أسهمت جائحة فيروس كورونا، واستمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة للعام الرابع عشر على التوالي، في زيادة تعثر دافعي الإيجارات سواء البيوت أو حتى المحال التجارية نتيجة تداعيات الأزمة الاقتصادية الحاصلة.
وانعكست إجراءات الإغلاق التي اتخذتها الجهات الحكومية في غزة مطلع مارس/ آذار الماضي لمكافحة انتشار كورونا، على مجمل القطاعات الاقتصادية، ما أدى إلى تقليص الأعمال وزيادة أعداد المتعطلين، لا سيما في قطاعات المطاعم والتجارة.
وترتفع معدلات البطالة في القطاع بالأساس إلى نحو 45 في المائة، وفق بيانات الجهاز المركزي للإحصاء، وتصل النسبة في صفوف الشباب إلى 68 في المائة، في حين يعتمد أكثر من 80 في المائة من السكان على المساعدات الإغاثية المقدمة من الجهات الدولية والمانحة.
وبحسب تقديرات الاتحاد العام لعمال فلسطين في غزة، فإن أكثر من 40 ألف عامل في القطاع تضرروا في مختلف القطاعات العمالية، في حين كانت أعداد المتضررين في القطاع الصناعي وحده نحو 10 آلاف عامل خلال جائحة كورونا.
وقال مدير العلاقات العامة والإعلام في غرفة غزة التجارية ماهر الطباع، إن تأثيرات الجائحة والأزمة الاقتصادية التي يعانيها آلاف المواطنين كان لها آثر سلبي على مختلف القطاعات.
وأضاف الطباع في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "الكثير من المستأجرين لم يتمكنوا من تسديد التزاماتهم المالية نتيجة للظروف التي أعقبت إجراءات الطوارئ التي اتخذت قبل أكثر من شهرين، سيما المحال التجارية والمنشآت الاقتصادية".
وأوضح أن أبرز القطاعات التي تأثرت كانت المطاعم وشركات السياحة التي تعتمد بدرجة أساسية على الزبائن للوفاء بالتزاماتها المالية مثل الإيجارات والنفقات التشغيلية وهو ما فاقم أزمات وخسائر هذه المنشآت خلال الشهور الأخيرة.
وأشار الطباع إلى أن الكثير من العمال الذين يعملون بشكلٍ يومي في هذه المنشآت تضرروا كذلك نتيجة لهذه الأزمة إلى جانب الأزمات الاقتصادية التي تفتك بالقطاع الذي يرزح تحت الحصار الإسرائيلي المشدد منذ عام 2006.
ولفت إلى أن مالكي العقارات تضرروا بشكلٍ مباشر وغير مباشر نتيجة عجز المستأجرين عن سداد ما عليهم من التزامات إلى جانب حالة الركود التي يعيشها سوق العقارات في القطاع خلال العام الأخير.
ويوم الاثنين الماضي، حذّر البنك الدولي، من أنّ عدد الأسر الفلسطينية الفقيرة قد يتضاعف هذا العام، بسبب جائحة كورونا، التي تهدد المالية العامة والوظائف.
وقال البنك الدولي في تقريره: "حتى قبل تفشي وباء كوفيد-19، كان نحو ربع الفلسطينيين يعيشون تحت خط الفقر، أي 53% في قطاع غزة، و14% في الضفّة الغربية. بحسب التقديرات الأولية، سيرتفع عدد الأسر الفقيرة إلى 30% في الضفة الغربية، وإلى 64% في غزّة". ودعا البنك في تقرير سابق صدر في إبريل/نيسان الماضي، الدول المانحة والمجتمع الدولي إلى "تقديم دعم سخي ومساعدات تقنية، لمواجهة الأضرار الهائلة التي حلّت بالاقتصاد الفلسطيني نتيجة تفشي الفيروس".
وقال المنسق الأممي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف، إن "الصدمات السلبية للاقتصاد الفلسطيني، نتيجة الوباء، سيكون لها آثار عميقة على الرفاهية العامة، والعمالة، والتماسك الاجتماعي، والاستقرار المالي والمؤسسي".
وبحسب الباحث في الشأن الاقتصادي رائد حلس، فإن القطاع الاقتصادي الفلسطيني عانى من حالة شلل عام على مدار الشهور الثلاثة الماضية الأخيرة نتيجة الإغلاق شبه الكامل وما اتخذ من إجراءات شملت مختلف المنشآت الحيوية في القطاع.
وأضاف حلس لـ"العربي الجديد"، أن حالة التدهور الاقتصادي أسهمت بشكلٍ عام في زيادة الأعباء المالية التي يعاني منها الفلسطينيون وتحديداً في غزة.
وأشار إلى أن معدلات الفقر والبطالة وانعدام الأمن الغذائي واعتماد شريحة واسعة من السكان على المساعدات الإغاثية التي تقدمها المؤسسات الدولية مثل الأونروا وغيرها تعكس حالة التردي التي وصل إليها الواقع في غزة.
وأكد على ضرورة وجود تدخل حكومي من أجل دعم الأفراد والمؤسسات خصوصاً في ظل هذه الجائحة التي يبدو أنها لن تنتهي في المدى المنظور خصوصاً أن العالم ذاهب نحو قرار التعايش معها.