ويعيش المواطن اللبناني مأساة فعلية، فأزمة انقطاع التيار الكهربائي تتفاقم منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990)، ولم تستطع الحكومات المتعاقبة معالجتها.
لذا، اعتمد اللبنانيون على شركات مولدات خاصة، لتأمين احتياجاتهم من الكهرباء، وهو ما أدى، إلى دفع المواطن فاتورتين للكهرباء، وكذلك تحكّم بعض أصحاب المولدات بالأسعار.
وأضاف خوري، في مقابلة مع الأناضول، أن "قرار تأمين الكهرباء لمدة 24 ساعة وإنشاء معامل (لتوليد الكهرباء) هو قرار تأخذه الحكومة مجتمعة". وتابع: "لا يمكنني أن أقرر وحدي بهذا الموضوع".
وأردف: "التيار الذي أمثله (التيار الوطني الحر) قام بخطة وعمل كل هذه السنوات لتمرير الأمر في مجلس الوزراء، ولم يتم ذلك.. الموضوع يحتاج قرارات مجلس وزراء".
ويعاني لبنان أزمة كهرباء خانقة، فبعد أن كانت مؤسسة الكهرباء تؤمّن التيار الكهربائي، قبل اندلاع الحرب الأهلية، 24 ساعة يوميا، وتبيع الفائض إلى سورية، تغير الحال بعد الحرب.
قرار تنظيمي
مطلع أغسطس/ آب الماضي، أصدرت وزارة الاقتصاد والتجارة اللبنانية قراراً ينظم آلية إصدار تصاريح لأصحاب المولدات.
كما ينظم القرار، العلاقة التعاقدية بين أصحاب المولدات والمشتركين، مع اعتماد أصحاب المولدات لنظام العدادات. وقال خوري، إنه "لا علاقة بين إصدار قرار المولدات وأزمة الكهرباء".
وتابع: "بدأنا بإنشاء المعامل والقيام بمناقصات، فذلك يحتاج ثلاث سنوات لتأمين الكهرباء 24 ساعة". وأضاف: "خلال هذه السنوات لن نقبل أن يعاني المواطن، ويبقى تحت رحمة أصحاب المولدات".
وذكر أن أصحاب المولدات "يبالغون بالفواتير، بما يؤثر (سلبا) في معيشة الناس ودخلهم الشهري بشكل مؤلم وغير عادل".
ويتجاوز متوسط فاتورة الكهرباء للأسرة في لبنان 1200 دولار أميركي سنويا، أكثر من ثلثيها يحصل عليه أصحاب المولدات الخاصة، التي تنتج قرابة 750 ميغاواطا من الكهرباء.
وزاد خوري: "تنظيم العدادات يخفض على المواطن الفاتورة الكبيرة، فهي توفر في أماكن 100 بالمائة، إذا كانت الفاتورة 300 ألف ليرة (200 دولار) تصبح 150 ألف ليرة".
وشدد على أن "هذا الإجراء يخفف عن كاهل المواطن، وأنا كوزير للاقتصاد هذا هو ما يمكنني القيام به ضمن صلاحياتي".
ورأى أن "الاستغناء عن المولدات، الذي هو أمر غير شرعي وغير مستدام، يتعلق بالحكومة مجتمعة".
ومنتقدًا، قال: "في لبنان دائمًا نأخذ القرارات بالإجماع وليس بالتصويت، وهذا ما يؤخر عمل الحكومة".
وأردف: "الالتزام من جانب أصحاب المولدات تدريجي وإيجابي، كل يوم أفضل وسنستمر بمحاضر الضبط حتى تصبح نسبة التطبيق 100 بالمائة على كل الأراضي اللبنانية".
وتشكو الشركات اللبنانية من أن أزمة نقص الكهرباء تشكل عائقًا رئيسيًا أمام النمو والقدرة التنافسية.
ويزداد الطلب في لبنان على الطاقة الكهربائية 5 بالمائة سنويا، فيما تتراجع القوة الإنتاجية لمعامل إنتائج الكهرباء 3 بالمائة سنويا، أي يوجد فرق 8 بالمائة سنويًا بين العرض والطلب.
"تقصير الدولة"
أصحاب المولدات من جانبهم، يشكون من أن قرار وزارة الاقتصاد والتجارة لتنظيم العلاقة بينهم وبين المتعاقدين، هدد بعضهم بالتوقف عن إنتاج الكهرباء.
وقال المتحدث باسم أصحاب المولدات بمنطقة الشوف (وسط)، أمين غانم، إن" المشكلة بدأت بعد صدور قرار وزارة الاقتصاد، الذي ألزمنا بتسعيرة محددة، ويلزم آخرين بتركيب عدادات".
وأضاف غانم للأناضول: "إذا أمنت الدولة الكهرباء نرتاح، فنحن حالة أتت نتيجة تقصير الدولة، ولا نريد شرعية ولا أن نحل مكان الدولة".
وهدد وزير الداخلية، نهاد المشنوق، يوم الجمعة الماضي، بمصادرة أي مولد يتوقف عن تزويد المواطنين بالكهرباء.
واشترط أصحاب المولدات وضع تسعيرة "عادلة ومربحة" للكيلوواط، قبل تركيب العدادات.
وقال مالكو المولدات، في مؤتمر صحافي الخميس الماضي: "كل تسعيرة تناقض التي قبلها تثبت أن التسعيرة القديمة لم تكن عادلة ولا مربحة".
ورأى المتحدث باسم أصحاب المولدات، أحمد يونس، أن "تسعيرة الـ410 ليرات (0.27 دولار) للكيلوواط، التي حددتها وزارة الطاقة، غير عادلة وغير مربحة، وتتسبب في خسارتنا وإفلاسنا، وبالتالي بقطع أرزاقنا وأعناقنا"، على حدّ تعبيره.
تحديث النظام الكهربائي
ضمن الجهود لتحسين القطاع الكهربائي، اجتمع وزير الطاقة اللبناني، سيزار أبي خليل، الإثنين الماضي، بوفد من شركة "سيمنز" الألمانية، واطلع على رؤيتهم لتحديث النظام الكهربائي بلبنان.
وقال أبي خليل، في مؤتمر صحافي: "اتفقنا على الالتزام بالتعاون لبلورة الأفكار المطروحة للتوصل إلى حلول نهائية".
فيما قال متحدث باسم وفد "سيمنز": "اجتماعنا كان إيجابيا، ولا نريد الكشف عن أي شيء حاليًا".
وتنتج مؤسسة كهرباء لبنان 1500 ميغاواط، بينما يبلغ الطلب 3000 ميغاواط، مما يفرض بناء محطات جديدة لإنتاج الكهرباء وصيانة المعامل المهترئة.
ويوجد في لبنان 13 معملًا لتوليد الطاقة الكهربائية، بقدرة مجهزة نحو 3016 ميغاواطا، بينما تتراوح القدرة الفعالية لهذه المعامل بين 1500 و2000 ميغاواط من معامل حرارية ومائية.
وأعلنت شركة "كارادينيز" التركية، المالكة والمشغلة بواخرَ الطاقة في لبنان، الشهر الماضي، أن 3 من بواخرها تؤمّن من 35 إلى 40 بالمائة من الكهرباء في لبنان.
ويكلف قطاع الكهرباء خزينة الدولة اللبنانية أكثر من 1.6 مليار دولار سنويًا، أي نحو 20 بالمائة من إجمالي وارداتها، ويصل عجز المؤسسة المتراكم منذ عام 1992 إلى 30 مليار دولار.
(الأناضول)