المغرب يراهن على الضرائب لتعزيز الإيرادات بعد تراجع منح الخليج

17 سبتمبر 2017
الحكومة تسعى لتوسيع قاعدة دافعي الضرائب (Getty)
+ الخط -
تتجه الحكومة المغربية لتوسيع قاعدة دافعي الضرائب من الشركات، من أجل تعزيز خزينته العمومية وعدم الارتهان للإيرادات الاستثنائية، مثل الهبات التي توفرها دول مجلس التعاون الخليجي، وإيرادات الخصخصة، فيما طالب خبراء اقتصاد وبرلمانيون بتحقيق العدالة الضريبية وإعادة النظر في الإعفاءات التي تستفيد منها بعض القطاعات الاقتصادية.
وقال وزير الاقتصاد والمالية المغربي، محمد بوسعيد، في رسالة تليت نيابة عنه خلال مؤتمر نظمته وزارة الاقتصاد بالتعاون مع المؤسسة الدولية للمالية العمومية، يوم الجمعة الماضي، إنه "يجب على شركات القطاع الخاص التحلي بمزيد من المواطنة الضريبية، لأن عدم توازن الميزانية العمومية وارتفاع الدين العمومي سيؤثران على جودة البنيات التحتية والخدمات العمومية، وآجال التسديد"، مشيرا إلى أن ذلك الوضع يفضي إلى "رفع معدل الضرائب وسن ضرائب ورسوم جديدة".
ويأتي حديث وزير المالية عما وصفه بـ"المواطنة الضريبية" في سياق متسم بارتفاع المديونية العمومية، التي تصل إلى أكثر من 80% من الناتج الإجمالي المحلي، وفق البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة المالية.
وراهن المغرب على موارد استثنائية من أجل تمويل جزء من نفقات الميزانية، إلا أن تلك الموارد تبقى غير مستقرة ويرتهن تحصيلها للظروف المختلفة.
ولم تسعف هبات دول الخليج في العامين الأخيرين موازنة المغرب، حيث جاءت دون توقعات الحكومة، بسبب تراجع أسعار النفط التي أدت إلى تهاوي إيرادات الكثير من دول مجلي التعاون الخليجي.
وحصل المغرب العام الماضي 2016 على هبات خليجية تناهز 720 مليون دولار، رغم أنه كان يراهن على بلوغها نحو 1.3 مليار دولار.
وجاءت نتائج الاقتصاد المغربي في العام الماضي دون التوقعات، فقد ارتفع عجز الموازنة وفق البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة المالية، إلى 3.9%، رغم أن الحكومة كانت تستهدف خفضه إلى 3.5%، ثم إلى 3% خلال العام الجاري 2017، وذلك بسبب ضعف الإيرادات وتراجع المنح الخليجية.
ويرى محمد الرهج، الخبير في المالية العامة، أن لجوء الدولة أيضا إلى إيرادات استثنائية مثل الخصخصة، لن يكون مفيدا كثيرا، خاصة أنها باعت الجزء المهم من مؤسساتها للقطاع الخاص في التسعينيات من القرن الماضي.
ويعتبر الرهج في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه من أجل توفير إيرادات ضريبية مهمة، لا بد من تطبيق الإصلاح الضريبي الذي جرى الاتفاق عليه قبل نحو أربعة أعوام، في مناظرة حضرها جميع المعنيين بالإصلاح الاقتصادي في المملكة.
ويلفت إلى أن تحقيق العدالة الضريبية، سيؤدي إلى محاصرة التهرب الضريبي، الذي تلجأ إليه شركات وأصحاب مهن حرة، بينما يشير الواقع الحالي إلى أن شركات قليلة تتحمل الجزء الأكبر من سداد الضرائب.
وسبق للاتحاد العام لمقاولات المغرب، الذي يمثل مصالح رجال الأعمال أن أكد أن 10 شركات فقط تؤدي ربع إيرادات الضريبة على الشركات، في الوقت نفسه يؤدي الأجراء (العمال والموظفون) نحو 75% من الضريبة على الدخل.
ويبلغ عدد الشركات الملزمة بالضريبة، وفق البيانات الرسمية، أكثر من 278 ألف شركة، بينما وصل عدد الملزمين بالضريبة على الدخل نحو ستة ملايين مواطن.
ويرى نجيب أقصبي، الخبير الاقتصادي، إن لجوء المغرب إلى المديونية من أجل مواجهة عجز الموازنة، يرجع بالأساس إلى النقص المسجل في مستوى الإيرادات الضريبية.
ويوضح أقصبي، أن معدل تغطية النفقات العمومية بالإيرادات الضريبية لا يتعدى 62%، معتبرا أن ذلك يعد إشكالا كبيرا، بالنسبة لبلد لا يتوفر على مصادر مالية غير الإيرادات الضريبية، مشيرا إلى ضرورة زيادة هذه النسبة إلى 80% عبر نظام يتيح الوصول إلى معدل من الاكتفاء الذاتي الضريبي.
وتتوقع الخزانة العامة للمملكة تحصيل إيرادات ضريبية بقيمة 20.9 مليار دولار في العام الجاري، بينما تترقب إيرادات غير جبائية بنحو 14.2 مليار دولار.
وكان المغرب كثف في العام الماضي من عمليات المراقبة على الشركات، وهو ما در على الخزانة العام للدولة 1.2 مليار دولار، وأثارت الخطوة حفيظة رجال الأعمال آنذاك. ووصلت قيمة الإعفاءات الجبائية التي تستفيد منها القطاعات الإنتاجية في المغرب في عام 2015 إلى 3.2 مليارات دولار.
وكان برلمانيون قد أشاروا خلال مناقشة مشروع الموازنة بالبرلمان، في مايو/أيار الماضي، إلى أن 60% من الشركات تصرح دائما بعدم تحقيق ربح، غير أنها تستمر في مزاولة نشاطها، ما يطرح تساؤلات حول مراقبة أدائها من قبل الجهات الحكومية المختصة.
المساهمون