يترقب أصحاب المهن الحرة في المغرب، التدابير الجبائية التي ستكشف عنها السلطات العمومية، عبر إصلاحات ضريبية جديدة، خاصة في ظل سجال حول مستوى التزامهم بالوفاء بما في ذمتهم تجاه خزانة الدولة واتهامهم بالتهرب الجبائي.
ويسعى الفاعلون في المهن الحرة بالمغرب إلى رص الصفوف، تحسبا لما يمكن أن يفضي إليه الإصلاح الجبائي الذي سيسري على مدى خمسة أعوام.
ويستنفر الاتحاد الوطني للمهن الحرة، المنتسبين إليه، من أجل بذل مساع لدى السلطات العمومية والبرلمانيين، بما يؤدي إلى وضع نظام جبائي لا يثقل عليهم، بعدما كانوا هدفا لانتقادات شديدة إبان المؤتمر الوطني حول الجبائية الذي انعقد في مستهل الشهر الجاري.
وفي هذا السياق، يؤكد الخبير الجبائي، محمد الرهج، لـ"العربي الجديد"، أن الإدارة الجبائية تتوفر لديها اليوم جميع البيانات حول الملزمين بالضريبة، حيث تتمكن عبر المؤشرات التي تعتمدها من تجميع كل البيانات، ما قد يساعد على تصحيح الاختلالات التي تخترق النظام الجبائي المحلي.
وأخذ مسؤولون حكوميون على أصحاب المهن الحرة، ضعف مساهمتهم في الإيرادات الجبائية للضريبة على الدخل، حيث لا تتعدى 5 في المائة، بينما يساهم الأجراء والموظفون بنسبة 75 في المائة من الإيرادات.
ويعتبر مسؤولون أن أصحاب المهن الحرة، التي تضم الأطباء والمهندسين والصيادلة ومخلصي الجمارك والمحامين، لا يدلون بإقرارات دقيقة حول حقيقة إيراداتهم، ما يؤدي إلى ضعف مساهمتهم في المجهود الجبائي للدولة.
وكان أصحاب المصحات الخاصة لوّحوا برفع دعوى قضائية في مواجهة الكاتب العام لوزارة الاقتصاد والمالية، زهير الشرفي، الذي دعاهم إلى الكف عن تقديم تصريحات (إقرارات) بإيراداتهم لا تعكس حقيقة نشاطهم، مؤكدا ضرورة وضع حد لتلك الممارسات التي تخرق القانون.
ويطالب مهنيون بنوع من السلم الجبائي خلال الخمسة أعوام المقبلة، حيث يؤكدون ضرورة إخضاعهم لنظام ضرائب يقضي بسدادهم للضريبة بمقادير معروفة سلفا، على مدى خمسة أعوام، ما يعفيهم من المراقبة الجبائية التي نشطت في الأعوام الأخيرة من قبل الإدارة العامة للضرائب.
ويرنو المهنيون الذين تختلف مصالحهم حسب طبيعة المهن التي يمارسونها، إلى المساهمة في تقديم مقترحات حول النظام الجبائي الجديد، مع العمل على دفع الحكومة إلى تخصيص نوع من الحماية الاجتماعية التي تضمن لهم التغطية الصحية والتقاعد، عبر الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وإذا كانت السلطات العمومية تؤكد على توسيع الوعاء الجبائي الخاص بالضريبة على الدخل، بما يساعد على توفير هوامش مالية لتمويل مشاريع اجتماعية، فإن المهنيين يراقبون الكيفية التي ستطبق بها ذلك المبدأ، حيث يخشون أن يتم ذلك على حسابهم.
ويتطلع المهنيون في المهن الحرة إلى التشديد، عند التفاوض مع السلطات العمومية، على دورهم في الاقتصاد الوطني، فهم يمثلون 93 ألف مهني، بدخل متوسط في حدود ألفي دولار في الشهر، وقيمة مضافة تقدر بـ3 مليارات دولار سنويا، أي حوالي 2.5 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.
ويحاول المهنيون التأكيد على أهمية مساهماتهم، سواء عبر الضريبة على الدخل أو الضريبة على الشركات، فهم يوضحون أنه إذا كان الأجراء الذين يصل عددهم إلى 3.38 ملايين شخص، يساهمون برسم الضريبة على الدخل 3.3 مليارات دولار، فإن المهنيين يساهمون بـ200 مليون دولار، مقابل مليار دولار للتجار.
غير أن تقديرات رسمية تشير إلى أن مساهمة المهن برسم الضريبة على الدخل كان يفترض أن تصل إلى 700 مليون دولار، عوضا عن 200 مليون دولار التي يضخها ممارسو تلك المهن في خزانة الدولة حالياً.