يقول مصرفيون واقتصاديون إن البنك المركزي المصري يستعين بالبنوك التجارية المملوكة للدولة، للحيلولة دون تراجع الجنيه مقابل الدولار عن طريق قيامها بتوفير أي كميات إضافية من العملة الصعبة قد تحتاج إليها السوق.
واستقر الجنيه في نطاق 17.78-17.98 للدولار على مدى الستة أشهر الأخيرة - حتى مع نزوح المستثمرين الأجانب من الأسواق الناشئة في أنحاء العالم، ومن بينها مصر.
ولا يستطيع البنك المركزي دعم العملة بشكل مباشر. ففي عام 2016، تخلى عن حملة باهظة التكلفة لدعم العملة، ليحرر سعر صرفها بموجب إصلاحات أقنعت صندوق النقد الدولي بإقراض مصر 12 مليار دولار.
ومنذ ذلك الحين، يحث صندوق النقد مصر على الإبقاء على سعر صرف عملتها مرنا، مبررا ذلك بأنه سيجعل تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية على البلاد أكثر استقرارا في المستقبل. لكن القاهرة حريصة على تفادي المضاربة ضد العملة وكبح التضخم. وبلغ التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن 17.7% الشهر الماضي.
وبدلا من العودة إلى التدخل المباشر، يستعين البنك المركزي بالبنوك التجارية المملوكة للدولة للمحافظة على استقرار الجنيه، حسبما قاله عدة مصرفيين واقتصاديين، فيما لم يرد البنك المركزي على أسئلة تتعلق بالأمر.
وفي ظل نزوح أموال المحافظ، حيث هبطت حيازات الأجانب من أذون وسندات الخزانة المصرية بمقدار 8 مليارات دولار على مدى الأشهر الستة المنتهية في سبتمبر/ أيلول إلى 13 مليار دولار - فقد جاءت إمدادات الدولار الضرورية لدعم الجنيه بشكل رئيسي من النظام المصرفي، لا من احتياطيات البنك المركزي.
وقال 7 مصرفيين وعدة اقتصاديين لـ"رويترز"، إنه يبدو أن أكبر بنكين تجاريين مملوكين للدولة تحملا معظم العبء، عن طريق الدخول إلى سوق ما بين البنوك قُرب نهاية كل يوم لتلبية الطلبات القائمة للحصول على الدولار.
وفي سوق ما بين البنوك، يعرض البنك الأهلي المصري بيع الدولارات عند 17.88 جنيها ويعرض بنك مصر 17.89 جنيها، بينما تعرض البنوك الخاصة شراءها بما يصل إلى 17.95 جنيها.
لكن مصرفيين، يقولون إن البنوك الحكومية نادرا ما تنفذ صفقات عند 17.88-17.89، بل تبيع الدولارات قريبا من سعر قطع البنك المركزي البالغ نحو 17.91.
تستخدم بعض الاقتصادات الناشئة الرئيسية مثل الصين والهند، البنوك المملوكة للدولة في التدخل والمساعدة على احتواء تحركات العملة، عندما تكون الأسواق تحت ضغط.
لكن تلك الدول تسمح بحركة كبيرة في أسعار الصرف، بينما تبقي مصر على سعر صرف عملتها مستقرا.
ويتضح أثر هذه السياسة في الهبوط الحادّ لصافي الأصول الأجنبية للنظام المصرفي التجاري، الذي هوى بمقدار 8.5 مليارات دولار في الستة أشهر المنتهية في سبتمبر/ أيلول إلى 12.2 مليار دولار.
وفي حال شهد الطلب على العملة المصرية مزيدا من الضعف في المدى الطويل دون أي تعديل في سعر الصرف، فإن التدفقات الرأسمالية قد تتقلص، وتتراجع القدرة التنافسية للصادرات المصرية، وتُستنفد احتياطيات النقد الأجنبي.
(رويترز)