المصادر قالت في تصريحات صحافية، تناقلتها أكثر من وسيلة إعلام مصرية، إن أعلى سعر للمرحلة الثالثة في مشروع دار مصر للإسكان الاجتماعي تخطى 10 آلاف جنيه (حوالي 560 دولاراً تقريباً) في مدينة الشيخ زايد، وأقل قليلا في القاهرة الجديدة، بينما سجل أقل سعر متر في المرحلة الجديدة من المشروع 5650 جنيهاً مصرياً (حوالي 316 دولارا).
وأوضحت المصادر أن "الأسعار تم وضعها بناءً على تسعير اللجنة العقارية الرئيسية خلال جلسة عُقدت في 12 يونيو/ حزيران الجاري".
يُشار إلى أنه تم طرح المرحلة الأولى من مشروع "دار مصر للإسكان المتوسط" على 13296 وحدة سكنية في 8 مدن جديدة هي "أكتوبر والقاهرة الجديدة والشروق والعبور والعاشر من رمضان وبدر ودمياط الجديدة والسادات"، في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، وسجل أعلى سعر متر حينها 4250 جنيها مصريا (تعادل 238 دولارا)، بينما سجل أقل سعر للمتر حينها في مدينتي بدر والسادات 2550 جنيها (تعادل 143 دولارا).
أما المرحلة الثانية من المشروع ذاته، فقد تم طرحها في أغسطس/ آب 2015، واشتملت على 25032 وحدة سكنية في 12 مدينة جديدة، هي "أكتوبر والشيخ زايد و15 مايو ودمياط الجديدة والشروق والعبور وبدر والعاشر من رمضان والسادات والقاهرة الجديدة والمنيا الجديدة وبرج العرب"، ولم تختلف أسعار الوحدات عن المرحلة الأولى.
تجدر الإشارة إلى تأخر وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية نحو عامين عن طرح المرحلة الثالثة لمشروع دار مصر للإسكان المتوسط، إذ كان من المقرر طرحها قبل قرار تعويم سعر العملة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016.
لكن الوزارة ماطلت في إعلان الطرح، وجاء التعويم وأخل بموازين السوق والأسعار، ما اضطر الوزارة لاستحداث مشروع سكني جديد كلية سموه "سكن مصر" ومشروع سكني بين مشروعات الإسكان الاجتماعي والمتوسط.
وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية كانت قد أعلنت طرح 40 ألف وحدة سكنية كمرحلة أولى من مشروع سكن مصر في سبتمبر/ أيلول 2017 في مدن القاهرة الجديدة و6 أكتوبر والعبور وبدر ودمياط الجديدة والمنيا الجديدة، وسجل أعلى سعر متر للوحدة في التجمع الخامس 5 آلاف جنيه (280 دولارا تقريبا).
ثم طرحت الوزارة 8928 وحدة سكنية ضمن المرحلة الثانية من مشروع "سكن مصر"، في مايو/ أيار 2018، وسجل أعلى سعر متر بها 6650 جنيها تعادل 372 دولارا، أي بزيادة 1700 جنيه في سعر المتر، على الرغم من أن المرحلة الثانية من مشروع سكن مصر هي الوحدات المتبقية التي لم يتم حجزها من المرحلة الأولى من المشروع ذاته.
ويرى مراقبون أن خسارة الحكومة في المراحل الأولى لمشروعي دار مصر وسكن مصر، كانت السبب الرئيسي في رفع أسعار المتر بهذا القدر في المراحل الجديدة، لا سيما بعد قرار تعويم العملة، وتوقف المشروعات لفترات طويلة بسبب غلاء أسعار مواد البناء.
لكن هذه الزيادة المبالغ فيها ستؤدي إلى خروج نسبة كبيرة من وحدات تلك المشروعات من مبادرة التمويل العقاري التابعة للبنك المركزي، التي تمنح قروضا بفترات سداد تصل إلى 15 عاما بفائدة قدرها 8.5%.
وكان البنك المركزي قد أطلق مبادرة للتمويل العقاري في فبراير/ شباط 2014 تمثلت في طرح 10 مليارات جنيه لمدة 20 سنة بأسعار مخفضة للبنوك لتقوم بإعادة إقراضها للمواطنين.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2017 زِيد حجم المبادرة إلى 20 مليار جنيه، ويعمل فيها نحو 20 مصرفا وشركة تمول الوحدات السكنية المسجلة كاملة التشطيبات.
وخروج وحدات تلك المشروعات من مبادرة التمويل العقاري، نتيجة تخطي سعر الوحدة حاجز المليون ونصف المليون جنيه، يعني أن الحاجزين ستنطبق عليهم شروط التمويل العادية بأسعار الفائدة المرتفعة في بقية البنوك المصرية.
وكان صندوق الإسكان الاجتماعي ومجلس إدارة صندوق التمويل العقاري التابعان لوزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة، قد أعلن في مايو/ أيار الماضي، أنه سيُعاد النظر ودراسة سعر الوحدة السكنية ضمن مبادرة البنك المركزي، الخاصة بالتمويل العقاري، وأن المبادرة تتضمن حالياً الحصول على قرض بفائدة تصل إلى 7% بالنسبة للوحدات التي تراوح قيمتها بين 150 و250 ألف جنيه، و8% للوحدات التي تصل قيمتها إلى 950 ألف جنيه، وبالنسبة لوحدات الإسكان فوق المتوسط، تبلغ نسبة الفائدة 10.5% للوحدات التي تتخطى قيمتها مليون جنيه.
رئيسة صندوق الإسكان الاجتماعي ورئيسة مجلس إدارة صندوق التمويل العقاري، مي عبد الحميد، قالت في بيان صحافي "إن دراسة زيادة سعر الوحدة في مبادرة التمويل العقاري، جاءت بعد ارتفاع أسعار المواد الخام التي أثرت على أسعار الوحدات السكنية".
ومع هذا يؤكد مطورون عقاريون وخبراء في التمويل العقاري أن الأسعار المسربة لسعر المتر في المرحلة الثالثة لمشروع دار مصر للإسكان المتوسط أقل من القيمة الحقيقية التي ستطرحها الوزارة، وأن إلقاء تلك الأرقام لوسائل الإعلام قبل الإعلان رسميا عن طرحها جاء من منطلق "جس نبض السوق" قبل الإعلان الرسمي من الوزارة.
هذه التوقعات تدعمها وجهات نظر بشأن ارتفاع أسعار المتر في القاهرة الجديدة والشيخ زايد، خلال الأشهر القليلة الماضية، وادعاء الوزارة أنها تحقق هامش ربح بقيمة 20% فقط من أسعار الوحدات في تلك المشروعات، مقابل تحقيق المشروعات السكنية الخاصة للمستثمرين وشركات التطوير العقاري بنسب تصل إلى 200% من قيمة الوحدة، في ظل تزايد كبير جدا في الإقبال على شراء العقارات باعتبارها وعاء ادخاريا آمنا في مصر.
فقد حقق مؤشر عقارماب مصر رقما قياسيا خلال إبريل/ نيسان الماضي، لتصل قيمته إلى 3382 نقطة، وهي أعلى قيمة تم رصدها تاريخياً، وهذا الرقم القياسي يدل على زيادة الطلب على العقارات في السوق المصري خلال الفترة الأخيرة، وكانت هذه الزيادة بنسبة 7% بالمقارنة مع مارس/ آذار 2018.