قوبل قرار الحكومة الأردنية السماح باستيراد مادة الديزل "السولار" بمواصفات متدنية، باعتراضات مختصين في قطاع الطاقة الذين رأوا في هذا الإجراء إضرارا بالصحة والسلامة العامة، من خلال انبعاث غازات سامة من المركبات التي تستخدم الديزل ذا الكثافة العالية.
وطالب خبراء طاقة، الحكومة، بالتراجع عن القرار والإبقاء على المواصفات الحالية المطبقة على الديزل الذي تنتجه شركة مصفاة البترول الأردنية وتقوم على استيراد بعض الكميات من الخارج بذات المواصفات لتغطية احتياجات السوق المحلي.
واعتبروا أن هذه الخطوة مخالفة لإجراءات تحرير سوق المشتقات النفطية الذي لا يزال حكرا على شركة مصفاة البترول التي تساهم فيها الحكومة بالنسبة الأكبر وهي المصفاة الوحيدة في البلاد.
وردا على القرار الحكومي، قال الخبير في قطاع النفط والطاقة عامر الشوبكي، لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة وافقت على السماح للشركات المستوردة للمشتقات النفطيّة باستيراد مادة السولار الأقل جودة يورو (3)، بعد أن كان الشرط لاستيراد السولار أن لا تقل مواصفته عن يورو (5).
وحسب الشوبكي، فإن مواصفات السولار يورو (3) تعني السماح بمعدل كبريت يصل حتى 350 مليغراماً في الكيلوغرام الواحد، بينما السولار بمواصفة يورو (5) لا تتجاوز فيه نسبة الكبريت 10 ملغم/كغ.
وقال إن منظمة الصحة العالمية وجمعية السرطان الأميركية والعديد من المنظمات الصحية أجمعت على أن انبعاثات العادم وناتج حرق من مركبات وآليات تستخدم السولار عالي الكبريت، من أسباب ازدياد مرض سرطان الرئة، عدا عن التلوث البيئي والأضرار. وأوضح أن الحكومة ستقوم بحساب سعر السولار الجديد على أساس يورو (5)، ما سيؤدي إلى أرباح إضافية للشركات المستوردة تصل إلى عدة ملايين سنويا على حساب مصلحة المواطن.
ودافعت الحكومة عن قرارها في تصريحات عدة صدرت عن جهات رسمية خلال اليومين الماضيين. وقالت وزارة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية، في بيان صحافي، إنه تم السماح لشركات التسويق للمشتقات النفطية باستيراد مادة الديزل بكثافة أعلى، وذلك استجابة لمطالب السوق والمستهلكين باستيراد ديزل بهذه الكثافة، وذلك بهدف تخفيض الاستهلاك في الشاحنات العاملة بمادة الديزل في الأردن.
وحسب الوزارة، فإن سياسة فتح سوق المشتقات النفطية والتي تبنتها الحكومة الأردنية من خلال السماح لشركات تسويق المشتقات النفطية باستيراد المشتقات النفطية، تستهدف تأمين حاجة الأردن من هذه السلع الحيوية وتهيئة السوق المحلية للتحرير الكامل وفتحها للمنافسة السعرية عن طريق تهيئة الظروف الملائمة لتأمين الاحتياجات المحلية من المشتقات النفطية، سواء من خلال مصفاة البترول أو من خلال الاعتماد على الاستيراد.
وطبقا لبيانات رسمية، ارتفع حجم الفاتورة النفطية للأردن العام الماضي بنسبة 20.2% مقارنة بعام 2017، حين ارتفعت قيمة هذه الفاتورة إلى نحو 4.03 مليارات دولار بنهاية العام الماضي، من نحو 3.35 مليارات دولار في العام قبل الماضي. كما ارتفعت قيمة مستوردات الديزل إلى 720.03 مليون دولار بنهاية العام الماضي.
من جانبه، قال مقرر لجنة الطاقة في مجلس النواب الأردني، النائب موسى هنطش، لـ"العربي الجديد"، إن تحرير سوق المشتقات النفطية أمر ضروري من ناحية توفير احتياجات السوق من مختلف المشتقات النفطية وتعزيز المنافسة بين الشركات المستوردة والتي تقوم بتسويق المحروقات داخل البلاد، لكن شريطة التقيد بالضوابط المتوافقة مع المواصفات العالمية، وذلك للمحافظة على الصحة والسلامة العامة والبيئة.
وأضاف أن لجنة الطاقة في مجلس النواب ستتابع حيثيات القرار الحكومي والاطلاع على التفاصيل الفنية المتعلقة بخصائص السولار الذي سمح لشركات تسويق المشتقات النفطية باستيراده من الخارج ومدى تطابقه مع المتطلبات والمواصفات العالمية، وكذلك المواصفات الخاصة بهذه المادة التي تنتجها شركة مصفاة البترول الأردنية.
وتابع هنطش أنه "من المهم أيضا إلى جانب الارتقاء بمستوى مواصفات المشتقات النفطية في الأردن، أن يسهم السماح للشركات باستيراد المحروقات من الخارج في انخفاض أسعارها محليا، بحكم انخفاض أسعارها في الخارج والمنافسة بين تلك الشركات".
وأعرب عن استغرابه إزاء سماح الحكومة للشركات باستيراد هذا النوع من مادة الديزل، خصوصاً أننا على أعتاب فصل الشتاء الذي يرتفع فيه الطلب على هذه المادة لغايات التدفئة، والمواطن لا يمكنه التمييز بين المواصفات الفنية للمشتقات النفطية.
بدوره، أكد رئيس جمعية حماية المستهلك محمد عبيدات أهمية التدقيق أكثر في مواصفات وخصائص الديزل الذي سمح باستيراده من الخارج ومدى تأثيره على البيئة وسلامة المواطنين، وإخضاع الكميات الموردة للأردن لفحوصات مخبرية دقيقة.
وقال عبيدات لـ"العربي الجديد" إن تحرير سوق المشتقات النفطية الذي يسير ببطء شديد يجب أن ينعكس على المواطن من حيث تحسّن مواصفات المحروقات وكذلك انخفاض الأسعار.
وكانت الحكومة قد رفعت الدعم عن المشتقات النفطية المباعة في السوق المحلي منذ عام 2012، ويتم شهريا تحديد أسعارها لمدة 30 يوما في ضوء تقلبات الأسعار العالمية.