تسعى الحكومة المغربية إلى إصلاح منظومة الأجور في الوظائف الحكومية في ظل شكاوى من ارتفاع كتلة الأجور، بينما يؤكد نقابيون ونواب برلمانيون أنه يفترض معالجة مشكلة الفوارق في الأجور.
وتستهدف الحكومة التحكم في كتلة الأجور لحصر عجز الموازنة في حدود 3%، وهو المستوى الذي ينصح به صندوق النقد الدولي، الذي يرتبط به المغرب عبر خط الوقاية والسيولة.
بينما يرى مراقبون أن عدم تحسين أجور الموظفين بما يساير مستوى المعيشة المرتفع، ينسجم مع تصور الحكومة التي تريد التحكم في كتلة الأجور التي تتعاطى معها كمصاريف بلا مردودية.
ويشير الخبير الجبائي، محمد الرهج، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أنه في الوقت الذي ترتفع تكاليف المعيشة، لم تتحسن الأجور منذ ستة أعوام، عندما زادت الحكومة ستين دولارا للموظفين، مشددا على أن سياسة الحكومة تضر أكثر بالطبقة الوسطى.
ويشدد مستشارون بالغرفة الثانية في البرلمان على أن الفوارق في الأجور في الوظائف الحكومية، جد مرتفعة، خاصة في ظل وجود موظفين، خاصة المسؤولين منهم، تتيح لهم إداراتهم الحصول على تعويضات كبيرة.
ويعتبر عبد الإله الحلوطي، عضو فريق العدالة والتنمية بمجلس المستشارين، أن عدد الموظفين بالمغرب قليل مقارنة بعدد السكان، إذ يرى أنه لا يجب في هذه الحالة مقارنة كتلة الأجور بالناتج الداخلي الخام، والتي تراها الحكومة مرتفعة.
ويرى محمد الهاكش، عضو الاتحاد النقابي للفلاحين، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن المشكل لا يكمن في كتلة الأجور، بل في الفوارق بين الأجور الدنيا والعليا والتي تصل إلى أكثر من ثلاثين مرة، وتقفز إلى مستويات قياسية في مؤسسات وشركات الدولة.
وتطالب اتحادات عمالية شرعت، أول من أمس الثلاثاء، في وضع قواعد جولة جديدة من الحوار الاجتماعي بزيادة الأجور وتحسين الدخل في القطاعين العام والخاص، حيث ترى أن ذلك مطلب يتوجب التجاوب معه، في سياق ارتفاع كلفة المعيشة وتوجه الحكومة نحو الإمعان في رفع الدعم السلع الأساسية.
وذهب رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، أول من أمس، عند استجوابه من قبل مجلس المستشارين بالبرلمان، إلي أن الحكومة تعتزم إعادة النظر في قانون الوظيفة العمومية، الذي استرشد به المغرب على مدى ستة عقود.
وأكد العثماني أن الإصلاح الشامل لنظام الوظيفة العمومية، سيكون من بين أهدافه تبني نظام للأجور "محفز ومنصف وشفاف"، وهو ما سيكون موضوع تشاور مع الفرقاء الاجتماعيين، بعد دراسة أنجزت من قبل مكتب للدراسات بتكليف من الحكومة.
ولاحظ رئيس الحكومة أن هناك أربعين فئة من الأنظمة الخاصة بالموظفين في المغرب، ما ينعكس على مستوى الأجور التي تتلقاها كل فئة، خاصة بين الموظفين الذين يكتفون بالأجور وبين الذين يتلقون أجورا بالإضافة إلى التعويضات والمنح.
ويتصور العثماني أن النظام الجديد المرتقب لتحديد الأجور، سيقطع مع معيار الدرجة أو السلم، بل سيستند إلى المهارة والمسؤوليات والجهود المبذولة، حيث سيجرى التركيز أكثر على أداء ومردودية الموظف.
وفي الوقت الذي تدعو فيه الاتحادات العمالية إلى الزيادة في أجور الموظفين، بعد إصلاح التقاعد، شدد رئيس الحكومة على أن نسبة كتلة الأجور قياسا بالناتج الإجمالي المحلي ستصل إلى 12%.
وقد أشار العثماني، إلى أن الأجور تحسنت في الأعوام الأخيرة، حيث انتقل الحد الأدنى من حوالي 160 دولارا إلى 300 دولار في الأعوام العشرة الأخيرة.
غير أنه لاحظ أن متوسط الأجور في الوظائف الحكومية قفز من حوالي 500 دولار في 2003 إلى 550 دولارا في العام الماضي، ثم حوالي 800 دولار في العام الحالي.
ويقترب عدد الموظفين الحكوميين في المغرب من 580 ألفا، ووصلت كتلة الأجور التي تصرف لهم إلى 10.6 مليارات دولار في العام الحالي، أي حوالي 10.7% من الناتج الإجمالي المحلي.