قبل أيام من انتهاء مهلة إعفاء أوروبا من رسوم عقابية على الفولاذ والألمنيوم، وجّه الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضربة جديدة بطرحه فكرة فرض رسوم جمركية جديدة على الآليات التي تستوردها الولايات المتحدة.
ونقل بيان للبيت الأبيض عن الرئيس الأميركي قوله "طلبت من وزير التجارة ويلبور روس التفكير في إطلاق تحقيق بموجب الفصل 232 حول واردات الآليات، بما في ذلك الشاحنات وقطع الغيار لتحديد تأثيرها على الأمن القومي الأميركي".
ويسمح الفصل 232 بالتحقيق لتحديد "تأثيرات الواردات على الأمن القومي"، ثم ترفع وزارة التجارة تقريرا بالنتائج الى الرئيس ليقرر ما إذا كان سيستخدم صلاحيته في فرض رسوم أم لا.
وجاء هذا الإعلان بعد ساعات على نشر ترامب تغريدة على "تويتر" وعد فيها "بأنباء سارة لصانعي السيارات الرائعين" الذين يرى أنهم ضحايا "عقود من الخسائر في الوظائف لمصلحة دول أخرى".
Twitter Post
|
وذكرت وزارة التجارة الأميركية في بيان نشر بعيد بيان البيت الأبيض أن روس أطلق هذا التحقيق.
وقال روس في البيان إن "هناك أدلة تشير إلى أنه لعقود، أدت الواردات من الخارج إلى تآكل صناعتنا الوطنية للسيارات".
وأضاف أنه "خلال السنوات العشرين الأخيرة، ارتفعت نسبة السيارات الخاصة المستوردة من 32% الى 48% من مجمل مبيعات الآليات في الولايات المتحدة".
وأوضحت الوزارة أن التحقيق سيحدد "ما إذا كان تراجع عدد الآليات وانخفاض إنتاج قطع الغيار يهددان بإضعاف الاقتصاد الوطني، خصوصا عبر خفض البحث للتطوير، والوظائف للعاملين المؤهلين في قطاع الآليات (...) والتقنيات المتطورة".
وأثار هذا الإعلان استياء طوكيو. وقال وزير التجارة والصناعة الياباني هيروشيغي سيكو أمام الصحافيين إن "صناعة السيارات مهمة إلى حد كبير وإجراءات تقييدية بهذا الحجم يمكن أن تسبب خللا في السوق وسيكون ذلك مؤسفا".
وسجلت أسهم شركات صناعة السيارات انخفاضا في بورصة طوكيو، إذ خسرت مجموعات "تويوتا" و"نيسان" و"هوندا" ظهر الخميس بين 1.75 و2.75%.
وتؤكد نيسان التي باعت 1.59 مليون آلية في الولايات المتحدة العام الماضي أنها أنتجت 930 ألفاً من هذه الآليات على الأراضي الأميركية ما يعني أنها قامت باستيراد أكثر من ثلث مبيعاتها المحلية.
ألمانيا مستهدفة
وأوضحت مجموعة انتاج السيارات الألمانية "بي إم دبليو" إن 66% من الآليات التي باعتها في الولايات المتحدة العام الماضي كانت مستوردة، أي ما يساوي 200 ألف سيارة.
أما المجموعة الأميركية فورد التي باعت 2.6 مليون آلية على الأراضي الأميركية في 2017، فتؤكد أنها أنتجت 80% من آلياتها في الولايات المتحدة ومعظم النسبة المتبقية تم استيرادها من كندا والمكسيك شريكتي الولايات المتحدة في "اتفاق التبادل الحر لأميركا الشمالية" (نافتا).
وتحدث ترامب مرات عدة عن رسوم عقابية لحماية قطاع صناعة السيارات الأميركي، تستهدف خصوصا ألمانيا التي يثير فائضها التجاري غضب الرئيس الأميركي.
ويرى ترامب أن الرسوم المفروضة على السيارات الأميركية أكبر من تلك المفروضة على السيارات الأوروبية.
وفي الواقع تبلغ الرسوم الأوروبية المفروضة على السيارات المستوردة من الولايات المتحدة والدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي 10%، بينما تبلغ الرسوم الجمركية الأميركية على تلك المستوردة من الاتحاد الأوروبي 2.5 %.
لكن داخل قطاع الآليات، تفرض الولايات المتحدة رسوم استيراد على الشاحنات وآليات "البيك آب" قد تصل إلى 25 %، بينما تبلغ رسوم الواردات في الاتحاد الأوروبي للآليات نفسها 14 % في المعدل.
الصين مجدداً
وأشار ترامب في تغريدة أخرى إلى المحادثات التجارية مع الصين، وقال إنه في الوقت الذي تتقدم فيه المحادثات بشكل جيد "ربما علينا في نهاية المطاف استخدام هيكلية مختلفة".
Twitter Post
|
وأثار ترامب مرارا مسألة الرسوم العالية التي تفرضها الصين على السيارات الأجنبية المستوردة، وخلال المفاوضات الأخيرة مع الرئيس شي جين ىبينغ عرض الأخير خفض معدل الرسوم من 25 إلى 15% .
وقالت حكومات اليابان والصين وكوريا الجنوبية إنها ستراقب الموقف، في حين أضافت بكين، التي تتطلع على نحو متزايد صوب الولايات المتحدة كسوق محتملة لسياراتها، أنها ستدافع عن مصالحها.
وقال قاو فينغ الناطق باسم وزارة التجارة الصينية خلال إفادة صحافية دورية في بكين اليوم الخميس ركزت بشكل كبير على ما إذا كانت الصين تحرز تقدما في نزاعها التجاري مع واشنطن، إن "الصين تعارض إساءة استخدام بنود الأمن القومي، التي ستدمر بشكل خطير الأنظمة التجارية متعددة الأطراف وتعطل النظام الطبيعي للتجارة العالمية".
وأضاف "سنتابع عن كثب الموقف في إطار التحقيق الأميركي وسنجري تقييما كاملا للأثر المحتمل وسندافع بحزم عن مصالحنا المشروعة". وجاء نحو ثلث واردات الولايات المتحدة من السيارات العام الماضي من آسيا.
وتأتي التهديدات الأميركية بفرض رسوم على واردات السيارات بعد قرار البيت الأبيض في آذار/مارس فرض رسوم جمركية تبلغ نسبتها 25 % على الفولاذ و10% على الألمنيوم المستوردَين من شركاء واشنطن التجاريين.
وتقدمت دول عدة، بينها الهند وروسيا واليابان، باعتراض إلى منظمة التجارة العالمية بينما أعفي الاتحاد الأوروبي من هذه الرسوم حتى الأول من حزيران/يونيو.
وكانت الصين قد تقدمت بشكوى لدى المنظمة ضد مبدأ الأمن القومي الذي كان وراء زيادة الرسوم الأميركية على الصلب والألومنيوم.
وعبرت المفوضة الأوروبية للتجارة سيسيليا مالمستروم الثلاثاء عن مخاوفها من أن يكون اقتراحها التجاري لردع الولايات المتحدة عن فرض رسوم "غير كاف".
وكانت الولايات المتحدة والصين أعلنتا في بيان مشترك، السبت، التوصل إلى اتفاق للحد من العجز الأميركي في المبادلات مع الصين.
وتضمن الاتفاق زيادة الصين لمشترياتها من السلع والخدمات الأميركية، فضلًا عن زيادة كبيرة في الصادرات الأميركية إلى الصين في قطاعي الزراعة والطاقة.
ويطالب البيت الأبيض بخفض العجز بما يقارب 200 مليار دولار مع العملاق الآسيوي، إذ بلغ العجز التجاري الأميركي مع الصين العام الماضي نحو 375 مليار دولار.
(فرانس برس، رويترز، العربي الجديد)