وبخلاف أدوات الدين المحلية، تخطط حكومة السيسي لطرح سندات دولية في العام المالي الجاري، بجانب مفاوضات مع مؤسسات دولية للحصول على قروض أخرى.
ومن المنتظر أن تحصل مصر خلال العام الجاري 2018، على شريحة بقيمة 2 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، في إطار قرض بقيمة 12 مليار دولار على 3 سنوات.
ويبدأ العام المالي في مصر مطلع يوليو/ تموز، وينتهي بنهاية يونيو/حزيران من العام التالي.
إسراف في الاستدانة
أصدرت المالية المصرية أدوات دين بقيمة 371 مليار جنيه (20.8 مليار دولار) في الربع الأول من العام المالي 2017/2018.
وتستدين الحكومة المصرية، من خلال إصدار سندات وأذون الخزانة على آجال زمنية مختلفة؛ وتعتبر البنوك الحكومية أكبر المشترين لها، وذلك في إطار محاولات سد عجز الموازنة.
وبحسب مشروع الموازنة العامة، تنوي مصر إصدار أذون وسندات خزانة محليا بقيمة 511 مليار جنيه (28.7 مليار دولار) في العام المالي 2018/2019.
وأخيرا، أعلن البنك المركزي المصري، ارتفاع إجمالي الدين العام "المحلي" بنسبة 11.8% على أساس سنوي، إلى 3.414 تريليونات جنيه (191.7 مليار دولار) في 2017.
ويتوقع مشروع الموازنة المصرية أن يبلغ متوسط سعر الفائدة المستهدف على أدوات الدين الحكومية، في العام المالي 2018-2019، نحو 14.7 في المائة، مقابل 18.5 في المائة في العام المالي 2017-2018.
تكلفة الديون
الباحثة الاقتصادية أيات محمد (مصرية)، تقول إن التوسع في إصدار أدوات الدين (أذون وسندات)، يؤدي إلى "تفاقم تكلفة الدين على الموازنة العامة للدولة في الأجل القصير".
وتقدر الموازنة المصرية فوائد خدمة الدين، بنحو 541 مليار جنيه (30.3 مليار دولار)، لتمثل 10.3% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي 2018/2019.
وتعادل فوائد خدمة الدين، 39% من إجمالي المصروفات خلال العام المالي الجاري، وتزيد عن مخصصات 3 بنود، وهي: الأجور، وتعويضات العاملين، وشراء السلع والخدمات والاستثمارات.
وتضيف الباحثة الاقتصادية، للأناضول، أن التوسع في إصدار أدوات الدين، "يضغط في الأجل الطويل، على المدخرات وامتصاصها باستمرار، مما ينتج عنه مزاحمة تمويل الاستثمارات فضلا عن استمرار زيادة الدين العام للدولة".
وزادت: "ارتفاع أسعار الفائدة على الاستثمار في أذون الخزانة، يدفع البنوك إلى الاكتتاب فيها، ما يحمل مخاطر التحول من الاستثمارات في قطاع الإنتاج الحقيقي، إلى الاستثمار قصير الأجل من أجل العائد المرتفع".
تمويل الاستثمار
في السياق ذاته، تؤكد الباحثة الاقتصادية هدى سعيد (مصرية)، أن التمادي في إصدار أذون الخزانة لتمويل عجز الموازنة، يؤثر على الاقتصاد المصري.
وتضيف: "إذا استمر استغلال وتوظيف أدوات الدين في سد عجز الموازنة، وتمويل استيراد السلع الأساسية والاستراتيجية، فيؤدي ذلك لمزاحمة القطاع الخاص في تمويل الاستثمارات".
"مزاحمة الحكومة للقطاع الخاص في الحصول على موارد السيولة، والمدخرات المحلية المتاحة في الاقتصاد، وإضعاف قدرة البنوك التجارية على منح القروض، يؤدي إلى ضعف حجم الاستثمارات"، وفق سعيد.
ويقدر مشروع الموازنة، قيمة العجز الكلي بالموازنة بنحو 438.5 مليار جنيه (24.6 مليار دولار) في العام المالي الجاري، بما يعادل 8.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وتقول إن استثمارات الأجانب في أدوات الدين المصرية، "شديدة الحساسية لأي متغيرات خارجية أو داخلية، وسريعة الانسحاب من داخل البلاد لخارجها، ما يؤدي لضغط كبير على سعر صرف الجنيه وعلى الاحتياطيات الدولية".
وفي أعقاب ثورة 24 يناير/ كانون الثاني 2011، شهدت مصر خروج نحو 16 مليار دولار، ما أدى إلى تآكل الاحتياطي النقدي من 36 مليارا إلى نحو 20 مليار دولار.
وارتفعت استثمارات الأجانب في أدوات الدين المصرية منذ تعويم الجنيه، في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، من أقل من مليار دولار إلى أكثر من 23 مليار دولار في نهاية مارس/ آذار 2018، وفقا لبيانات وزارة المالية المصرية.
وارتفع العائد على أدوات الدين المصرية مؤخرا، بسبب خروج نحو 5 مليارات دولار، وفق تقديرات بنوك استثمار مصرية، في إطار موجة بيع عالمية في الأسواق الناشئة.
وكشفت بيانات معهد التمويل الدولي (مقره واشنطن) أن المستثمرين الأجانب باعوا سندات وأسهما بقيمة 12.3 مليار دولار في الأسواق الناشئة في مايو/ أيار الماضي.
مسارات إصلاح
وترى الباحثة هدى سعيد، أن الإصلاح الهيكلي للاقتصاد المصري، بتعديل بنيته الاقتصادية نحو الاهتمام بالصناعات التحويلية، وخلق فرص استثمارية إنتاجية مربحة، سيخفف من العجز المزمن في الموازنة العامة للدولة.
وقالت إن المسار الثاني، يتمثل في تمويل عجز الموازنة بالصكوك الإسلامية، التي تعتمد على آلية المشاركة في تمويل المشروعات الاستثمارية في الموازنة العامة.
أما المسار الثالث، فهو تطوير آلية الاستثمار في سوق الأوراق المالية، والاستفادة من الأرباح الناجمة في تمويل عجز الموازنة.
(الدولار= 17.80 جنيها)
(الأناضول)