حكومة أخيرة لبوتفليقة في مواجهة الشلل الاقتصادي

03 ابريل 2019
عوائق تواجه الحكومة الجديدة وسط تواصل الحراك(بلال بن سالم/Getty)
+ الخط -

 

 

جاءت حكومة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الأخيرة، قبل 4 أسابيع من انتهاء عهدته الرابعة، لتسدّ بذلك فراغا حكوميا دام 20 يوما، وأثّر سلباً على مختلف القطاعات الاقتصادية والمعيشية، وليتم الإعلان بعد ذلك عن قرب رحيله عن طريق الاستقالة، امتثالا لاقتراح المؤسسة العسكرية، حسب مراقبين لـ"العربي الجديد".

وتضم حكومة "تصريف الأعمال" التي شكّلها رئيس الوزراء الجديد، نور الدين بدوي، 27 وزيرا، بدلا من 32 وزيرا في الحكومة السابقة، 6 أسماء منهم من حكومة أحمد أويحيى.

وكانت عدة قطاعات اقتصادية قد مسّها الشلل بسب الفراغ الحكومي الذي عاشته الجزائر منذ 11 مارس/آذار الماضي، وهو تاريخ استقالة حكومة أويحيى، حيث تجمدت العديد من عمليات الاستيراد والمشاريع بسبب غياب التمويل الحكومي، وهو ما يجعل الحكومة الجديدة في مواجهة ضغوط متزايدة لحلحلة أوضاع مختلف القطاعات الإنتاجية المتأزمة.

ويقول الخبير الاقتصادي، جمال نور الدين، إن "الظروف التي جاءت فيها حكومة بوتفليقة الأخيرة، تجعل التنبؤ بحصيلتها سابقا لأوانه وغير موضوعي، والحكم عليها ميدانيا صعبا بل ومستحيلا، كما أننا لا ندري كم ستبقى هذه الحكومة في ممارسة مهامها".

وحسب توقعات نور الدين، لـ "العربي الجديد"، فإن "حكومة بدوي ستكتفي بتسيير الملفات المفتوحة، خاصة في الجانب الاقتصادي، من خلال ضبط الإنتاج الزراعي، ومراقبة الأسواق التجارية والملفات التي تهم المواطن مباشرة، ثم تسيير الملفات التقنية في الدرجة الثانية، إلا أن حكومة تصريف الأعمال لا يمكن أن ننتظر منها أن تقدم حلولا لمشاكل عجزت حكومات سابقة عن حلها."

وشهدت بعض القطاعات الاقتصادية في الجزائر اضطرابات في تسيير عملها، منذ بداية الحراك الشعبي قبل أكثر من شهرٍ، فكثير من المشاريع الحكومية تنتظر التمويل، وشركات خاصة تشكو من تأخر تسلّم مستحقاتها من الدولة، فيما يتهرب المسؤولون من تحمّل أوزار التوقيع، خاصة في ظل امتداد الفراغ الحكومي.

وبدأ الشلل يصيب العديد من المشاريع التي أطلقتها الحكومة الجزائرية السابقة، وخصصت لها تمويلاً في الموازنة الحالية.

وحملت حكومة نور الدين بدوي، أسماء جديدة "تكنوقراطية" غير معروف معظمها لدى الجزائريين، ومسّت رياح التغيير الوزارات الاقتصادية، حيث تم تعيين وزراء جدد في المالية، الطاقة، الصناعة، الأشغال العمومية، بالإضافة إلى الزراعة، فيما احتفظت التجارة والسياحة بالأسماء القديمة.

وفي وزارة المالية، تم تعيين محافظ بنك الجزائر، محمد لوكال، خلفا لعبد الرحمن راوية، الذي شغل المنصب منذ 2016. وكان لوكال قد عُين على رأس بنك الجزائر المركزي منتصف 2016، وقبلها شغل منصب مدير بنك الجزائر الخارجي (بنك عمومي). وفي وزارة الطاقة، خلف محمد عرقاب، مصطفى قيطوني. وشكلت الصناعة الاستثناء في القطاعات الاقتصادية، بعد تعيين امرأة على رأس هذه الوزارة لأول مرة منذ استقلال البلاد في 1962، وهي جميلة تمازيرت.

كما عُين مصطفى كورابة لتسيير وزارة تضم قطاعين هما الأشغال العامة والنقل. ويُعد كورابة ابناً لقطاع الأشغال، حيث شغل منصب مدير جهوية للأشغال العامة في 6 محافظات جزائرية، قبل أن يتحول إلى قطاع النقل ويعين مديرا عاما لشركة "مترو الجزائر" منذ 2015. وقطاع الزراعة هو الآخر عرف تغييرا في اسم الوزير الذي سيسير القطاع خلفا لعبد القادر بوعزقي، حيث تم تعيين شريف عماري، مدير ضبط الإنتاج الزراعي سابقا.

وفي المقابل، استطاع السعيد جلاب الحفاظ على مكانه كوزير للتجارة الذي عُين فيه منتصف 2017، ونفس الشيء بالنسبة لقطاع السياحة الذي احتفظ بوزيره عبد القادر بن مسعود، الذي جاء على رأس القطاع، في شهر أغسطس/آب 2017، وقبلها كان والياً على عدة محافظات في غرب وجنوب الجزائر.

وتأتي حكومة تصريف الأعمال في مرحلة دخل فيها الحراك الشعبي مرحلة "الحسم"، وطاول رفض الجزائريين الحكومة الجديدة بسبب رئاسة بدوي لها، والذي يراه الشعب امتدادا لنظام بوتفليقة، بالإضافة إلى طريقة تشكيلها.

وفي هذا السياق، يقول أستاذ العلوم الاقتصادية في جامعة الجزائر وأحد رموز الحراك الشعبي، فارس مسدور، إن "حكومة نور الدين بدوي جاءت من أجل التمهيد لاستقالة بوتفليقة وملء فراغ "دستوري"، أكثر منها حكومة حل لأزمة سياسية ضخمة تعيشها البلاد".

وأضاف الخبير، الذي رشّحه شباب من الحراك ليكون من بين ممثلي الشعب، لـ "العربي الجديد"، أن "الحكومة من حيث الشكل والمضمون مرفوضة، وسترون يوم الجمعة المقبل حجم الغضب الذي ستخلفه في نفوس الجزائريين. كنا ننتظر حكومة تمثل الجزائريين، إلا أننا وجدنا أنفسنا أمام حكومة فيها أسماء سبق وأن خدموا نظام بوتفليقة، سواء كإداريين أو مديري شركات كبرى".

المساهمون