انكماش الاقتصاد الإيراني 7.2% ونزيف الريال متواصل

16 مارس 2020
الطرقات شبه فارغة إلا من عمّال رش المعقّمات (الأناضول)
+ الخط -
توقع مركز الإحصاء الإيراني في أحدث تقاريره الاقتصادية، تسجيل الاقتصاد الإيراني نموا سلبيا بنسبة 7.2- % بالعام الإيراني الحالي، الذي سينتهي يوم الجمعة المقبلة.

وأورد المركز في تقريره، نشره على موقعه اليوم الاثنين، أن هذه النسبة من النمو السلبي للناتج المحلي الإجمالي هي مع احتساب تراجع إيرادات القطاع النفطي، لكنه من دون هذا القطاع سيكون النمو صفرا.

وأكد مركز الإحصاء الإيراني أن هذه الأرقام انبنت على الأداء الحقيقي للاقتصاد الإيراني خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، بالإضافة إلى التوقعات بشأن الأشهر الثلاثة الأخيرة.

يأتي ذلك، بينما أعلن محافظ البنك المركزي الإيراني، عبد الناصر همتي، السبت الماضي، على حسابه بمنصة "إنستغرام"، أن الاقتصاد غير النفطي لبلاده سجّل نموا إيجابيا خلال العالم الحالي بنسبة 1.3 %.

واعتبر همتي أن هذا الرقم يظهر أن اقتصاد بلاده حقق "نتائج جيدة على الرغم من الضغوط الأميركية القصوى والعقوبات الشاملة".

وتأتي هذه الأرقام على وقع التبعات الوخيمة للعقوبات الأميركية، إلا أن الاقتصاد الإيراني شهد أيضا خلال الشهر الأخير حدثين مهمين، سيضيقان الخناق عليه، الأول، إدراج إيران على القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي الدولية "فاتف" يوم الحادي والعشرين من الشهر الماضي، والثاني تفشي كورونا في إيران على نطاق واسع منذ التاسع عشر من الشهر نفسه، مما تسبب بإغلاق النوافذ الاقتصادية التي ظلت مفتوحة لإيران، في مقدمتها الصين، الشريك الاقتصادي الأول لها، والعراق، شريكها الثاني.

وعلى الرغم من أن السلطات الإيرانية، لم تنشر بعد تقديرات عن حجم الأضرار الاقتصادية البالغة لكورونا، إلا أن المؤشرات الراهنة، تؤكد أن مفاعيله جاءت أقوى من العقوبات الأميركية، حيث بات يصفر إيرادات البلاد مما تبقى لها من مصادر عبر السياحة والصادرات إلى الدول الجارة.

فضلا عن ذلك، قلصت العقوبات الأميركية قدرات إيران في مواجهة تفشي كورونا الجديد بشكل كبير، حيث تواجه في هذه الظروف من جهة، نقصا حادا في المستلزمات والمعدات الطبية للوقاية من الفيروس ومعالجة المصابين، ومن جهة ثانية صعوبات مالية في تأمين احتياجات المواطنين الإيرانيين، الأمر الذي حال دون لجوء السلطات الإيرانية إلى فرض الحجر الصحي على المدن، حيث قال رئيس بلدية طهران، بيروز جناحي، أمس الأحد، وفقا لوكالة "مهر" الإيرانية، إنه "لولا العقوبات لكان بإمكاننا فرض الحجر الحصي" على طهران، مشيرا إلى صعوبة تأمين احتياجات المواطنين في العاصمة في ظل هذه العقوبات إذا ما تم فرض ذلك.

ودفعت صعوبة الأوضاع الراهنة السلطات الإيرانية إلى إطلاق مناشدات إلى العالم لمساعدة إيران من خلال العمل على الضغط على الولايات المتحدة الأميركية لإلغاء العقوبات. وفي السياق، أطلق وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، الخميس الماضي، نداء عاجلا لمساعدة بلاده في مواجهة كورونا، مرفقا تغريدته بقائمة لأهم الاحتياجات الطبية لإيران لمواجهة كورونا، داعيا العالم إلى العمل على إلغاء العقوبات الأميركية.


كما وجه ظريف، خطابا إلى الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة ورؤساء المنظمات الدولية ووزراء خارجية دول العالم، داعيا فيه إلى ضرورة العمل على إلغاء العقوبات الأميركية على إيران، معتبرا أنها "تشكل عقبة أساسية في مواجهة انتشار كورونا في إيران".

في غضون ذلك، كشف محافظ البنك المركزي الإيراني عبد الناصر همتي، الخميس الماضي، عن تقديمه طلبا إلى مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، للحصول على قرض بمقدار خمسة مليارات دولار من صندوق طوارئ، وهو أداة التمويل السريع، للمساعدة في مكافحة فيروس كورونا.

في الأثناء، وجه الرئيس الإيراني، حسن روحاني، السبت الماضي، رسالة إلى عدد من قادة الدول بشأن كورونا المستجد، مناشدا العالم مساعدة إيران من خلال العمل على إلغاء العقوبات الأميركية لتمكينها في مكافحة كورونا. وألمح روحاني إلى أن إيران ليست بمقدورها مواجهة كورونا وحدها، من خلال القول: "لا يمكن لأي دولة إدارة هذه الأزمة العظيمة والخطيرة بمفردها، ناهيكم عن بلد يواجه مشاكل كثيرة في الوصول إلى الأسواق المالية الدولية وتأمين السلع التي تحتاج إليها"، في إشارة إلى إيران.

كما أجرى وزير خارجية إيران، مساء اليوم الاثنين، مكالمات هاتفية مع وزراء خارجية بريطانيا وكرواتيا، داعيا أوروبا إلى عدم الالتزام بالعقوبات الأميركية للحؤول دون "موت الأبرياء" في إيران بسبب كورونا.

وجاء الاتصال بوزير الخارجية الكرواتي، غردان غرليج، باعتبار أن بلاده تترأس الاتحاد الأوروبي حاليا، وفقا لوكالة "تسنيم" الإيرانية.

وخلال اتصاله مع وزير خارجية بريطانيا دومينيك راب، شكر ظريف الاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية الثلاث (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) الشريكة في الاتفاق النووي، على مساعداتها الطبية لإيران لمواجهة كوورنا.

ودعا ظريف خلال حديثه مع نظيره البريطاني الدول الأوروبية إلى "عدم الالتزام بالعقوبات الأميركية ضد الشعب الإيراني سواء على أساس التعهدات بموجب الاتفاق النووي أو لأسباب إنسانية" في هذه الظروف.

الريال يواصل النزيف

على وقع الأزمة الاقتصادية التي تعيشها إيران، سجّل الريال الإيراني، نزيفا جديدا، اليوم الاثنين، ليقترب سعر صرف كل دولار أميركي من حاجز 160 ألف ريال.

ورفعت محلات الصرافة التابعة للبنوك الإيرانية، سعر الصرف اليوم من 148000 ريال إلى 156500 ريال، لكن السعر في السوق السوداء وصل إلى 159500 ريال.

ويأتي تراجع قيمة الريال أمام العملات الأجنبية، فيما توقف اليوم الإثنين، نزيف بورصة طهران، حيث أنها بعد هبوط حاد خلال الأيام الماضية، شهدت تحسنا بزيادة 11673 نقطة.

وكانت بورصة طهران قد خسرت أمس الأحد نحو 18 ألف نقطة، تحت تأثير مفاعيل وباء كورونا وهبوط أسعار النفط.
المساهمون