"المال الحرام" وانتخابات المغرب

14 اغسطس 2015
"أصحاب الشكارة" أكبر تهدد يتربص بانتخابات المغرب
+ الخط -
يستعد المغرب لتنظيم انتخابات بلدية هي الأولى من نوعها منذ إقرار الدستور الحالي للبلاد في العام 2011.

هذه الانتخابات حبلى بالمستجدات. لأول مرة، سيتم انتخاب رؤساء للجهات (المحافظات) ستكون لهم سلطات قوية على غرار الولاة والعمال (المحافظين). كما أنها مسبوقة باهتمام إعلامي وشعبي كبيرين وحملات انتخابية سابقة لأوانها ساحتها المهرجانات الخطابية للقيادات الحزبية ومواقع التواصل الاجتماعي.

غير أن كل هذه المستجدات لم تذوّب مخاوفَ تتجدد مع كل انتخابات من عزوف المغاربة عن الإدلاء بأصواتهم.

في هذه الانتخابات أيضاً، اكتسب الحديث عن إفساد الانتخابات بالمال أو شراء ذمم الناخبين أهمية كبرى. حتى حزب العدالة والتنمية، الذي يرأس الائتلاف الحكومي، وتعهد زعيمه، ورئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، بشفافية ونزاهة العملية الانتخابية، أطلق تحذيرات من خطورة توظيف "المال الحرام" في هذه الانتخابات.

صحيح أن ثمة شبه إجماع على نزاهة آخر انتخابات تشريعية نظمت في المغرب، وكانت الأولى في عهد الدستور الجديد. لكن انتخابات هذه السنة فرصة لتحويل هذا الإجماع إلى عرف. ورب عرف أقوى من قانون.

من الأهمية بمكان أيضاً تعهّدُ الدولة المغربية بضمان نزاهة وشفافية الانتخابات. لجنة خاصة يرأسها وزير الداخلية ووزير العدل والحريات تسهر على الوفاء بهذا التعهد.

إن ما يعرف محلياً بـ"أصحاب الشكارة" (أصحاب المال)، الذين يترشحون للانتخابات بدون سجل نضالي، هم حقيقة أكبر تهدد يتربص بانتخابات المغرب سواء البلدية أو التشريعية المرتقبة بعد عام. هم أيضاً معاول تهدم كل الجهود التي بذلت لتحفيز المواطنين، خاصة الشباب، على الانخراط في السياسة.

غير أن الإفراط في تقييم حجم "أصحاب الشكارة" من إجمالي المرشحين في حد ذاته ضربة لهذه الانتخابات. في تضخيم حجم حضورهم ضرب للعملية الانتخابية برمتها. لن يجد الناخب فائدة في الإدلاء بصوته عندما يقتنع بأن الغلبة لا محالة "لمن يدفع".

تبدو الحاجة ماسة إلى قرارات وإجراءات رادعة تطمئن الناخبين عن قيمة أصواتهم وتحفظ للعملية الانتخابية شفافيتها ونزاهتها لتشجيع المغاربة على المشاركة بكثافة في هذه الانتخابات. في مثل هذه الحالات، تصير المشاركة أكبر رادع لكل من سولت له نفسه إفساد هذا العرس الانتخابي.

المساهمون