انحسر نموّ الطلب العالمي على النفط هذا العام إلى أبطأ وتيرة منذ الأزمة المالية سنة 2008، فيما ارتفعت الأسعار اليوم الجمعة، في الوقت الذي تلقت فيه بعض الدعم من توقعات بزيادة تخفيضات إنتاج أوبك، على الرغم من أن المخاوف بشأن النزاع التجاري الطويل الأمد بين الولايات المتحدة والصين تكبح المكاسب.
وفيما كشفت وكالة الطاقة الدولية أن صادرات إيران النفطية انحسرت الشهر الماضي إلى أسوأ مستوياتها منذ ثمانينيات القرن العشرين، بلغت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت، بحلول الساعة 6:46 بتوقيت غرينتش، 57.54 دولاراً للبرميل مرتفعة 16 سنتاً أو 0.3% مقارنة مع سعر التسوية السابقة.
كما سجلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 52.68 دولاراً للبرميل، مرتفعة 14 سنتاً أو 0.3% مقارنة مع سعر الإغلاق السابق، وفقاً لبيانات رويترز.
وارتفعت عقود خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط ما يزيد عن 2% يوم الخميس بفضل تقارير عن أن السعودية، أكبر مُصدّر للنفط في العالم، دعت منتجين آخرين لبحث التراجع في أسعار الخام في الآونة الأخيرة. لكن ما زالت أسعار النفط منخفضة ما يزيد عن 20% من ذرى بلغتها في إبريل/ نيسان.
واهتزّت الأسواق المالية العالمية على مدى الأسبوع الفائت، بعد أن قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه سيفرض رسوماً بنسبة 10% على المزيد من السلع الصينية ابتداءً من سبتمبر/ أيلول، وفي الوقت الذي أوقد فيه انخفاض اليوان مخاوف بشأن حرب عملات.
وذكرت "بلومبيرغ" أن واشنطن ترجئ قراراً بشأن تراخيص للشركات الأميركية، لاستئناف العمل مع "هواوي تكنولوجيز".
في غضون ذلك، قال مسؤول سعودي نفطي إن المملكة، أكبر منتج للخام في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، تخطط للإبقاء على صادراتها من النفط الخام عند أقل من سبعة ملايين برميل يومياً في أغسطس/ آب وسبتمبر/ أيلول، لإعادة التوازن إلى السوق والمساهمة في تقليص مخزونات النفط العالمية.
كما قال وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي، إن دولة الإمارات العربية المتحدة ستواصل دعم إجراءات لتحقيق التوازن في سوق النفط، مضيفاً أن لجنة المراقبة الوزارية المشتركة لأوبك والمنتجين غير الأعضاء بالمنظمة ستجتمع في أبوظبي في الثاني عشر من سبتمبر/ أيلول لمراجعة الوضع في سوق النفط.
وقالت وكالة الطاقة الدولية اليوم الجمعة، إن الدلائل المتزايدة على وجود تباطؤ اقتصادي وتصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، تسببا في نموّ الطلب العالمي على النفط بأبطأ وتيرة منذ الأزمة المالية العالمية في 2008.
وقالت الوكالة في تقريرها الشهري: "الوضع يزداد ضبابية... نموّ الطلب العالمي على النفط كان بطيئاً للغاية في النصف الأول من 2019".
وأوضحت الوكالة، ومقرها باريس، أنه عند المقارنة مع نفس الشهر من 2018، يكون الطلب العالمي قد انخفض 160 ألف برميل يومياً في مايو/ أيار، مسجلاً ثاني انخفاض على أساس سنوي في 2019.
وفي الفترة من يناير/ كانون الثاني إلى مايو/ أيار، ارتفع الطلب على النفط 520 ألف برميل يومياً مسجلاً أقل زيادة لتلك الفترة منذ 2008. وقالت الوكالة: "آفاق التوصل إلى اتفاق سياسي بين الصين والولايات المتحدة بشأن التجارة تدهورت. قد يؤدي هذا إلى تقلص النشاط التجاري ونموّ أقل للطلب على النفط".
وخفضت الوكالة توقعاتها لنموّ الطلب العالمي لعامي 2019 و2020 إلى 1.1 مليون برميل يومياً و1.3 مليون برميل يومياً على الترتيب، وأشارت إلى أن الصين هي المصدّر الوحيد الكبير للنموّ بمقدار 500 ألف برميل يومياً في النصف الأول من العام الجاري.
ولفتت إلى أن نموّ الطلب في الولايات المتحدة والهند بلغ 100 ألف برميل يومياً فقط، في الفترة من يناير/ كانون الثاني إلى يونيو حزيران. وقال التقرير: "التوقعات هشّة مع وجود احتمال أكبر لإجراء مراجعة بالخفض أكثر من المراجعة بالرفع".
في غضون ذلك، تسبب قيود الإمدادات التي تفرضها منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها، شحاً بالسوق وتلقى الدعم من تباطؤ الإنتاج من خارج المنظمة. لكن الوكالة تقول إن التوازن سيكون مؤقتاً، إذ إنها تتوقع نمواً قوياً للإنتاج من خارج أوبك في 2020 عند 2.2 مليون برميل يومياً، وتتنبأ بأن سوق النفط العالمية ستحظى "بإمدادات جيدة".
وتقول وكالة الطاقة الدولية، إن المخاوف الاقتصادية تطغى على العوامل الجيوسياسية، لكن سوق النفط ما زالت تتابع عن كثب التوترات بين الولايات المتحدة وإيران في الخليج، حيث تسببت العقوبات الأميركية على إيران في دفع صادرات طهران من النفط للخام للانخفاض في يوليو/ تموز بمقدار 130 ألف برميل يومياً إلى 400 ألف برميل يومياً، وهو أدنى مستوى منذ الثمانينيات.