يتساءل أردنيون كثيرون عن أسباب استمرار التباطؤ الاقتصادي في بلدهم؟ وهل بالإمكان الخروج منه؟ هل تعود أسبابه لما يجري في المنطقة من توترات وأحداث، أم تراها تعود لأسباب داخلية أم كليهما؟
الأردنيون يطرحون التساؤل والتعجب في أسباب الإهمال الذي يلقاه الأردن من أشقائه العرب في دول الخليج؟
من الواضح أن تعاني الأمرّين من انتقادات الناس، ومن رفع مستوى النقد ليتناول شخص الرئيس وأقاربه. ويتساءلون عن أسباب إصرار الملك عبدالله الثاني على إبقائه، على الرغم من فشل حكومته في أداء ما عليها من واجبات اقتصادية، وفي عدم تحقيق المعايير التي اتفقت عليها مع صندوق النقد الدولي، وأهمها تخفيض نسبة العجز إلى الناتج المحلي الإجمالي.
ولم تشفع الأنباء عن إصابة الرئيس بمرض السرطان في إحدى لوزتيه (بنات الأذن)، فبعدما تعامل الناس مع الأخبار في الإعلام بالتعاطف معه، إنسانا ومواطنا أردنيا، عادوا إلى سيرتهم السابقة في النقد اللاذع، بعدما عرفوا أن المرض بسيط وقابل للعلاج في الأردن.
يقول الرئيس إنه نجح في تخفيف العجز السنوي قياساً للسنوات السابقة. قد يكون هذا صحيحاً على أساس ما دفعته الحكومة من رواتب وإيجارات وخدمات، ولكن حصيلة الضريبة تراجعت بما لا يقل عن 600 مليون دينار عام 2017.
ولم تسدّد الحكومة فواتير كثيرة مستحقة عليها، مثل ديون المقاولين، وديون شركات الأدوية، والمستشفيات، وغيرها، في الوقت الذي تحصل فيه مستحقاتها على هذه الدفعات غير المسدّدة، وخصوصا الرسوم وضريبة القيمة المضافة.
هذا التستر وتناول الأرقام تقوم به حكومات متعاقبة لما يتراجع التدفق النقدي لدى الحكومة، سيما وأن البنك المركزي يرفض تقديم سلف للحكومة، إذا لم يكن عندها في ودائعها لدى البنك المركزي ما يكفي من السيولة.
اعترف رئيس الوزراء مباشرة بعد التعديل السادس على حكومته، أخيرا، أن صيغة صندوق النقد الدولي ساهمت في تصحيح مسار الموازنة، وهو تصريح غير دقيق، إلا أنها، حسب ما قاله الدكتور الملقي، لا تصلح لزيادة النمو وتخفيف نسب البطالة والفقر.
واعتراف صريح كهذا يضع رئيس الوزراء على بداية الطريق الصحيح للتعامل مع المعضلة الاقتصادية في الأردن، ويستحق أن نعترف له بها.
أما لماذا يحافظ رئيس الوزراء على مركزه، على الرغم من النقد اللاذع والاحتجاجات الجماعية المستمرة طلباً لإقالته، فذلك يعود إلى رأي الملك الذي بيده وحده، حسب الدستور، إقالة الحكومة أو قبول استقالتها، وبيده أيضاً تعيين رئيس وزراء جديد. وبموجب الدستور الأردني، يعيّن الملك رئيس الوزراء، ويوفق بإرادة ملكية على أسماء الفريق الوزاري المقترح من الرئيس.
وقد يعود السبب في إبقاء رئيس الوزراء إلى قناعة الملك عبدالله الثاني بأن الرئيس قدم أحسن ما في الإمكان في هذه الظروف الصعبة، وإن أي رئيس جديد قد لا ينجح أكثر.
وحيث أن الملك حريص على استقرار الحكومات أربع سنوات على الأقل، وهي طول الدورة البرلمانية، فإنه لا يجد أسباباً كافية للتغيير، ويرجح بدلاً منه التعديل، وإخراج الوزراء غير المنجزين، أو الذين لهم آراء مختلفة تماماً عن رأي رئيس الوزراء.
ويعتقد الناس عامة أنهم يستحقون حكومة أكثر قدرة وكفاءة على التصدي لمشكلاتهم. ويريدون، في الوقت نفسه، نموذجاً آخر غير زيادة الضرائب والرسوم، ما أعلن عنه وما لم يعلن، وتقليل الدعم والإسناد، ويقولون إن الحكومة تفكر في حل مشكلاتها بوضع يدها في عمقِ جيوبهم.
والناس محقون، فقد وصلت مستويات الضريبة في الأردن إلى أكثر من 35% من دخلهم المتصرّف به.
ولو أضفنا إلى ذلك اقتطاعات الضمان الاجتماعي، لفاقت النسبة 40% من الدخل القومي (وليس الناتج المحلي الإجمالي)، وهذه النسبة عالية جداً، وتجعل الأردن مختلفاً عن دول الخليج التي بدأت حديثاً بتخفيف الدعم للمشتقات النفطية والكهرباء، وبدأت تفرض ضرائب مثل ضريبة المبيعات أو القيمة المضافة، فالأردن بدأ بفرض الضرائب قبل حوالي 70 عاماً.
أي زيادة منذ عام 2017 تعني نقصاً في دخل الحكومة.
ويأتي هذا منسجماً مع منحنى لافر/ ابن خلدون، والذي يقول إنه إذا تجاوزت نسبة الضريبة حداً معيناً، فإن دخل الحكومة سوف يتراجع، لأن الناس قد يتوقفون عن الإنتاج، أو التقليل منه، أو التهرب من الدفع، إذا شعروا أن هذا الإنتاج يخضعهم لمعدلات اقتطاع ضريبي، يفوق دخلهم الصافي من ذلك.
اقــرأ أيضاً
وكان ابن خلدون أول من حذّرَ من هذا الأمر، وابتكر الاقتصادي الأميركي ورئيس المجلس الاقتصادي أيام إدارة الرئيس جيرالد فورد هذا المنحنى الذي أصر هو على تسميته لافر/ ابن خلدون (Laffer/ Ibn Khaldoun)، اعترافاً منه بأنه استوحى فكرة المنحنى من مقدمة ابن خلدون التي نُشِرَت أول مرة عام 1378 ميلادية.
ولا ندري ما الذي ستحمله الأيام المقبلات. ولكن قد تكون هنالك إمكانية لعودة السفير القطري إلى عمان، فاتحة لعودة العلاقات الأردنية القطرية إلى سابق عهدها، خصوصا في ضوء التحول الجذري الذي تشهده العلاقات الأردنية/ التركية والعلاقات الأردنية الهندية.
وإذا حصلت هذه التطورات، وسارت الأمور السياسية باتجاه حل لمشكلات الشرق الأوسط، فقد يكون من الأجدى للأردن أن يدخل في شراكة عميقة مع كل من تركيا وقطر والهند، ولربما مستقبلاً إيران، حتى يتكامل وجه الشرق العربي الذي يجمع بلاد الشام والعراق، ويعزّز علاقاته مع قطر، ويبحث عن طريقٍ يبقي علاقاته مع أشقائه في باقي دول الخليج، خصوصا سلطنة عُمان ودولة الكويت على أفضل وجه ممكن.
الأردنيون يطرحون التساؤل والتعجب في أسباب الإهمال الذي يلقاه الأردن من أشقائه العرب في دول الخليج؟
من الواضح أن تعاني الأمرّين من انتقادات الناس، ومن رفع مستوى النقد ليتناول شخص الرئيس وأقاربه. ويتساءلون عن أسباب إصرار الملك عبدالله الثاني على إبقائه، على الرغم من فشل حكومته في أداء ما عليها من واجبات اقتصادية، وفي عدم تحقيق المعايير التي اتفقت عليها مع صندوق النقد الدولي، وأهمها تخفيض نسبة العجز إلى الناتج المحلي الإجمالي.
ولم تشفع الأنباء عن إصابة الرئيس بمرض السرطان في إحدى لوزتيه (بنات الأذن)، فبعدما تعامل الناس مع الأخبار في الإعلام بالتعاطف معه، إنسانا ومواطنا أردنيا، عادوا إلى سيرتهم السابقة في النقد اللاذع، بعدما عرفوا أن المرض بسيط وقابل للعلاج في الأردن.
يقول الرئيس إنه نجح في تخفيف العجز السنوي قياساً للسنوات السابقة. قد يكون هذا صحيحاً على أساس ما دفعته الحكومة من رواتب وإيجارات وخدمات، ولكن حصيلة الضريبة تراجعت بما لا يقل عن 600 مليون دينار عام 2017.
ولم تسدّد الحكومة فواتير كثيرة مستحقة عليها، مثل ديون المقاولين، وديون شركات الأدوية، والمستشفيات، وغيرها، في الوقت الذي تحصل فيه مستحقاتها على هذه الدفعات غير المسدّدة، وخصوصا الرسوم وضريبة القيمة المضافة.
هذا التستر وتناول الأرقام تقوم به حكومات متعاقبة لما يتراجع التدفق النقدي لدى الحكومة، سيما وأن البنك المركزي يرفض تقديم سلف للحكومة، إذا لم يكن عندها في ودائعها لدى البنك المركزي ما يكفي من السيولة.
اعترف رئيس الوزراء مباشرة بعد التعديل السادس على حكومته، أخيرا، أن صيغة صندوق النقد الدولي ساهمت في تصحيح مسار الموازنة، وهو تصريح غير دقيق، إلا أنها، حسب ما قاله الدكتور الملقي، لا تصلح لزيادة النمو وتخفيف نسب البطالة والفقر.
واعتراف صريح كهذا يضع رئيس الوزراء على بداية الطريق الصحيح للتعامل مع المعضلة الاقتصادية في الأردن، ويستحق أن نعترف له بها.
أما لماذا يحافظ رئيس الوزراء على مركزه، على الرغم من النقد اللاذع والاحتجاجات الجماعية المستمرة طلباً لإقالته، فذلك يعود إلى رأي الملك الذي بيده وحده، حسب الدستور، إقالة الحكومة أو قبول استقالتها، وبيده أيضاً تعيين رئيس وزراء جديد. وبموجب الدستور الأردني، يعيّن الملك رئيس الوزراء، ويوفق بإرادة ملكية على أسماء الفريق الوزاري المقترح من الرئيس.
وقد يعود السبب في إبقاء رئيس الوزراء إلى قناعة الملك عبدالله الثاني بأن الرئيس قدم أحسن ما في الإمكان في هذه الظروف الصعبة، وإن أي رئيس جديد قد لا ينجح أكثر.
وحيث أن الملك حريص على استقرار الحكومات أربع سنوات على الأقل، وهي طول الدورة البرلمانية، فإنه لا يجد أسباباً كافية للتغيير، ويرجح بدلاً منه التعديل، وإخراج الوزراء غير المنجزين، أو الذين لهم آراء مختلفة تماماً عن رأي رئيس الوزراء.
ويعتقد الناس عامة أنهم يستحقون حكومة أكثر قدرة وكفاءة على التصدي لمشكلاتهم. ويريدون، في الوقت نفسه، نموذجاً آخر غير زيادة الضرائب والرسوم، ما أعلن عنه وما لم يعلن، وتقليل الدعم والإسناد، ويقولون إن الحكومة تفكر في حل مشكلاتها بوضع يدها في عمقِ جيوبهم.
والناس محقون، فقد وصلت مستويات الضريبة في الأردن إلى أكثر من 35% من دخلهم المتصرّف به.
ولو أضفنا إلى ذلك اقتطاعات الضمان الاجتماعي، لفاقت النسبة 40% من الدخل القومي (وليس الناتج المحلي الإجمالي)، وهذه النسبة عالية جداً، وتجعل الأردن مختلفاً عن دول الخليج التي بدأت حديثاً بتخفيف الدعم للمشتقات النفطية والكهرباء، وبدأت تفرض ضرائب مثل ضريبة المبيعات أو القيمة المضافة، فالأردن بدأ بفرض الضرائب قبل حوالي 70 عاماً.
أي زيادة منذ عام 2017 تعني نقصاً في دخل الحكومة.
ويأتي هذا منسجماً مع منحنى لافر/ ابن خلدون، والذي يقول إنه إذا تجاوزت نسبة الضريبة حداً معيناً، فإن دخل الحكومة سوف يتراجع، لأن الناس قد يتوقفون عن الإنتاج، أو التقليل منه، أو التهرب من الدفع، إذا شعروا أن هذا الإنتاج يخضعهم لمعدلات اقتطاع ضريبي، يفوق دخلهم الصافي من ذلك.
وكان ابن خلدون أول من حذّرَ من هذا الأمر، وابتكر الاقتصادي الأميركي ورئيس المجلس الاقتصادي أيام إدارة الرئيس جيرالد فورد هذا المنحنى الذي أصر هو على تسميته لافر/ ابن خلدون (Laffer/ Ibn Khaldoun)، اعترافاً منه بأنه استوحى فكرة المنحنى من مقدمة ابن خلدون التي نُشِرَت أول مرة عام 1378 ميلادية.
ولا ندري ما الذي ستحمله الأيام المقبلات. ولكن قد تكون هنالك إمكانية لعودة السفير القطري إلى عمان، فاتحة لعودة العلاقات الأردنية القطرية إلى سابق عهدها، خصوصا في ضوء التحول الجذري الذي تشهده العلاقات الأردنية/ التركية والعلاقات الأردنية الهندية.
وإذا حصلت هذه التطورات، وسارت الأمور السياسية باتجاه حل لمشكلات الشرق الأوسط، فقد يكون من الأجدى للأردن أن يدخل في شراكة عميقة مع كل من تركيا وقطر والهند، ولربما مستقبلاً إيران، حتى يتكامل وجه الشرق العربي الذي يجمع بلاد الشام والعراق، ويعزّز علاقاته مع قطر، ويبحث عن طريقٍ يبقي علاقاته مع أشقائه في باقي دول الخليج، خصوصا سلطنة عُمان ودولة الكويت على أفضل وجه ممكن.