وكشف العثماني، في اجتماع لحزب العدالة والتنمية، الذي يقوده، أمس السبت، عن رغبته في استئناف الحوار الاجتماعي مع الاتحادات العمالية، معبراً عن أسفه لعدم التمكن من توقيع اتفاق قبل أول مايو/ أيار الجاري.
وأشار إلى أن ما قدّمته الحكومة للاتحادات العمالية، من عرض حول تحسين الدخل والقدرة الشرائية للموظفين، ما زال قائماً، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنه إذا تعذر الوصول إلى اتفاق سيجرى تفعيل جزء من ذلك العرض عبر موازنة العام المقبل.
ويتجلى أنه إذا ما مضى العثماني في تنفيذ وعده هذا، فإن التدابير التي ينوي اتخاذها ستسري اعتباراً من أول يناير/ كانون الثاني المقبل، على اعتبار أن تقديم الموازنة يتم في العشرين من أكتوبر/ تشرين الأول من كل عام، قبل أن يصوت عليها البرلمان في ديسمبر/ كانون الأول.
وتأتي تصريحات رئيس الحكومة، أمس السبت، في سياق الدعوة إلى الحفاظ على القدرة الشرائية للأسر، خاصة أن جزءاً منها عبّر عن استيائه من ارتفاع الأسعار.
ولم تنجح حكومة سعد الدين العثماني في أول مفاوضات للحوار الاجتماعي منذ توليه الشؤون العامة، في الوصول إلى اتفاق مع الاتحادات العمالية، التي لم تقتنع بالعرض الذي قدم لها.
وعرضت الحكومة على الاتحادات العمالية زيادة في حدود 30 دولاراً موزّعة على مدى ثلاثة أعوام، لفائدة الموظفين الذين يتلقون أجوراً تقل عن 520 دولاراً في الشهر.
غير أن ذلك لم يقنع الاتحادات العمالية، التي طالبت بما بين 40 و60 دولاراً، مشددة على ضرورة أن تشمل هذه الزيادة جميع الموظفين، الذين لم يعد النظر في أجورهم منذ سبعة أعوام، داعية إلى الأخذ بعين الاعتبار تراجع القدرة الشرائية ومستوى التضخم.
ولم يحسم في تقديم منحة الولادة من 15 دولاراً إلى 100 دولار، ومنح تعويض للموظفين الذين يعملون في المناطق النائية في حدود 70 دولاراً، فضلاً عن تحسين شروط الترقي لفئة محدودة من الموظفين.
وسعى العثماني إلى إقناع الاتحادات العمالية بالوصول إلى اتفاق عبر الالتزام بتحمل نسبة 1% من مساهمات الموظفين في الصندوق المغربي للتقاعد في العام المقبل، إلا أن الاتحادات لم تستجب. فقد اعتبره عبد الإله حلوطي، الأمين للاتحاد الوطني للشغل، عرضاً هزيلاً، لا يلبّي الانتظارات.
ولم تنجح الحكومة سوى في اتخاذ قرار الزيادة في التعويضات العائلية بنحو 10 دولارات عن كل طفل، إذ يستفيد من ذلك 387.626 موظفاً بالإدارة العمومية، و68210 موظفين في الجماعات المحلية و129.000 مستخدم في المؤسسات العمومية.
وحاولت الحكومة في اللحظات الأخيرة من المفاوضات، إقناع الاتحادات العمالية بالتوقيع على اتفاق، تلتزم فيه بالزيادة في الأجور بشكل تدريجي، حسب مستوى التضخم، غير أنها لم تفلح في الحصول على مبتغاها.
ولا تهم التزامات الحكومة سوى الموظفين الحكوميين، بينما لم يقدّم رجال الأعمال أي مقترح بتحسين دخل أو الزيادة في الأجور لفائدة الأجراء، إذ دعوا الحكومة إلى تحسين الدخل عبر خفض الضغط الجبائي.
ولا يعرف إن كانت الحكومة ستعمد إلى إقناع رجال الأعمال بقبول الزيادة في الأجور وتحسين الدخل، بالموازاة مع التدابير التي وعد رئيس الحكومة بتضمينها في موازنة العام المقبل.
وينتظر أن تعبر الاتحادات العمالية عن رفضها لتضمن الموازنة تدابير لفائدة الموظفين، بعيداً عن اتفاق يفضي إليه الحوار الاجتماعي الثلاثي، الذي يشمل الحكومة ورجال الأعمال.
ويرى الخبير الجبائي، محمد الرهج، أن الحكومة يمكنها تحسين دخل الأسر عبر إعادة النظر في الضريبة على الدخل، التي تأتي 80 في المائة من إيراداتها من الأجراء.
ويذهب إلى أن دعم القدرة الشرائية للأسر ممكن إذا ما اختارت الحكومة إعفاء السلع والخدمات واسعة الاستهلاك من الضريبة على القيمة المضافة.