مهام حكومة الأسد الجديدة

12 يوليو 2016
الولاء للأسد مؤهل خميس لتولي حكومته (Getty)
+ الخط -

 

مرّت حكومة بشار الأسد الجديدة بيسر وسهولة، ولم يعترض صديق أو عدو على تشكيلها بلون "أسدي"، وإقصاء المعارضة التي قيل سابقاً عن مشاركتها، بل بدأت المباركات تترجم عملياً من خلال زيارات لمسؤولين عرب وأوروبيين، كان آخرهم وفد البرلمان الأوروبي أمس.

ثمة مؤشرات وما يمكن أن يحكى حول التشكيلة الحكومية، التي تعكس فقط الولاء لشخص الأسد، بدليل تسمية وزير الكهرباء السابق عماد خميس، ابن ريف دمشق الذي يقتل على يد الأسد الآن، رئيسا للحكومة، بعد أن أوصل ساعات التقنين (انقطاع الكهرباء) لنحو 22 ساعة يومياً، لكنه بقي على توجيهات السيد الرئيس وحبه وتقديسه.

 وسمّى أديب ميالة، حاكم مصرف سورية المركزي السابق، وزيراً للاقتصاد والتجارة الخارجية، بل وأتم عليه النعمة اليوم، بتسميته رئيساً للجنة الاقتصادية في مجلس الوزراء، بعد أن هبط سعر صرف الليرة في عهده من 50 إلى 500 ليرة مقابل الدولار.

بيد أن الأهم ما قاله بشار الأسد لتلك الحكومة أمس، بعد أدائها اليمين الدستورية وإعلانها السير على هدى توجيهاته الحكيمة، حتى النصر وإعادة البناء واسترجاع المهجرين والمهاجرين.

مما قاله الأسد للحكومة أمس، وما يمكن أن يتم سوقه ضمن الكلام العام والمخصص للاستهلاك الإعلامي، "الآمال الكبيرة التي يعلقها المواطن على الحكومة الجديدة، والظروف الصعبة التي يمر بها بلدنا تحمل الفريق الحكومي الجديد مسؤوليات مضاعفة تتطلب جهوداً استثنائية، وفي الوقت ذاته تتطلب التعامل مع المواطن بشفافية ووضعه في صورة هذه الجهود ونتائجها حتى لو لم تكن بنفس مستوى آماله".

أما ما هو غير عادي وقاله الأسد الابن للحكومة، فيمكن تلخيصه في نقطتين، الأولى "الوضع المعيشي للمواطنين يجب أن يكون من أولويات الحكومة"، والثانية "الملف الأهم في الشأن الاقتصادي هو إعادة الإعمار".

بقراءة متأنية للنقطة الأولى، وبعيداً عن الاستفزاز وإطلاق أحكام القيمة، نتيجة ما تبعثه تلك العبارة من نزق، يأتي السؤال، كيف يمكن لحكومة عماد خميس، التي رمى الأسد تحسين وضع المعيشة إلى ملعبها، أن تطور حياة السوريين، إن كان الأسد نفسه يحتكر مراسيم زيادة الأجور، بل ومنّ على الشعب بزيادة قدرها 7500 ليرة، نحو 15 دولاراً، بعد أن ارتفعت الأسعار أكثر من 1200%، وزادت نسبة التضخم النقدي عن 1000%.

هذا إن انطلقنا من حرفية الكلام ولم نعد لما سببته حرب بشار الأسد على الثورة وطلاب الحرية، من خسائر قدرتها مراكز البحث بأكثر من 250 مليار دولار.

وأيضاً، من أين تأتي الحكومة الجديدة بالأموال، بعد أن زاد عجز الموازنة العامة عن 500 مليار ليرة العام الماضي، ومتوقع وصوله إلى نحو 612 مليارا العام الجاري، وكيف لحكومة الأسد أن تحسن معيشة السوريين، أو بصيغة أدق من تبقى منهم، بعد مقتل وتهجير وهروب أكثر من نصف السكان، بعد خسارة حتى الميزان التجاري النفطي الذي كان يستر عورة الاقتصاد السوري، من خلال تصدير 140 ألف برميل يومياً، كانت تشكل نحو 24% من الناتج الإجمالي، ونحو 25% من عائدات الموازنة، وحوالي 40% من عائدات التصدير، بل وخسارة فوائض المؤسسات الاقتصادية الحكومية وعائدات الضرائب، وهي "الثلاثية" موارد الخزينة الكلاسيكية بسورية.

ولكن، قد تأتي الإجابات، أو بعضها على الأقل، من خلال النقطة الثانية التي طرحها الأسد، أي بيع وتأجير خراب سورية، عبر إعادة الإعمار، وهو طعم لم يتوان الأسد عن طرحه خلال جميع لقاءاته وكلماته الأخيرة، وكأن ثمة دعوة للدول والشركات والمؤسسات المالية العالمية، لتقايض إعمار سورية واقتسام ثرواتها، في مقابل إعادة إنتاج وبقاء الأسد.

نهاية القول: كل ما قيل إنه لن يمر، من انتخابات الرئاسة فالبرلمان فتشكيل الحكومة، يبدو أنه مرّ ويمر، بتعامٍ حيناً وبمباركة وإن في السر معظم الأحايين، لتكون حكومة الولاء الأسدية التي ستتابع العمل ضمن "سورية المفيدة"، بعد أن أقصت سابقتها المناطق المحررة عن الخدمات والميزانيات، وما يليها من خطط تأجير واستدانة وبيع تحت شعار إعادة الإعمار، آخر اختبارات صحة طرح الأسد الجديد وآخر مصداقية لكلام أصدقاء الشعب السوري، القديم الجديد.



المساهمون