعدين بعد أشهر قليلة من موافقة البرلمان، على طلب تقدمت به حكومة أحمد أويحيى السابقة نهاية 2018، يقضي يتقديم صندوق الاستثمارات فرضا بقيمة 50 مليون دولار لصندوق التقاعد لسد جزء من العجز السنوي.
وفي مقابل تحذير الخبراء الماليين من تداعيات زيادة المعاشات دون موارد حقيقية، ترى العديد من النقابات العمالية أنها ليست كافية لمواجهة الأعباء المعيشية المتزايدة.
وقال مزيان مريان، رئيس النقابة الجزائرية لأساتذة التعليم الثانوي والتقني لـ"العربي الجديد" إن "القدرة الشرائية للعمال والمتقاعدين على السواء لا يمكنها تحمل غلاء المعيشة والزيادة المقررة لا تقابل التضخم الذي ارتفع من 4 إلى 8 في المائة في اقل من 12 شهرا".
ولا يبدو الكثير من المتقاعدين الذين التقتهم "العربي الجديد" سعداء بالزيادة، مشيرين إلى أنها لن تتعدى 2700 دينار (19 دولاراً) بالنسبة للسواد الأعظم من المتقاعدين، الذين لا يتعدى راتبهم في أحسن الأحوال 20 ألف دينار (181 دولارا).