تُنذر الأجواء التي سادت أولى جلسات لجنة المال والموازنة النيابية في بيروت اليوم الإثنين، بتأخير إضافي قد يطرأ على إحالة مشروع الموازنة العامة لسنة 2019 إلى الهيئة العامة لمجلس النواب اللبناني من أجل إقرارها، وذلك بسبب الانقسامات السياسية المستجدة.
وانطلقت في مجلس النواب ورشة الموازنة، في جلسات متتالية تعقدها لجنة المال والموازنة، حيث استمعت اليوم الاثنين لوزير المالية، علي حسن خليل، للوقوف على رؤيته في ما يتعلق بـ"فذلكة" مشروع قانون الموازنة العامة والموازنات الملحقة.
رئيس اللجنة النائب إبراهيم كنعان، أكد، بعد الجلسة، "أننا مع إقرار الموازنة في موعدها الدستوري لأن التأخير فيها وتجاوز السنة المالية يسمحان للحكومة بإنفاق ما صرفته وتنتفي مع ذلك الحاجة إليها".
ولفت إلى أن "وزير المالية أعلن إحالة قطع الحساب إلى ديوان المحاسبة، لكن مشروع القانون لم تتم إحالته حتى اليوم إلى المجلس النيابي كما يفرض الدستور والقانون".
واستغرب كنعان عدم إحالة قطوعات الحسابات كمشاريع قوانين من الحكومة إلى مجلس النواب حتى الساعة، مشيراً إلى أن "عدم إحالة مشاريع قوانين الحسابات المالية يضعنا أمام مشكلة دستورية بعدم إمكانية نشر الموازنة، وهو ما لا نريده".
ورأى أنه "لا يجوز الاستمرار بسياسة التوظيف المعتمدة، وسيكون هناك إصلاح من قبل لجنة المال لوقف الاستثناءات التي كانت تستخدم لتخطي القوانين"، مؤكداً أن "الإصلاح البنيوي يكون في هيكلية الموازنة، والرؤية الاقتصادية كان يجب بحثها قبل وضع الموازنة".
وأعلن كنعان "أننا سنبدأ في جلسة بعد الظهر الفصلين الأول والثاني، اللذين يتضمنان المواد القانونية الأساسية من الموازنة".
وشدد على "أننا نتحمل مسؤولياتنا لإنتاج موازنة في أقرب فرصة تتضمّن أكبر قدر من الإصلاح والمساواة، إذ إن هناك أموراً بحاجة إلى معالجة، ومهمّتنا ليست سهلة والعمل جِدّي".
وأكد كنعان "أننا لن نقبل بإحالة قطع حساب العام 2017 فقط، بل نريد قطوعات الحسابات التي لم تقر عن السنوات الماضية، وكرئيس لجنة لا أسير بأي تسوية على حساب الدستور والقانون".
وبحسب جدول الاجتماعات المُنتظرة هذا الأسبوع، ستعقد اللجنة جلستين يوميًا قبل الظهر وبعده أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة.
رئيس الجمهورية يخرق "التقشّف" الإنساني
بموازاة ذلك تابع رئيس الجمهورية، ميشال عون، مسألة الصعوبات المالية التي تواجه عددا من المؤسسات الإنسانية التي تُعنى بالأطفال وذوي الحاجات الخاصة، والتي أدّت إلى إعلان إحداها الإقفال.
واتصل عون بوزير المالية وعرض معه المعاناة التي تواجه هذه المؤسسات، وتقرّر أن يُصار إلى دفع جزء من المساهمات التي تقدّمها الدولة لهذه المؤسسات خلال الأيام القليلة المقبلة، على أن تُستكمل عملية الدفع في وقت لاحق وفق الإمكانات المتوافرة.
السيّد: تجميع أموال من دون أفق
من جهته، رأى النائب جميل السيّد أن "الموازنة عبارة عن تجميع للـ"مصاري" من دون أفق".
وخلال مؤتمر صحافي عقده في مجلس النواب اليوم، شدّد السيّد على أن "هذه الدولة تسرق بطريقة منظّمة وممنهجة، وقد دعسوا القانون والدستور والأخلاق والناس، ولم يعد هناك نصوص تحترم في الدولة إلا إذا وصلت إلى تسويات".
فادي كرم: ضرورة إسقاط منظومة الفساد
بدوره، غرّد أمين سر "تكتل الجمهورية القوية"، النائب السابق فادي كرم، عبر حسابه على "تويتر"، قائلاً: "كما أسقط موظّف في الخزانة الأميركية إمبراطوريات مافيوية أميركية كبرى، فلتكن اللجان البرلمانية اللبنانية اليوم هي هذا الموظّف الذي سيُسقط منظومة الفساد اللبنانية، قوموا بكل ما تستطيعون لكشف الفساد بدءًا من التوظيف غير القانوني المُباشر والمُقنّع، والتوظيف المحاصصاتي المخّرب".
Twitter Post
|
حراك القضاة وأساتذة الجامعة اللبنانية
إلى ذلك، لا تزال البنود التقشفية في الموازنة موضع اعتراض من القضاة وأساتذة "الجامعة اللبنانية" (الحكومية).
فقد قرر قضاة لبنان الاستمرار في الاعتكاف في كل قصور العدل والمحاكم، نتيجة استهداف السلطة السياسية صندوق تعاضد القضاة ومكتسباتهم المالية.
وعقد القضاة جمعية عامة قبل ظهر اليوم الإثنين في "قصر عدل بيروت"، تخللته كلمة للرئيس الأول لمحاكم الاستئناف في بيروت، القاضي سهيل عبّود، دعا فيها إلى تعليق الاعتكاف موقتا.
وكانت مداخلات أخرى لعدد من القضاة أظهرت وجود تباين في المواقف بين مؤيد لاستمرار الاعتكاف ومعارض له، ثم لجأ الجميع إلى التصويت سراً لتنتهي النتيجة بأرجحية واضحة للمنادين باستمرار الاعتكاف، مع الإشارة إلى غياب عدد كبير من القضاة عن الجمعية.
وبلغ عدد القضاة المؤيدين لاستمرار الاعتكاف 142 قاضيا، مقابل 87 قاضيا صوتوا مع تعليق الاعتكاف والعودة إلى العمل.
كما عقد مجلس مندوبي رابطة الأساتذة المتفرغين في "الجامعة اللبنانية" اجتماعا استثنائيا بمن حضر، برئاسة الدكتور علي رحال وحضور الهيئة التنفيذية برئاسة رئيسها الدكتور يوسف ضاهر وفي حضور 103 مندوبين من أصل 165 مندوبا.
وأصدر المجلس بيانا أعلن فيه أنه "بعد افتتاح الجلسة وتلاوة جدول الأعمال، تطرق رئيس مجلس المندوبين إلى التحرك الحاصل وما أثمر لغاية تاريخه"، وأشار إلى "وجوب التفكير الجدي بمصلحة الجامعة والأستاذ والطالب بشكل متساو وبضرورة السعي لإنقاذ العام الجامعي الحالي".
ووضع رئيس الهيئة التنفيذية الحاضرين بمجريات التحرك واللقاءات المنعقدة مع المسؤولين خصوصا وزير التربية أكرم شهيب، وعرض ورقة "المطالب المحقة" للأساتذة في الجامعة اللبنانية، مؤكداً الاستمرار في التحرك لحين وصول الجواب الإيجابي من المعنيين وتحقيق المطالب.
بعدها، فتح باب النقاش، حيث أكد 23 مندوبا أحقية المطالب وضرورة الحفاظ على المكتسبات والحقوق والمتابعة لتحقيق المطالب.
وعند انتهاء النقاشات، طُرح موضوع السماح بتعليم جزئي وموضوع إعطاء الهيئة التنفيذية صلاحيات لتعليق الإضراب. وبعد المداولات والاطلاع على رأي رئيس الهيئة التنفيذية، اتُخذ القراران التاليان بشبه إجماع: الأول عدم السماح بتعليم جزئي، والثاني العودة إلى مجلس المندوبين بعد رد وزير التربية، لاتخاذ القرار بشأن تعليق الإضراب.