ديون السودان مصدر قلق للاستثمارات الصينية

13 ابريل 2018
لم تتسلم الخرطوم حتى الآن منحة صينية مقررة (Getty)
+ الخط -

عندما رحبت الصين بإعلان الحكومة الأميركية رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان، لم يكن في بالها أن أحد الأسباب الرئيسة يتمثل في احتمال توسع الاسنثمارات الصينية والروسية في السودان، إذ لم تنس واشنطن دخول الصين في المجال النفطي وحلول شركاتها مكان "شيفرون" الأميركية، ما شكّل تحدياً لمكانة أميركا في أفريقيا.

وتدل المبررات التي ساقها سياسيون ومحللون سودانيون، أن واشنطن قلقة من انتشار الصين اقتصادياً في أفريقيا والسودان، خصوصاً مع توسع التعاون الاقتصادي والسياسي والتجاري بين الخرطوم وموسكو وتركيا.

وتباينت آراء كثير من المراقبين حول جدوى استمرار الاستثمارات الصينية في السودان بعدما عجزت الحكومة عن سداد مديونيتها البالغة 8 مليارات دولار للشركات النفطية الصينية العاملة في البلاد.



واعترف وزير الدولة بوزارة المالية والتخطيط الاقتصادي عبد الرحمن محمد ضرار في ندوة عقدت أخيراً بالخرطوم، أن تمدد النفوذ الصيني والروسي في السودان من الأسباب التي دفعت واشنطن إلى رفع العقوبات، وقال إنه خلال مفاوضات رفع العقوبات والتي استمرت 6 أشهر، طلبت واشنطن عدم توجه مسؤولين سودانيين كبار إلى الصين خلال المفاوضات.

وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة "أمدرمان الإسلامية" أسامة بابكر، في الندوة إن التخوف الأميركي من التمدد الصيني اللامحدود في أفريقيا عبر السودان، إلى جانب ظهور روسيا كلاعب دولي جديد، أقلق واشنطن على دورها، ما دفعها إلى رفع العقوبات.

شريك مهم
اعتبر أستاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم عثمان البدري بحديث لـ"العربي الجديد" أن الصين شريك مهم للسودان، إذ ساعدت في استثمارات مختلفة منذ زمن بعيد، إلا أن هذا لا يلغي الحاجة إلى إيجاد توازن بين الشركاء الاستراتيجيين.

وقال إن الاستثمارات النفطية الصينية بالسودان جاءت لعدم وجود خيارات أخرى، ومع رفع العقوبات يجب أن تتغير التوجهات للبحث عن شركاء جدد.

وأكد أن دخول الصين إلى السودان يأتي في إطار التنافس حول مناطق النفوذ والموارد، إذ حققت الكثير من أهدافها وحصلت على امتيازات ومنافع وإعفاءات لم تحصل عليها دولة من قبل، ولكن كل هذا تجب مراجعته الآن.

ورأى الخبير الاقتصادي، الكندي يوسف، بحديث لـ"العربي الجديد" أن الصين أدت دورها في الوقوف مع السودان في ظل المقاطعة، ولكن الطريق أصبح ممهداً الآن لدول العالم لدخول السودان، خصوصاً مع وجود الكثير من الموارد فيه، معتبراً أن السودان سيصبح مركزاً لصراع القوى العالمية على الموارد والموقع، خصوصاً مع الزحف الكبير من الشركات الروسية والتركية والأميركية، ما يضعف بطبيعة الحال الدور الصيني في البلاد.



وفي السياق، رأى المحلل الاقتصادي، الفاتح عثمان، بحديث لـ"العربي الجديد" أن السودان لم يستفد كثيراً من الصين ولم يكن صادقاً معها، إذ رفضت الحكومة السودانية سداد قروضها الدولية وديون شركات النفط الصينية، ما أدى إلى توقف بكين عن تنفيذ مشاريعها في البلاد.
ودعا الأكاديمي محمد الناير بتصريح لـ"العربى الجديد" إلى المحافظة على الشراكة مع الصين نظراً إلى مواقفها إبان الحصار، ولفت إلى أن السودان بذل جهوداً كبيرة لإعادة جدولة الديون، ولكن انفصال الجنوب أثّر على إيراداته العامة، ما أدى إلى فشل هذه الجهود.

أزمة الديون العالقة
ويقول المحلل الاقتصادي، هيثم فتحي، إن الطرفين الصيني والسوداني توصلا في 2012 إلى اتفاق لتأجيل سداد الديون المستحقة للصين لمدة خمس سنوات في إطار مساعي السودان لتعويض خسارته من إيرادات النفط الذي كان ينتجه وتحول إلى جنوب السودان بعد الانفصال.

ووافق الجانب الصيني بشرط توسيعه دائرة استكشاف الحقول. إلا أن اندلاع الحرب في الحقول المشتركة، أثر سلباً في توسّع الشركات الصينية، ما اعتبره الجانب الصيني إخلالاً بالاتفاق.

وأكد المحلل الاقتصادي عبدالله الرمادي لـ"العربي الجديد" تراجع دور الصين بصورة كبيرة نتيجة عدم جدية السودان في سداد ديونه، مضيفاً أنها ليست حالة فردية، إذ تعثرت الحكومة السودانية في سداد ما عليها من التزامات لليابان قبلاً.

وقال الخبير الاستراتيجي ابراهيم فضل السيد لـ"العربي الجديد" إن الصين لم تكن حريصة على تطوير علاقتها مع السودان، وبرز ذلك خلال زيارة نائب وزير الخارجية الصيني تشان مينغ الأخيرة إلى الخرطوم والتي أعلن من خلالها تقديم منحة بنحو 660 مليون يوان (104.5 ملايين دولار)، إلا أن الخرطوم لم تتسلمها حتى الآن.
المساهمون