في ضجة الأحداث الأخيرة بين "حزب الله" وجبهة "النصرة"، تصدّرت "جرود عرسال" اللبنانية مشهدًا ارتبط بقضايا أمنية وأخرى سياسية؛ لكنْ ثمّة وجه آخر اشتهرت به قبل 2011.
البلدة الواقعة في محافظة البقاع (شرق) التي يقطنها 40 ألف لبناني، ذاع صيتها قبل 2011 في حقل مختلف، إذ اشتهرت بصخرها الصلب الذي كان يُصدّر إلى أهم دول العالم، وتحديداً للخليج، بكميات كبيرة لبناء المشاريع.
ناهيك عن أن 90% من الأبنية والعمارات في لبنان، اعتمدت في بنائها على صخر "عرسال" المميّز بلونه الأبيض الناصع، والذي لا يتأثر بعوامل الطقس والزمن؛ لذا فإن الإقبال عليه كبير.
وبعد عام 2012، بلغت خسائر البلدة في قطاع الصخور، 150 مليون دولار، بسبب توقّف الكسّارات (آلات تكسير الصخور) وتعطُّل حركة التصدير.
مصطفى الحجيري، صاحب مقلع صخر عرسال، يقول، في حديثه لوكالة "الأناضول"، إن عدد المقالع (أماكن استخراج الصخور) الموجودة في جرود عرسال يصل إلى 500.
ويضيف أن "دول الخليج كانت تتسابق على شحن كميات كبيرة من صخور عرسال التي نافست جدّياً صخور العالم قبل 2011، بما فيها إيطاليا". ويشرح أن "عودة الهدوء ستساهم تلقائيًا في بناء علاقة تجارية مع الدولة المجاورة (سورية) لإعادة بناء مدنها".
وكمخرج للأزمة، قد يلجأ كما أصحاب المقالع في البلدة إلى الدخول في مناقصات لبيع الصخور إلى سورية، كونها البلد الأقرب لهم. ويزيد الحجيري القول "أسعارهم هي الأوفر ولا تتطلب تكاليف نقل وجمارك".
ويتحدث عن الوضع الاقتصادي قبل أحداث "عرسال"، فيقول إن الدخل الشهري لأصحاب المقالع والعاملين فيها "كان يكفيهم للعيش بكرامة".
ويستطرد صاحب مقلع الصخور أن نسبة البطالة باتت تفوق 60%، بسبب الأوضاع الأمنية التي سادت البلدة منذ سنة 2012.
و"عرسال" من أكبر بلدات منطقة بعلبك الهرمل (قضاء كبير في محافظة البقاع)، إذ تمتد على مسافة 400 كيلومتر مربع (300 كلم مساحة الجرود). وهي بلدة معزولة نسبيًا، تشتهر بمعالم تاريخية بسبب قربها من التلال، وتُعرف بآثارها القديمة وبقايا القصور والحصون.
وتتوزع في أرجاء البلدة بقايا مصاطب ومقابر تعود في تاريخها إلى عصور هجرة بعض القبائل العربية التي استوطنت المنطقة قبيل العصر الروماني. ويعمل نحو 60% من سكان عرسال في استخراج الصخور والزراعة والتجارة.
(العربي الجديد، الأناضول)