عراقيون يحولون حدائق منازلهم إلى حقول طلبا للرزق

11 سبتمبر 2015
الفقر دفع سكان بغداد إلى الاعتماد على أنفسهم(فرانس برس)
+ الخط -
اضطرت عوائل عراقية كثيرة إلى ما يعرف بالاقتصاد المنزلي، من أجل الحصول على المال، في ظل التردي المعيشي في البلد النفطي الذي يواجه صعوبات مالية دفعته إلى طرق أبواب المؤسسات الدولية للاقتراض، من أجل سد عجز كبير في موازنته.
ولجأ عراقيون إلى فتح دكاكين صغيرة عند أبواب منازلهم، لبيع أبرز الاحتياجات اليومية للحارة أو الزقاق، فيما قام آخرون بتربية الدواجن والخراف، ورعاية الأطفال، وأعمال الخياطة، بغرض الحصول على دخل إضافي يعينهم على ظروف الحياة.
وباتت المهن المنزلية ظاهرة أكثر وضوحا في المجتمع العراقي خلال الأشهر الأخيرة. ويقول رئيس لجنة الرقابة الاجتماعية في أمانة العاصمة بغداد، حسين أحمدن لـ "العربي الجديد"، إن هناك الآلاف من المنازل في بغداد وحدها تحولت إلى خطوط إنتاج، سواء في مجال تربية الحيوانات كالدجاج والخراف وحتى الأبقار.
وأشار إلى أن العديد من العوائل لجأت إلى أسطح منازلها والحدائق المحيطة بها لتربية الدواجن والماشية، ويقومون بجني الحليب والبيض وبيعهما، لافتا إلى أن ذاك يحقق لهذه العوائل اكتفاء ذاتيا في بعض السلع، وكذلك يوفر لهم دخلا ماليا، لكن الأمر بات مضراً ومزعجا، وهناك من يشتكي من الجيران.
كما لجأ عراقيون إلى استغلال الحدائق العامة المنتشرة داخل الأحياء السكنية، والساحات الفارغة التي عادة ما تكون أمام المنزل بطول 8 أمتار وعرض 22 مترا، وتعرف في العراق بمساحة الخصوصية أمام كل منزل، وفقا للتخطيط الحضري في العراق الذي أقر في عام 1960، إذ يتم زراعتها بشتى أنواع الخضروات مثل الطماطم والخيار، معتمدين على شبكات المياه الصالحة للشرب في سقاية هذه المزروعات.
لكن هذا النشاط الرزاعي المنزلي المحدود لا يكون بغرض التسويق، وإنما تستهدف أغلب الأسر التي تقوم به الحصول على منتجات لاستهلاكها الذاتي.
فيما توجد حالات أخرى خارج العاصمة، حيث تكون فرصة الحصول على مساحات أكبر لزراعتها أكثر وضوحا، وبيع منتجاتها بالأسواق بحسب مواطنين يمتهنون ذلك.

وعلى ما يبدو فإن الحكومة العراقية والمؤسسات الرقابية تغض النظر عن تلك الظاهرة لعجزها عن تقديم البديل للعوائل التي تدخل هذا المجال مضطرة.
وصدر مؤخرا عن منظمات رقابية شبه حكومية تقارير تؤكد ارتفاع نسبة الفقر في العراق إلى 34% في أعلى نسبة يشهدها العراق منذ منتصف القرن الماضي.
ويقول محمود خليل، الذي يعمل مهندسا زراعياً، في حديث إلى "العربي الجديد"، إن لجوء الكثير من العوائل إلى زراعة المساحات الفارغة أمام منازلهم وتربية الدواجن والأغنام، يدخل ضمن ما يعرف بالاقتصاد المقاوم، مضيفا "أعتقد أن الأمر يزداد في عموم مدن العراق مع ازدياد الفقر فيه".
ويقول الحاج مصعب محمد، 55 عاما، من سكان حي الأمين شرقي بغداد، إن "العاصمة تحولت إلى قرية بسبب احتياجنا، وبسبب فساد من هم في السلطة".
ويضيف محمد " أزرع الخضروات، وأربي الدجاج والبط والخراف، وأجني يوميا بيضا وحليبا وخضارا تكفيني، وأبيع ما يتبقى للجيران بسعر مناسبن أرخص من السوق، وأقوم بالعمل وحدي بمساعدة زوجتي وابني".
ويتابع "هذا المجال أبعدني عن الانتماء للمليشيات، أو الانضمام لعصابة قتل وسرقة، كما يفعل الآخرون، هذه الطريقة وفرت لي المال".
ويقول أحمد عمر، الأستاذ في كلية الزراعة بجامعة بغداد، إن الكثير من العوائل العراقية لجأت إلى المهن المنزلية، بغرض تدبير المال وتقليل الإنفاق على مشترياتهم من الخضروات والفواكه والدواجن، خاصة أن 90% من العراقيين يمتلكون مساحات فارغة أمام منازلهم أو في محيطها تمكنهم من عمل هذه المشروعات المنزلية.
ويشير على أن "الحدائق الصغيرة، باتت توفر المحاصيل الصيفية والشتوية، وكذلك قام بعضهم بالعودة إلى تربية الدواجن والأغنام في المنزل، لتوفير اللحوم الحمراء التي يصل سعر الكيلوغرام منها إلى 13 ألف دينار (10 دولارات).
من جهتها، تقول عضو اللجنة المالية البرلمانية، نورة البجاري في حديث إلى "العربي الجديد" إن" العراق يعيش أزمة مالية حقيقية مع استمرار انخفاض أسعار النفط إلى ما دون 40 دولاراً، لذلك يلجأ الكثير من العراقيين إلى طرق بدائية من أجل توفير احتياجاتهم".
وتضيف أن الأزمة المالية بدأت تنعكس على العراقيين في ظل قلة الإنفاق الحكومي وتقليص الكثير من التعاملات الخاصة بموازنة العائلة العراقية، بسبب قلة موارد العائلة المالية.

اقرأ أيضا: عراقيون يبتكرون أساليب لإخفاء أموالهم
المساهمون