مصر.. قلق حكومي من بيع المواطنين شهادات قناة السويس

07 نوفمبر 2016
زيادة أسعار الفائدة تنذر بتفاقم الديون الحكومية (العربي الجديد)
+ الخط -

 

أبدى مسؤولون في الحكومة المصرية وخبراء اقتصاد، قلقهم المتزايد من انفلات مالي غير محسوب، بعد القرار الأخير بتعويم العملة المحلية، الذي بات ينذر بانفجار فقاعة كبيرة من الديون ويهدد القطاع المصرفي في البلاد.

وقال مسؤول بارز في وزارة المالية، طلب عدم ذكر اسمه، في تصريح خاص إلى "العربي الجديد"، إن الحكومة باتت مجبرة على رفع أسعار العائد (الفائدة) على شهادات استثمار قناة السويس، خوفا من إقدام مالكي هذه الشهادات على التخلص منها (بيعها).

وأعلن البنك المركزي المصري يوم الخميس الماضي رفع أسعار الفائدة بواقع 3% دفعة واحدة لتتخطى 14.7% للإيداع و15.7% للإقراض، فيما تسابق مصرفا "مصر" و"الأهلي" أكبر مصرفين حكوميين في البلاد، على طرح شهادات استثمار بفائدة تتراوح بين 16% و20%، من أجل تشجيع حائزي الدولار على بيعه وشراء هذه الشهادات، ولا سيما عقب قرار البنك المركزي تعويم الجنيه يوم الخميس الماضي.

وأوضح المسؤول في وزارة المالية: "من المتوقع زيادة الفائدة على شهادات استثمار قناة السويس إلى 14.5% في المتوسط، للحيلولة دون تسييلها".

وأضاف: "نعمل على وضع مغريات جديدة، خوفا من أن تجد الحكومة المصرية نفسها مطالبة برد 68 مليار جنيه قيمة الشهادات التي اشتراها المواطنون لتمويل مشروع التفريعة الجديدة لقناة السويس بسعر فائدة 12.5%، الذي كان مغرياً للغاية لكافة الشرائح المستثمرة حين طرحها".

وتابع أن قيمة الفوائد التي تتحملها الموازنة العامة للدولة من المتوقع ارتفاعها بأكثر من 100 مليار جنيه، لتسجل 400 مليار جنيه، بدلا من 300 مليار جنيه مدرجة بموازنة العام المالي الحالي 2016/2017، الذي ينقضي بنهاية يونيو/حزيران المقبل، بسبب إجراءات تخص رفع أسعار الفائدة على هذه الشهادات الادخارية، فضلا عن ارتفاع متوقع لأسعار الفائدة على أدوات الدين الحكومية.

وقال محمد عبد العزيز حجازي، خبير الاقتصاد: "على الحكومة اتخاذ إجراءات احترازية سريعة لتشجيع المواطنين على الاحتفاظ بشهادات قناة السويس، مشيرا إلى أن تحريك البنك المركزي لأسعار الفائدة كان يجب أن يكون تدريجياً ولا يرتفع بنسبة 3% مرة واحدة، مراعاة لظروف عجز الموازنة والدين العام".

وأعلنت وزارة التعاون الدولي في تقرير أرسلته قبل أيام إلى اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب (البرلمان)، أن إجمالي الدين العام للدولة بلغ ثلاثة تريليونات و33 مليار جنيه، منها 2.54 تريليون جنيه للدين المحلي، و489 مليار جنيه للدين الخارجي، لتزيد الديون بما يقارب الضعف في أول عامين من حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وحذر الخبراء من أن الديون الحكومية، التي وصلت في الأساس إلى مرحلة الخطر، ستزيد بنحو كبير، ما ينذر بأزمة خطيرة وانفلات مالي غير مسبوق، لن يجدي معه أي قروض من صندوق النقد الدولي أو غيره من المؤسسات المالية لإنقاذ البلاد.

وقال إيهاب الدسوقي، أستاذ الاقتصاد في أكاديمية السادات بالقاهرة، إن الحكومة ستضطر لإصدار سندات لتعويض البيع المتوقع لشهادات قناة السويس، مضيفا أن الحكومة لا يمكن أن تتحمل ارتفاعا في أسعار الفائدة على هذه الشهادات لنسب مماثلة لما تطرحه البنوك حاليا على الأوعية الادخارية الجديدة.

وتسدد وزارة المالية حالياً نحو 12 مليار جنيه سنوياً، كفوائد على شهادات قناة السويس، بينما يتوقع ارتفاعها إلى ما لا يقل عن 15 ملياراً في حال زيادة أسعار الفائدة إلى 14.5% فقط.

وبينما استهدفت الحكومة المصرية من تعويم الجنيه أمام العملات الأجنبية لتنفيذ اشتراطات صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار، وكذلك كبح أسعار صرف الدولار في السوق السوداء، فإن أسعار صرف العملة الأميركية في المصارف صعدت على غير المتوقع، لتقترب من ذروة الأسعار التي سجلتها السوق السوداء قبل قرار التعويم.

ووصل متوسط سعر صرف الدولار، أمس، في البنوك إلى نحو 15.5 جنيها للشراء و16 جنيها للبيع، بينما بلغ في السوق السوداء 16.5 جنيها للشراء و17.10 جنيها للبيع.

وسمح البنك المركزي للبنوك بفتح فروعها في العطلة الأسبوعية والعمل حتى التاسعة مساء، وذلك ﺑﻐرض ﺗﻧﻔﯾذ عمليات شراء وﺑﯾﻊ اﻟﻌﻣﻠﺔ وﺻرف ﺣواﻻت اﻟﻣﺻرﯾﯾن اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن في الخارج.

وقال عاملون في سوق الصرف، إن السوق السوداء بدأت في النشاط مجدداً، خاصة في ظل استمرار البنوك في عدم بيع الدولار واقتصار معاملاتها على الشراء، ما يدفع شرائح من التجار والمستوردين إلى اللجوء مجددا للسوق السوداء لتدبير احتياجاتهم.


المساهمون