كشف مسؤول بارز في وزارة المالية المصرية، عن أن حكومة بلاده تجري مباحثات مع صندوق النقد الدولي، لتعديل بعض بنود الاتفاق الموقع مع الصندوق، على رأسها إجراءات إلغاء دعم الطاقة، وكبح عجز الموازنة العامة للدولة.
وأبرمت مصر اتفاقاً مع صندوق النقد الدولي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، لتنفيذ برنامج اقتصادي، مقابل الحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار يُصرف على عدة دفعات على مدار ثلاث سنوات.
وقال المسؤول المصري في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، إن هناك بعض المتغيرات تدعو إلى تعديل الاتفاق مع صندوق النقد، موضحا: "نبحث مدى إمكانية إرجاء أو إطالة برنامج إلغاء الدعم بسبب الظروف الحالية".
وكان صندوق النقد قد حذر الحكومة من تأخير زيادة أسعار البنزين، خلال زيارة بعثته للقاهرة في الفترة من 25 أكتوبر/ تشرين الأول إلى 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، لإجراء المراجعة الثانية للاقتصاد المصري، والتي أسفرت عن موافقة المجلس التنفيذي للصندوق عن صرف الشريحة الثالثة من القرض، بقيمة 2 مليار دولار، ليصل إجمالي ما حصلت عليه مصر إلى نحو 6.08 مليارات دولار.
وعاد الصندوق وأكد في تقرير نشره على موقعه الإلكتروني، أمس الثلاثاء، على "ضرورة القضاء على معظم دعم الوقود"، مشيرا إلى أن الأغنياء هم من يستفيدون منه بشكل أساسي، وذلك من أجل حماية الموازنة العامة من مخاطر تقلبات سعر البترول العالمي، وتوجيه الإنفاق للفئات الأكثر احتياجاً.
لكن المسؤول في وزارة المالية المصرية قال: "هناك بعض المتغيرات الخارجة عن إرادة الحكومة"، موضحا: "نقترح أن يتم التخارج من الدعم (إلغاؤه) على مرحلتين، بحيث تكون الزيادة المقررة فى يوليو/ تموز المقبل محدودة منعاً لارتفاع معدل التضخم مجددا".
وأشار إلى أنه كان من المتوقع ألا تتجاوز أسعار النفط العالمية 60 دولاراً للبرميل، لكنها حالياً تقترب من نحو 70 دولاراً، وسط توقعات بزيادتها مستقبلاً.
وأقدمت الحكومة على رفع أسعار الوقود مرتين بنسب كبيرة، منذ إبرام اتفاقها مع صندوق النقد، جاءت الأولى في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، بنسب تراوحت ما بين 30% و47%، والثانية في 30 يونيو/حزيران 2017 بنسب تصل إلى 55%.
وقفز معدل التضخم في مصر إلى 30.7% خلال 2017، مقارنة مع 23% في 2016. وبدأ التضخم موجة من الصعود المتسارع منذ تحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، بناء على مطالب صندوق النقد.
وسجل التضخم مستوى قياسيا في يوليو/ تموز 2017 عند 34.2%، لكنه تراجع تدريجياً اعتباراً من أغسطس/ آب وفق البيانات الحكومية.
وقال الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، في بيان في وقت سابق من يناير/كانون الثاني الجاري، إن معدل التضخم تراجع إلى 22.3%، في ديسمبر/كانون الأول 2017، مقابل 26.7% في الشهر السابق له، بينما يشكك خبراء اقتصاد في شفافية هذه المؤشرات.
وبحسب المسؤول في وزارة المالية ، فإن مصر طرحت أيضا تعديلات في بنود الاتفاق مع صندوق النقد، تتعلق بالسيطرة على عجز الموازنة العامة للدولة، مشيرا إلى تغير مسار العجز، حيث كان من المقرر النزول به إلى 9% العام المالي الماضي المنقضي بنهاية يونيو/حزيران 2017، إلا أن الإجراءات الاقتصادية وتعويم العملة رفع العجز فى الموازنة إلى 10.9%، وتسبب ارتفاع أسعار النفط عالمياً في تغير توقعات الحكومة للعجز في الموازنة الحالية إلى 9.5% بدلا من 9%.
وأضاف: "البرنامج الاقتصادي مع الصندوق ليس معصوماً، وتحدثنا حول أن هناك متغيرات خارجة عن إرادة الحكومة، أهمها ارتفاع سعر النفط وأثره على باقي أسعار السلع المستوردة، الأمر الذي سيرفع حجم العجز بالموازنة".
ويتضمن برنامج صندوق النقد، إلغاء الحكومة دعم الوقود خلال العام المالي المقبل 2018/2019، وزيادة أسعار الخدمات والرسوم، وتحرير سعر الصرف، وفرض المزيد من الضرائب، أهمها ضريبة القيمة المضافة، وضريبة الدمغة على تعاملات البورصة وتقليص عدد العاملين في الحكومة.
وبحسب البرنامج، فإن هذه الإجراءات من شأنها كبح عجز الموازنة والدين العام، إلا أن المؤشرات الرسمية تظهر استمرار عجز الموازنة عند مستوياته المرتفعة، بل وقفز الدين العام الداخلي والخارجي إلى مستويات غير مسبوقة.
ووفق وزير المالية عمرو الجارحي، خلال لقاء إعلامي على إحدى القنوات الفضائية المصرية، في وقت سابق من يناير/كانون الثاني الجاري، فإن الدين الخارجي وحده وصل إلى 81 مليار دولار.
وتشير تصريحات الوزير المصري إلى أن الدين الخارجي قفز بنسبة 35% في عام واحد، منذ إبرام الاتفاق مع صندوق النقد، حيث لم يكن يتجاوز 60 مليار دولار، في سبتمبر/أيلول 2016، أي قبل شهرين من الاتفاق.