روسيا تدعم تركيا للتحول إلى معبر طاقة عالمي

15 ديسمبر 2014
تركيا تريد التحول إلى معبر للطاقة بين الشرق والغرب(أرشيف/getty)
+ الخط -

في الوقت الذي بدت فيه أنقرة أكبر الرابحين من العقوبات الغربية، بعد توقيع عدد من الصفقات لتلبية احتياجها المتنامي للطاقة في ظل الطفرة التي يشهدها اقتصاد تركيا، لكن ذلك يطرح الكثير من الأسئلة أهمها "هل ستجعل هذه الصفقات أنقرة مرهونة لعملاق الطاقة الروسي بطموحات الرئيس الروسي بوتن القيصرية وتبعدها أكثر عن حلفائها التقليديين في الناتو؟".

بموجب المشاريع المزمع إقامتها بين الطرفين ستتحول تركيا إلى خزان عبور للغاز الروسي نحو أوروبا، وذلك بعد أن تم إلغاء مشروع أنبوب "ساوث ستريم" لنقل الغاز والذي كان من المفترض أن ينقل الغاز الروسي عبر البحر الأسود نحو بلغاريا ومنها إلى النمسا وباقي دول الاتحاد؛ بسبب ما وصفه بوتن مماطلة الحكومة البلغارية بإقرار المشروع، وسيتم استبداله بخط يتوجه إلى تركيا ومنها إلى أوروبا، وبالتالي سيصبح ثالث خطوط الغاز التي تربط البلدين، الأول يصل تركيا عبر بلغاريا وأوكرانيا، الثاني والمعروف باسم "بلو ستريم" يمر تحت البحر الأسود نحو ميناء سامسون التركي ومنه إلى ميناء جيهان على البحر المتوسط.
ووفق بيانات مجلس تنظيم سوق الطاقة لعام 2013 فإن تركيا تستورد 89% من احتياجاتها من الغاز.

ويشكل الغاز الروسي منها 58%، ليرتفع في الأعوام القادمة، بحسب خبراء، إلى نحو 70%.

وفي إطار مساعي تركيا لتنويع مصادرها من الطاقة، وقعت عقدين لبناء مفاعلين نويين أحدهما مع اليابان بالقرب من مدينة سينوب التركية بقيمة 22 مليار دولار، والثاني مع شركة الطاقة النووية الروسية (روساتوم) لبناء مفاعل "أك كويو" بقيمة 20 مليار دولار، لتوليد 4800 ميغاوات أي ما يقارب 16% من احتياجات الطاقة التركية.

وبالفعل بدأت روساتوم تدريب الأتراك الذين سيعملون في قطاع الطاقة النووي، وهذا يعني أن روساتوم وغازبروم معا ستهيمنان على 74% من سوق الطاقة في تركيا في المستقبل القريب.

لكن هذا كله يعتبر جزءا من الواقع، إذ إن تركيا تحلم ومنذ تسعينيات القرن الماضي مع انهيار الاتحاد السوفييتي إلى التحول إلى معبر للطاقة بين الشرق والغرب، وخاصة في ظل قربها من منابع النفط في الخليج العربي سواء على الجانب الإيراني أو الجانب العربي، وأيضا في ظل احتياطيات الطاقة التي تم الكشف عنها مؤخرا في دول الاتحاد السوفييتي السابق كتركمانستان وأذربيجان اللتين تعتبران من الشعوب التركية، حيث سيكسر أنبوب الغاز المسمى "تاناب"، والذي سيقوم بنقل الغاز من حقول شاه دينيز الآذارية على بحر قزوين إلى أوروبا عبر تركيا، الاعتماد التركي على الغاز الروسي كما سيعزز من موقعها كمورد رئيس للطاقة لأوروبا، خاصة وأنه تم البدء بالعمل عليه في سبتمبر/أيلول الماضي، ومن المتوقع أن يدخل الخدمة عام 2018، حيث اعتبر نائب وزير النفط الإيراني علي مجيدي، الأنبوب الجديد بأنه قد يكون خيارا اقتصاديا لنقل الغاز الإيراني لأوروبا أيضا.

وإن أضفنا الغاز والنفط العراقي الذي يتم تصديره عبر تركيا إلى أوروبا والعالم ومشاريع أنابيب الغاز القطرية التركية، والتي كان من المفترض أن تشارك بها السعودية ومصر وأوقفتها الأزمة المشتعلة في الأراضي السورية، فإن تركيا ستكون مرشحا خلال الأعوام المقبلة للتحول إلى معبر الطاقة الرئيس نحو أوروبا، بكل ما يمنحها ذلك من أهمية استراتيجية تمنحها دفعة كبيرة في مفاوضات الانضمام للاتحاد الأوربي، وسيبعدها بشكل نهائي عن السيطرة الروسية، خاصة وأن الأخيرة ستفقد الكثير من حصتها في السوق الأوروبية، بل وستجعلها تعتمد على السوق التركي والهندي والصيني.

المساهمون