من هو جيروم باول الذي سيدير أهم بنك مركزي بالعالم؟

03 نوفمبر 2017
ترامب يختار باول لرئاسة الاحتياطي الفيدرالي (Getty)
+ الخط -
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ترشيحه لرجل القانون وعضو مجلس محافظي بنك الاحتياط الفيدرالي جيروم باول رئيساً للبنك لمدة أربعة أعوام، تبدأ في فبراير/ شباط من العام المقبل.

وجاء إعلان ترامب عن مرشحه لشغل أحد أهم المناصب في الإدارة الأميركية خلال مؤتمر صحافي عقد بالبيت الأبيض عصر الخميس في حديقة الورود rose garden.

ويتعين على باول الحصول على موافقة مجلس الشيوخ قبل تقلده المنصب الجديد، وعلى الأرجح فإن وزير المالية ستيفن منوشن كان له دور كبير في هذا الاختيار، كما أظهر ميتش ماكونيل، زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ، تأييده لباول، واصفاً إياه بأنه رجل مسؤول وواضح.

ووضع ترامب بذلك حداً للتكهنات التي سادت في الأسابيع الماضية، مفضلاً الاختيار الأسهل، والذي يراه البعض امتداداً للسياسات الحالية تحت رئاسة جانيت يالين، التي تنتهي ولايتها الأولى بحلول شهر فبراير/ شباط، ولكن بنكهة جمهورية، مع تقبل لقيود أقل على النظام المصرفي، وهو ما يحبذه ترامب. ولباول باعٌ طويل في الحزب الجمهوري، كما في القطاع المالي في الولايات المتحدة الأميركية.

ويختار رئيس الولايات المتحدة رئيس البنك الفيدرالي عادةً من بين أعضاء مجلس المحافظين، ويخدم لمدة أربع سنوات بعد التعيين، ويجوز التجديد له لعدة فترات متتالية. 

ولم تعرف الولايات المتحدة الأميركية رئيساً للبنك الفيدرالي في العقود الأربعة الأخيرة لم يتم التجديد له بعد نهاية فترة ولايته الأولى كما حدث مع يالين، والتي كانت أول امرأة تترأس البنك. 

وكثيراً ما تم التجديد في حالات انتمى فيها رئيس البنك الفيدرالي لحزب غير حزب رئيس الجمهورية، كما حدث مع آخر ثلاث رؤساء للبنك قبل يالين. وكان ويليام مارتن صاحب أطول مدة كرئيس للبنك الفيدرالي، حيث شغل المنصب من 1951 إلى 1970. 

فمن هو جيروم باول؟

على الرغم من كونه محامياً، إلا أن باول اكتسب خبرة كبيرة من العمل بوزارة الخزانة وقت

الرئيس بوش الابن، واكتسب خبرة إدارة الأزمات من معاصرته أثناء عمله بالوزارة للعديد من الكوارث التي حلت ببنوك كبيرة في ذلك الوقت، مثل بنكي نيو إنغلاند وسالومون براذرز.

كما شغل باول منصب محافظ بمجلس محافظي البنك الفيدرالي في عهد بن برنانكي، واجتهد بعدها في تعلم كل ما يرتبط بعلم الاقتصاد، كما يقول زملاؤه الذين عاصروه. ويعد باول أول رئيس للبنك الفيدرالي خلال العقود الأربعة الأخيرة من غير الحاصلين على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد، ومع ذلك فقد قال عنه بيتر هوبر، كبير الاقتصاديين ببنك دويتش، إن "فهمه للاقتصاد النقدي مبهر".

ودرس باول، البالغ من العمر 64 عاماً، العلوم السياسية في جامعة برينستون، ثم حصل على الدكتوراه في القانون من جامعة جورج تاون، والتحق بعدها بأحد بنوك الاستثمار في نيويورك. لكن النقلة النوعية كانت عند التحاقه بمجموعة كارليل للاستثمار عام 1997، حيث نجح في تكوين ثروة جيدة، قبل أن يتركها في 2005 ليعمل باحثاً في السياسات المالية بأحد مراكز الأبحاث الأميركية.

وبلغت ثروة باول، وفقاً لإقراره المالي المقدم في 2016، حوالي 55 مليون دولار، بينما أشارت وكالة "بلومبرغ" إلى أن ثروته في 2017 قد تخطت 112 مليون دولار. 

وتضيف حساسية اللحظة الكثير لأهمية المنصب، حيث يرى الكثيرون أن سياسات البنك الفيدرالي الحالية، والتي يصفها البعض بالعدوانية، والمحبذة لأسعار الفائدة المنخفضة، كانت وراء ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي الأميركي، وانخفاض معدلات البطالة، وتوالي الوصول لمستويات قياسية في أسعار الأسهم، كما في أسعار الكثير من الأصول الأخرى. ومن ثم اعتبر الكثيرون اختيار المرشح الجديد مؤشراً هاماً على استمرار هذا الانتعاش في الفترة المقبلة. 

وأيد باول كل قرارات السياسة النقدية التي اتخذت في عهد يالين، ودافع عن القوانين المنظمة

لعمل المؤسسات المالية التي سادت طوال فترة رئاستها للبنك الفيدرالي، كما دعم قرارات البنك الأخيرة الخاصة بتقليص ميزانيته، وهو ما خفض بشدة سقف التوقعات في ما يتعلق باحتمالات إجراء تغييرات كبيرة في سياسات البنك بعد ترشيح ترامب له.

وباختيار باول، يكون ترامب قد أفلت من ضغوط المتشددين في حزبه الجمهوري، ومنهم مساعده مايك بنس، الذين ودوا لو أنه اختار جون تايلور، أستاذ الاقتصاد بجامعة ستانفورد، والذي كان معروفاً بكثرة انتقاده للسياسات النقدية في عهد يالين. 

ولا يعرف عن باول ميل طبيعي لأسعار فائدة مرتفعة أو منخفضة، ولكن يعرف عنه التعامل بحكمة مع متطلباتهما، كما يعرف عنه الاعتدال في كل مواقفه، حتى على المستوى الشخصي، ولذلك فقد وصفه مايكل ماير، مدير وحدة الاقتصاد ببنك أوف أميركا، بأنه "سجل اسمه باعتباره وسطياً في ما يتعلق بالسياسة النقدية". 

ويؤيد باول توجه البنك الفيدرالي لرفع أسعار الفائدة تدريجياً في الفترة المقبلة. وفي استقصاء للرأي أجرته "إفركور آي اس آي" للاستشارات المالية على 144 مستثمراً، أيد أكثر من نصفهم احتمالية أن يرفع باول أسعار الفائدة بوتيرة أسرع قليلاً من يالين.

كما مثل باول موقفاً متوازناً بين ترامب ويالين في ما يتعلق بالقوانين المنظمة لعمل المؤسسات المالية، والتي يرغب ترامب في إلغاء أغلبها باعتبارها معوّقة للنمو الاقتصادي، بينما تتمسك بها يالين خوفاً من تكرار أزمة 2008 المالية.

أما باول فقد أشار في أكثر من مناسبة إلى إمكانية إجراء بعض التخفيفات، إلا أنه عارض بوضوح بعضاً من مقترحات الجمهوريين في هذا الخصوص. 

ويعد بنك الاحتياط الفيدرالي البنك المركزي صاحب التأثير الأكبر في النمو العالمي. وأعلنت يالين، الرئيسة الحالية للبنك، في سبتمبر/أيلول أنها ستبدأ في تخفيض ميزانيته العمومية البالغة 4.5 تريليونات دولار خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على الرغم من أن الوتيرة ستكون تدريجية جداً، كما أشارت في أكثر من مناسبة إلى احتمالية رفع أسعار الفائدة على الدولار في ديسمبر/كانون الأول، ولا تتوقع الأسواق أي تغيير في هذا التوجه مع تولي باول للمنصب.

التأثير على الأسواق

وأغلقت مؤشرات الأسهم تداولات الخميس على تباين بعد الإعلان عن اختيار ترامب لباول، حيث انخفض مؤشر ناسدك بنسبة قليلة، وارتفع مؤشر اس اند بي 500 بنسبة قليلة، بينما أغلق مؤشر داو جونز على ارتفاع بنسبة 0.4%، وربما يرجع السبب في التأثيرات الضعيفة للإعلان إلى توقع الأسواق بنسبة كبيرة ترشيح باول. 

لكن بصورة عامة، يرى المحللون اختيار باول داعماً لارتفاعات أسعار الأسهم الأخيرة، كما يرونه اختياراً "مملاً" لأسواق السندات، نظراً لتمسكه بالوتيرة البطيئة لرفع أسعار الفائدة الأميركية. ويقول عنه وارد ماكارثي، كبير الاقتصاديين بشركة جيفريز للاستشارات المالية، إنه "ممل، لكنه واضح ومباشر"، ويضيف "لن تستمع إليه ثم تتساءل ماذا قال آنفاً".

المساهمون