تواصل كبادوكيا Cappadocia التركية استقطاب السياح هذا العام وهي تتوقع زيادة كبيرة بنسبة تصل إلى 50%، بعد أن تصدرت العام الماضي بنحو 2.5 مليون سائح أجنبي.
فقد كشف رئيس الجمعية التعاونية لتطوير السياحة في كبادوكيا، مصطفى دورماز، أن المنطقة تشهد حركة سياحية نشطة، وأن نسبة إشغال الفنادق في المنطقة بلغت 80%.
ويضيف دورماز أن الزوار يستمتعون بالتحليق عبر مناطيد الهواء الساخن فوق أجواء كبادوكيا، كما أن هواة التصوير يرصدون تحليق المناطيد في السماء بحيث تشكل لوحة فنية طبيعية، مشيراً إلى أن السياح يمارسون العديد من الأنشطة، خاصة ركوب الخيول والدرجات النارية رباعية الدفع، وزيارة الأماكن الشهيرة، وغيرها من الأنشطة.
ويشير رئيس الجمعية التركية إلى أن منطقة كابادوكيا استقطبت مليونين و562 ألفا و617 سائحا خلال النصف الأول من العام الجاري.
ويختصر السوري محمد برو مشاهداته خلال مهرجان المناطيد في منطقة كبادوكيا التاريخية في ولاية نوشهر، وسط هضبة الأناضول التركية، بأن الكلام أعجز من تصوير المدينة، خاصة ساعات الشروق والغروب، وقت تتطاير مئات المناطيد حاملة السياح، ليكتشفوا سحر مدينة الجنيات وموائد الشيطان، وكيف تدلل الأعمدة التاريخية، على مدينة لم يتم اكتشاف إلا اليسير منها.
ويشير برو لـ"العربي الجديد" إلى أن العالم بأسره هناك، فإدراج كبادوكيا على لائحة التراث العالمي، ربما زاد من شهرتها، فترى العرب والأوروبيين وحتى الأتراك، يتسابقون لتأريخ اللحظات هناك، ولكن الغلبة بالزوار وركاب المناطيد، هي للآسيويين، وخاصة من الصين واليابان.
ويلفت المتحدث إلى أن كبرى الشركات السينمائية والتلفزيونية، تنصب كاميراتها قبل شروق الشمس، لتسجل مشاهد قلما تتكرر، وقت تتداخل المداخن التاريخية بالصخور البركانية، وكأنها أعشاش غربان تعلوها المناطيد الملونة، ويصدح ركابها بأصوات فرح، ممزوجة في بعض الأحايين بالخوف.
ويؤكد برو أن مناخ السياحة في المنطقة أشبه بالاكتمال، وبأسعار لا تزيد عن بقية المناطق والمدن التركية، فسعر الحجز الفندقي يتراوح بين 30 و100 دولار، وما ينقص السياح من مستلزمات توفره ولاية نوشهر القريبة، نحو 12 كيلومترا.
وتعد منطقة كبادوكيا التاريخية في ولاية نوشهر وسط هضبة الأناضول التركية عنوانا يختصر عراقة وقدم المنطقة الإنساني، وتعكس مدنها تحت الأرض عظمة شعوب استوطنت فيها، قبل 10 ألاف عام، تشكلت صخورها، بحسب الدليل السياحي التركي سردار دونميز، من رماد وحمم نفثتها البراكين المحيطة بها، أما مداخن الجنيات أو ما يطلق عليها "موائد الشيطان" فتشكلت بعوامل النحت والتعرية، واستغلها سكان المنطقة وسكنوا فيها.
ويقول نمير لـ"العربي الجديد" لم تزل كنوز كبادوكيا مخفية تحت الأرض، لأن وزارة السياحة في بلاده، لم تفتح سوى 10% فقط من المدن الغامضة تحت الأرض أمام السياح وأشهرها "دارن كويو" و"قايماقلي" و"تاتلارين" لأن الاكتشافات تؤكد وجود 8 طوابق تحت الأرض، تضم أوابد ولقى وتراكم حضارات.
ويبقى بحسب المتخصص التركي دونميز، لمدينتي "دارن كويو" و"قايماقلي" تحت الأرض،أهمية خاصة، من بين الذي تم كشفه واكتشافه حتى الآن، ويزورهما أكثر من نصف مليون سائح سنوياً، ربما لمشروع الواقع الافتراضي الذي انتهى العام الماضي، الذي توفره تركيا للسياح، من أجل تقريب حقيقة الحياة داخل المدن تحت الأرض، عبر نظارات ثلاثية الأبعاد، زيادة بالدهشة واستشفاف أهمية المدن المدفونة.
وحول المواقع بكبادوكيا يضيف الدليل السياحي التركي من دهشة المكان متحف "غورمه" المفتوح، و"حاج ولي بكداش" و"أورغوب"، ومنطقة "زلوة"، وكنيسة الظلام، ومدينتي "أوزقوناق" و"قايماقلي"، وكنيسة جاووشين، ومنزل حاج بكداش أتاتورك، ولا يمكن تناسي وادي "قزل جوقور" الشهير وما يوفره من جمال خلال ساعات الغروب.
وتعرف ولاية "قيرشهير"، أو البوابة الغربية لمنطقة "كبادوكيا" منذ عهد الإمبراطورية الرومانية، وتضم بحسب الاكتشافات 15 مدينة تحت الأرض، تم الكشف عن 12 منها حتى الآن.
وقامت الفرق التابعة لوزارة الثقافة والسياحة التركية خلال الأعوام الأخيرة، بأعمال التنظيف والتنظيم في 3 مدن، من أصل 15 مدينة واقعة قرب ولايات قيرشهير ونوشهير وأقصراي وسط تركيا.
وتضم هذه المدن في داخلها آبارًا لمياه الشرب، وكنائس، وأبواب مصنوعة من الحجارة، وغرف مستطيلة، وحظائر للحيوانات، ومداخن للتهوية، وفتحات للإضاءة، كما ترتبط فيما بينها عبر الممرات والأنفاق.
ويقول أيوب تمور، مدير الثقافة والسياحة في ولاية "قرشهير" إن الولاية تتضمن عدداً كبيراً من المدن تحت الأرض، نظراً لكونها مدخل منطقة "كبادوكيا" خلال عهد الإمبراطورية الرومانية، مضيفاً خلال تصريحات صحافية سابقة، أنه قد تم إجراء دراسات حول 15 مدينة تحت الأرض في الولاية، وتم إتاحة 3 منها لزيارة السياح " موجور، كاباز وضولقاديرلي".
وتقع مدن "كاباز" و"موجور" في باطن الأرض، قرب الطريق البري الواصل بين العاصمة أنقرة وولاية قيصري، وسط البلاد، وتمتلك هاتان المدينتان بحسب المراجع التركية، ميزات خاصة من حيث بنية وألوان صخورها، وكانتا تستخدمان كملجأ، وأماكن للسكن والعبادة.
وتؤكد المراجع التركية أنه مع اندلاع النزاعات الكبيرة في القرن الثاني بعد الميلاد بين معتنقي المسيحية وعبدة الأوثان في العهد الروماني، لجأ معتنقو المسيحية إلى هذه المدن تحت الأرض، هرباً من النزاع ولأداء عباداتهم فيها.
لتبقى "كابادوكيا" أو أرض الخيول الجميلة، إحدى المدن التي يصعب الإحاطة بأسرارها للدرجة التي علمت هي بما فيها وعليه، فزادت من دلالها حتى أسموها بالأرض الساحرة.
فمنذ الفرس ومن ثم الحيثيين، وبعدهم الأشوريين، وخلال العصور الوسطى في العهد البيزنطي، وهذه المدينة تكتنز من الجميع، لتزف بعض ما فيها من عجائب وجمال، وتترك احتياطاً للزمن تحت أرضها، كما بلدات "ديرينكوبو، كايماكلي" و"غازي أمير".
ولتتوّج "الأرض الساحرة" بلمسات سحرها، جاء أخيراً الإعلان عن اكتشاف كنز المومياء فيها، التي أخرجت من كنيسة تشانلي لتعرض في "آقسراي " بوابة كابادوكيا الغربية، للزوار الذين فاقوا العام الفائت 2.5 مليون، كفتح شهية، واستعداداً للقاء بهاء مدينة الجن التي تفتح الباب لمفاتنها، في وادي إهلارا ووادي الدير ومدينة نورا التاريخية وكاتدرائية سليمة وكنيسة الجرس، إحدى الكنائس الخمس عشرة المحفورة بالصخور على مساحة تزيد عن 10 كيلومترات مربعة.