وقف دونالد ترامب بالمرصاد لشركة هواوي الصينية وفرض عليها عقوبات قاسية عندما وجد أنها تهدد الأمن القومي الأميركي وأنها تمثل خطراً أمنياً وعسكرياً للبلاد، خاصة مع اتهام الشركة بالتجسس لصالح الحكومة الصينية.
ولو أرادت الصين سحب أكثر من 3 آلاف مليار دولار مستثمرة لها في البنوك وأدوات الدين الأميركية ستواجه بالرفض من قبل واشنطن بحجة أن ذلك يمثل تهديداً للأمن القومي الأميركي، وقد رفضت السلطات الأميركية مرات عدة السماح لشركات أجنبية بإدارة موانئ حيوية والاستحواذ على كيانات استثمارية كبرى بحجة تهديد الأمن القومي.
وفي منتصف شهر مارس 2018 أوقف ترامب عملية استحواذ شركة "برودكوم" السنغافورية المتخصصة بتصنيع الرقائق الإلكترونية على شركة "كوالكوم" الأميركية المتخصصة في نظم الاتصالات، بسبب مخاوف قال إنها تتعلق بالأمن القومي، رافضا بذلك أكبر صفقة استحواذ في تاريخ صناعة التقنية.
وكذلك فعلت دول أوروبية كبرى، منها بريطانيا وألمانيا وفرنسا، عندما رفضت استحواذ أجانب على شركات محلية عملاقة بحجة أن ذلك يتعارض مع متطلبات الأمن القومي، كما أن العديد من دول العالم، بما فيها الأفريقية، رفضت السماح لشركات بإدارة موانئها وبيع شركاتها الاستراتيجية حماية للأمن القومي.
ويبدو أن الحكومة المصرية الحالية لم تستفد من تجارب الماضي، ولذا تكرر نفس الأخطاء التي وقعت فيها حكومات ما قبل ثورة 25 يناير 2011، مثلاً في عهد نظام حسني مبارك أقدمت الحكومات المتعاقبة، خاصة حكومتي عاطف عبيد وأحمد نظيف، على بيع قطاعات استراتيجية للأجانب، منها مثلاً مصانع الحديد والصلب والإسمنت والأسمدة والأدوية والبتروكيماويات، كما امتدت عملية البيع لقطاع آخر أكثر حساسية وهو القطاع المصرفي، حيث استحوذ الأجانب على حصة كبيرة منه عبر شراء العديد من البنوك.
ولم تكتف حكومات مبارك ببيع هذه القطاعات، بل أطلقت برنامجاً شاملاً سمته "الخصخصة"، وتم من خلاله التفريط في أصول شركات قطاع الأعمال العام مقابل سداد ديون محلية مستحقة للبنوك، وبيع مئات الشركات الناجحة مقابل سداد ديون متعثرة لعب الفشل الحكومي المتواصل في إدارة ثروات الدولة دوراً في تراكمها.
والنتيجة النهائية انتقال هذه القطاعات الحساسة لأيدي الأجانب، وهو ما خلق نوعاً من الممارسات الاحتكارية في عهد مبارك حيث تحكمت شركات أجنبية يدعمها رجال أعمال لهم علاقات قوية بالسلطة الحاكمة في احتكار سلع استراتيجية بالنسبة للمواطن.
الآن، تقدم الحكومة على خطوة أخطر وهي بيع محطات الطاقة وشركات توليد الكهرباء، إذ كشف وزير الكهرباء محمد شاكر أمس عن تلقي عروض من شركات صينية وماليزية للاستحواذ على 3 محطات لتوليد الكهرباء مقابل سداد الديون المستحقة عليها.
الخطوة، إن تمت، ستفتح الباب على مصراعيه أمام زيادات متواصلة في أسعار الكهرباء سواء بالنسبة للمواطن أو قطاع الصناعة، وهو ما يفتح الباب أمام زيادات في أسعار كل السلع خاصة وأن الكهرباء عنصر مهم في تكلفة الإنتاج.