الأزمات تحاصر صندوقاً يشجع الكويتيين على الاستثمار

22 ابريل 2017
الصندوق يقلص الطلب على الوظائف الحكومية (ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -
تجتهد الكويت منذ أعوام لتخفيف عبء توظيف المواطنين عن كاهل القطاع العام، خاصة بعدما بات بند الأجور والرواتب يستنزف وحده أكثر من نصف موازنة البلد الخليجي، ما دفع الحكومة لإنشاء صندوق يمول المشروعات الصغيرة والمتوسطة للمواطنين الراغبين في الاستثمار، غير أن ثمة أزمات تهدد هذه الهيئة الوليدة. 

وأنشأت الحكومة الكويتية، أخيرا، صندوق المشروعات الصغيرة والمتوسطة برأسمال يقدر بملياري دينار كويتي (6.5 مليارات دولار)، يختص بدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي يملكها ويؤسسها المواطنون الكويتيون، لإفساح المجال أمامهم في طريق الأعمال الخاصة، بدلا من الاعتماد على الوظائف التي توفرها الدولة.

ويشترط الصندوق أن يتكفل المبادر بـ20% من إجمالي قيمة المشروع، وذلك لضمان جديته، بينما يتكفل هو (الصندوق) بتمويل 80% من قيمة المشروع، بسقف قروض يصل إلى 500 ألف دينار كويتي (1.65 مليون دولار)، يتم تسديدها على عدة سنوات، مع فترة سماح تصل إلى ثلاث سنوات في حال تعطل المشروع.

غير أن تقارير ديوان المحاسبة في الكويت، الجهة الرقابية العليا على كافة مصروفات القطاعات الحكومية، تقول إن الصندوق لم يضع حتى الآن قواعد واضحة لصرف التمويلات الخاصة به من رأسماله البالغ ملياري دينار، كما أن هناك شبهات تحوم حول قيام إدارة الصندوق بتمويل مشروعات لم تقدم دراسات جدوى واضحة.

وقال أحد رواد الأعمال الكويتيين، مفضلاً عدم الكشف عن اسمه، "ليس كل ما يقال عن تسهيلات الصندوق صحيح، فالأمر لا يخلو من المحسوبيات ومن الوساطات للحصول على موعد للمقابلة من أجل المشروع، وهذا أمر يعلمه كل مبادر في الكويت".

وأضاف لـ"العربي الجديد"، أن إدارة الصندوق تصطدم كثيراً مع المبادرين في ما يخص إدارة مشروعاتهم، ما يحول الأمر إلى مهمة صعبة بالنسبة للمبادرين، مستدركا: "لكن المشروع في مجمله جيد، والأهم أنه يخلص المستثمرين الشباب من جشع البنوك وفوائدها الاستغلالية الكبيرة".

وقال وزير التجارة الكويتي، خالد الروضان، في معرض رده على سؤال برلماني سابق داخل مجلس الأمة، إن الصندوق يعاني بسبب عدم تعاون بعض الجهات الحكومية معه لتسهيل طبيعة عمله، خصوصاً في المشاريع الزراعية والصناعية، حيث ترفض هيئتا الزراعة والصناعة تقديم المزيد من الأراضي للمبادرين والمطورين، كما أن الطلبات التعجيزية التي تطلبها الوزارات الأخرى لإعطاء رخص تمرير المشروع تؤخر أوقات العمل بشكل كبير جداً.

ويهدف الصندوق إلى المساهمة في خلق فرص تجارية للكويتيين وزيادة نسبة مشاركة المشروعات الكويتية في الناتج المحلي للبلاد في ظل انخفاض أسعار النفط. كما يُشترط على المواطنين المتقدمين للصندوق أن يتفرغوا بشكل تام للمشروع وأن يقدموا استقالتهم من وظائفهم الأساسية إذا كانوا في القطاع الخاص.

بينما يُسمح لموظفي القطاع العام، وفق تعديل قامت به الحكومة أخيراً، بأخذ إجازة مدفوعة الأجر لمدة ثلاثة أعوام فقط، وإذا ما نجح المشروع فيتم إلزامهم بالاستقالة من وظائفهم وفق قانون ديوان الخدمة المدنية.

ويبدو أن الصندوق رغم الأزمات التي تواجهه، قد ساهم في تشجيع أعداد لا بأس بها من المواطنين على شق طريقهم نحو الاستثمار الخاص، بعدما وفّر لهم دعما ماليا قويا خارج دائرة المصارف.

ويقول أحمد جازي، رجل أعمال شاب، لـ"العربي الجديد": "نجحت في الحصول برفقة مجموعة من الأصدقاء، على تمويل من صندوق المشروعات الصغيرة والمتوسطة يرفع رأس مال مشروعنا التجاري الصغير المخصص لتجارة العطور ويؤهلنا لمزيد من التوسع وافتتاح مزيد من المعارض في أرجاء البلاد".

وأضاف: "الشروط سهلة وميسرة، لكن عقلية المواطن الكويتي التي تفضل الوظيفة على المغامرة هي التي بحاجة للتغيير، لأن الصندوق يعطيك الفرصة للمغامرة بدون عواقب أو قروض بنكية قد تتسبب بتدميرك في ما بعد".

ويعتبر الخبير الاقتصادي مهند الحمر، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "فكرة الصندوق مذهلة ونحن بحاجة لتكرارها بشكل أكثر تخصصا، بحيث تكون هناك تمويلات مخصصة للقطاع الزراعي مثلاً دون غيره لتنشيط الزراعة في البلاد، وتمويلات أخرى للقطاع اللوجيستي، وهكذا".

ويرى الحمر أن الكثير من الشباب الذي بدأ يتململ من الوظيفة الحكومية، يتوفر على مهارات تجارية جيدة، لكن ينقصه رأس المال، هذا ما وفّره الصندوق الذي يعتبر جهة حكومية تتكفل بتمويل هذه الأفكار. وأضاف أن الحكومة تعلم أن هناك أزمة تلوح في الأفق بسبب ميزانية الرواتب المتضخمة، واستثمار عدة مليارات بسيطة تنشط السوق وتقلل أعداد موظفيها، خير لها من الاستمرار كدولة ريعية.

وتخصص الحكومة قرابة 10.7 مليارات دينار (35 مليار دولار) لأجور القطاع العام، وهو رقم يمثل نحو 54% من الموازنة.
دلالات
المساهمون