كورونا كارثة على العمال السوريين في تركيا

27 مارس 2020
أضرار بالغة لأصحاب المشروعات الصغيرة في تركيا (فرانس برس)
+ الخط -

 

مع زيادة انتشار فيروس كورونا حول العالم، اتخذت تركيا مثل باقي الدول لمواجهته العديد من الإجراءات، ومنها إيقاف الأنشطة الاقتصادية تدريجيا. ويخشى عشرات الآلاف من العمال السوريين اللاجئين من توقف العمل بشكل شبه كامل، ما سيشكل كارثة اقتصادية ومعيشية بالنسبة لهم، كون معظمهم يعيش على الدخل اليومي.

زاهر البش يعمل في ورشة تركية لتصنيع الأحذية تضم 20 عاملاً نصفهم من السوريين، أخبرهم صاحب الورشة بأنه سيتوقف طوعياً عن العمل، خوفاً من انتشار الفيروس بين العمال لحين انتهاء الأزمة، ما شكل أزمة من نوع آخر على جميع عمال الورشة.

يقول البش، في حديثه مع "العربي الجديد"، إن "طبقة العمال هي الأكثر تأثراً نتيجة الأزمة العالمية الحالية، ولا سيما نحن اللاجئين السوريين، فجميعنا من أصحاب الدخل اليومي أو الشهري المحدود، ولدينا أطفال وأسر وأعباء معيشية تترتب علينا بشكل يومي وشهري، وهذه الأعباء لا ترحم أبداً، وهي مستحقات يجب الإيفاء بها".

ويضيف: "باختصار، الوضع الحالي كارثي بالنسبة لنا، وربما سيكون أكبر في الأيام القادمة أمام شريحة أوسع من العمال، في حال قررت الحكومة توقيف معظم الأعمال بشكل رسمي".

ويدفع البش، ألف ليرة تركية (حوالي 155 دولاراً) إيجارا لمنزله في مدينة إسطنبول، ويتقاضى أجرا شهريا قدره 2500 ليرة (حوالي 370 دولاراً)، والذي فقده الآن بعد توقّف عمله، مع استمراره في دفع أجرة المنزل والفواتير (ماء، كهرباء، غاز) ومصاريف المعيشة.

وينوه إلى أن "معظم العمال السوريين في تركيا لا يمكنهم تحمّل التوقف عن العمل وانقطاع الدخل، أكثر من أسبوع في الحد الأقصى، وإلا فإن أطفالهم سيصبحون بلا طعام".

ويرى زاهر أن "على الدولة التركية إيجاد حلول لهذه الطبقة، سواء من السوريين أو الأتراك، وعلى رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال من السوريين في تركيا، الوقوف إلى جانب العمال".

وكان العديد من الملاك في تركيا بادروا بإعفاء المستأجرين من الإيجار لمدة تتراوح بين شهر و3 شهور. ويعيش في تركيا حوالي 3.8 ملايين سوري، حسب إحصاءات غير رسمية.

وربما تكون مشكلة عبدو الأحمد، وهو سوري يعمل في مصنع للألبسة في ولاية غازي عنتاب جنوبي تركيا، أخف وطأة عليه مادياً بالمقارنة مع زاهر، فقد خفض صاحب المعمل الذي يعمل به عبدو مع عديد العمال السوريين ساعات الدوام إلى النصف، ما يعني أن الدخل الذي يتقاضونه لقاء عملهم، سينخفض إلى النصف أيضاً.

ويشير عبدو، في حديثه لـ "العربي الجديد"، إلى أن موظفين من بلدية الولاية زاروا المعمل وطلبوا من صاحبه تخفيض ساعات الدوام، والعمل ضمن الحدود الدنيا، والاستعداد لتلقي خبر الإغلاق بشكل كامل في حال تفاقم الأزمة.

ويعمل الأحمد، كما باقي العمال في الورشة، بمردود مادي على القطعة التي ينتجها، ويجني أجراً يومياً بمعدل 70 ليرة (حوالي 9 دولارات)، لكن هذا الرقم سينخفض إلى النصف مع تقنين ساعات العمل. وبالتالي ستكون لديه مشكلة دفع المستحقات المترتبة عليه من إيجار المنزل 600 ليرة (حوالي 100 دولار) والفواتير الخدمية وغيرها من المصاريف، ما يعني أن لديه فجوة مادية لا يمكن ردمها في الوقت الحالي، مع استمرار الأزمة.

وخرجت العديد من الأصوات، من قبل ناشطين سوريين يقيمون في تركيا، بضرورة مساعدة هذه الشريحة الواسعة من السوريين في تركيا (العمال أصحاب الدخول المحدود)، بطرق مختلفة، إلا أن ضعف الإمكانيات لدى المنظمات، جعل الناشطين يشجعون على المبادرات الفردية، مثل كفالة عائلة بدفع إيجار المنزل من قبل قريب أو صديق ميسور، أو جمع وتوزيع بعض المساعدات.

الأمر الذي دفع الممثل السوري ثائر والي، الذي ينشط في مجال مساعدة اللاجئين السوريين في تركيا، إلى المبادرة مع أصدقائه وجمع تبرعات لتجهيز عدد من السلال الغذائية، وتوزيعها على عائلات المتضررين من توقف الأعمال في مدينة إسطنبول شمالي تركيا.

يقول ثائر عن مبادرته لـ"العربي الجديد"، إنهم قاموا بها لمحاولة تأمين جزء من المواد الغذائية لبعض العائلات التي عدد أفرادها كبير نسبياً ولديها أطفال، من الذين انقطع معيلها عن العمل.

وتواصلت "العربي الجديد" مع تمّام بارودي، مدير "المنتدى الاقتصادي السوري"، ومقره تركيا، لتسأله عن تأثير هذه الأزمة على العمالة السورية في تركيا، حيث رأى أن "الأزمة عالمية أدت إلى توقف الأعمال، أما بالنسبة للعمال السوريين الذين يعتمدون على الدخل اليومي، فهم ليسوا وحدهم في مهب العاصفة، وإنما أيضاً العمال الأتراك كذلك. أضف إلى ذلك، هناك شريحة من المتضررين من غير العمال، وهم أصحاب المشاريع الصغيرة، مثل الحلاقين والنجارين والحدادين وغيرهم من أصحاب المهن والمشاريع الصغيرة، وأنا أعتبر هؤلاء مشكلتهم أكبر من العمال، فلديهم إيجار للمحلات وضرائب للدولة والتزامات أخرى".

وحسب إحصاء لوزارة التجارة التركية في فبراير/شباط 2019، فإن عدد الشركات التي تضم شريكا سوريا واحدا على الأقل فيها يصل إلى 15.159 شركة.

وعلى صعيد الحلول، يرى بارودي أن الحل بالنسبة لأصحاب المشاريع الصغيرة، هو أن تقوم الدولة بتعويضهم. أما بالنسبة للعمالة، فلا أعتقد أن رجال الأعمال قادرون على تحمل العبء بمفردهم، والحل بيد المنظمات الدولية لتعويض العمال".

المساهمون