تتجه حكومة سعد الدين العثماني نحو اتخاذ قرار سياسي حاسم، يقضي بالمضي في إصلاح "كبير" لصناديق التقاعد المغربية، عبر البحث عن نوع من التجانس بين قطبيها العمومي والخاص، الأمر الذي يساعد على تفادي أزمات مالية، هذا في الوقت الذي يخشى فيه مراقبون الإضرار بالقدرة الشرائية للمتقاعدين عبر الإصلاح من خلال نزع بعض مكتسباتهم.
وينتظر أن يعلن في نهاية الشهر الحالي الذي لم يتبق عليه سوى 3 أيام، عن اسم مكتب الدراسات، الذي سيتولى ترجمة رؤية الحكومة حول إصلاح التقاعد، بعد ثلاثة أعوام من الشروع في عملية التحديث.
قطبان عمومي وخاص
ويفترض في مكتب الدراسات التي سترسو عليه الصفقة، تصور نظام للتقاعد من قطبين، الأول للعمومي والآخر للخاص، وهو ما يتوافق مع التوجه الذي رسمته اللجنة الوطنية للتقاعد قبل ستة أعوام، حسب ما أوضحه مصدر مطلع لـ"العربي الجديد".
ويقوم هذا التصور على دمج الصندوق المغربي للتقاعد للموظفين الحكوميين في صندوق النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، الذي يهم الموظفين والمستخدمين في مؤسسات وشركات عمومية.
وسيقوم القطب الخاص على دمج الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الذي يعتبر الانخراط فيه إجباريا بالنسبة لأجراء القطاع الخاص، في الصندوق المهني المغربي للتقاعد، الذي يعتبر الانخراط فيه إلى حدود الآن اختياريا بالنسبة للقطاع الخاص.
ويفترض في الدراسة التي سيعلن من سيقوم بها في نهاية أغسطس/ آب الجاري، أن تشخص وضعية صناديق التقاعد وتحليل القيام بالتصور الفني للنظام ثنائي القطب، كما يتوجب عليها اقتراح طريقة إدارته وتدبيره، ورسم كيفية ذلك الانتقال من النظام الحالي إلى النظام الجديد.
وقد كشف رئيس الحكومة، في مذكرة بعث بها للوزراء قبل أيام، بمناسبة إعداد مشروع موازنة العام المقبل، عن نية الحكومة في استكمال التنزيل التدريجي للإصلاح المقياسي لنظام المعاشات المدنية الذي تم اعتماده في بداية سبتمبر/ أيلول 2016.
اقــرأ أيضاً
وأكد اعتزام حكومته التوجه نحو تفعيل الإصلاح البنيوي المندمج لأنظمة التقاعد، بما يضمن ديمومتها على المدى البعيد، مشددا على أن ذلك سيتم وفق مقاربة تشاركية مع الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين.
ويتضح مما كشف عنه العثماني، أن الحكومة تعتزم سلوك سبيل "التدرج في التنزيل والحفاظ على الحقوق المكتسبة"، وهو ما ينتظر أن يكون موضوع مفاوضات مع الاتحادات العمالية ورجال الأعمال. وتعاني هذه الصناديق من ضعف مستدام في حجم الاقتطاعات ومردودية أنظمتها.
إصلاح ناقص
كانت الحكومة السابقة برئاسة عبد الإله بنكيران قد قررت رفع السن القانونية للإحالة على التقاعد في الوظائف العمومية من 60 إلى 63 عاما، بمعدل ستة أشهر في السنة، واحتساب مبلغ المعاش على أساس 2 % من الأجر المرجعي لمدة الخدمة عوض 2.5 %.
وكان يفترض في الإصلاح الذي أطلقه المغرب قبل ثلاث سنوات أن يؤدي إلى تأخير نفاد الاحتياطيات من عام 2022 إلى 2027، ما يفسر سعي الحكومة للانتقال بالسرعة القصوى عبر التوجه نحو قطبين، غير أن ذلك لا يستأصل التخوفات حول غلبة التوازنات المالية على حساب التوازنات الاجتماعية.
ويعتبر رئيس الاتحاد النقابي للموظفين والموظفات، عبد الرحيم الهندوف، أن الإصلاح الذي انخرطت فيه الحكومة قبل ثلاثة أعوام غير مكتمل، لأنه لم يتناول صناديق التقاعد الأخرى، معتبر أن الحكومة سعت إلى تحميل الموظفين مسؤولية أزمة الصندوق المغربي للتقاعد.
وشدد على أن الإصلاح لم يتوخ المساواة، حيث ساهم في الإضرار بالقدرة الشرائية للمتقاعدين، بسبب عدم بحثه عن معالجة المشاكل الحقيقية التي يعاني منها الصندوق المغربي للتقاعد.
واعتبر رئيس المجلس الأعلى للحسابات، إدريس جطو، في تقرير رفعه للملك قبل شهر، مسألة ديمومة أنظمة التقاعد، مسجلا أنه رغم الإصلاح الذي أطلق في 2016، تدهور العجز المالي للصندوق المغربي للتقاعد.
ويذهب العضو السابق في اللجنة التقنية لإصلاح التقاعد، محمد الهاكش، في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن الإصلاح، الذي أطلقته حكومة بنكيران، قبل ثلاثة أعوام، لصندوق معاشات الموظفين الحكوميين، سيصل إلى مداه في الخمسة أعوام المقبلة، على اعتبار أنه لم يحل المشاكل المطروحة.
وشدد الهاكش على أن مسعى توحيد القطاع العمومي، لن يجد مشاكل كبيرة، بعد الإصلاح الذي أطلقته الدولة في الصندوق المغربي للتقاعد، خاصة على مستوى عدد سنوات احتساب المعاش.
غير أنه يرى ظهور العقبات عند طرح الرغبة في إطلاق قطب واحد على مستوى القطاع الخاص، على اعتبار أن مؤسستي صندوق الضمان الاجتماعي والصندوق المهني للتقاعد، لهما نظامان قانونيان مختلفان، زيادة على أن طريقة احتساب التقاعد طريقتان مختلفتين.
ويعتبر الهاكش أن الإصلاح في جانبه التقني، له علاقة بتوصيات المؤسسات الدولية، التي تعني إرساء التضامن ضمن حدود ضيقة، وإعطاء الأسبقية لتوازن الصناديق، على حساب المتقاعدين.
ويرى أن القطب العمومي الذي يهم الموظفين والمستخدمين الحكوميين، ستكون فيه مقاييس أكثر تشددا في التعاطي مع معاش المتقاعدين، في إطار التقشف الذي درجت عليه الحكومة، رغم إلحاحها على البعد الاجتماعي في سياستها، مضيفا أن نفس التوجه سيسري على القطاع الخاص.
معاشات متفاوتة
ويوصي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بتوحيد أنظمة التقاعد، ضمن آجال تتراوح بين خمس وسبع سنوت، حيث يدعو لنظام معاشات عمومي إجباري، يسير عبر التوزيع، يضم النشيطين في القطاعين العام والخاص، على أساس اشتراكات محدد سلفا.
ويفترض تحويل الصندوق المهني المغربي للتقاعد إلى جهاز تكميلي للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الخاص بالقطاع الخاص، مع مساهمات محددة انطلاقا من السقف الذي يحدده الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
ويعاني نظام المعاشات من تفاوتات صارخة. فتلك التي يتيحها الصندوق المغربي للتقاعد، تصل إلى 100 % من الأجر الذي يتلقاه الموظف خلال ثمانية أعوام، بسبب عدم تحدد سقف المعاشات، بينما لا يمكن أن يتجاوز المعاش في القطاع الخاص 420 دولارا بسبب تحديد سقف المساهمات.
اقــرأ أيضاً
ويعتبر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن تحديد سقف المساهمات في الصندوق المغربي في 600 دولار، يشكل عاملا مفسراً لتدهور القدرة الشرائية للمتقاعدين في القطاع الخاص، ويخلق نوعا من اللامساواة مع المنخرطين في الأنظمة الأخرى.
ويتضح أن متوسط معاشات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، يصل إلى حوالي 200 دولار في الشهر، بينما يبلغ لدى الصندوق المغربي للتقاعد الحكومي حوالي 730 دولارا، و500 دولار لموظفي المؤسسات والشركات الحكومية، حسب تقارير رسمية.
وينتظر أن يعلن في نهاية الشهر الحالي الذي لم يتبق عليه سوى 3 أيام، عن اسم مكتب الدراسات، الذي سيتولى ترجمة رؤية الحكومة حول إصلاح التقاعد، بعد ثلاثة أعوام من الشروع في عملية التحديث.
قطبان عمومي وخاص
ويفترض في مكتب الدراسات التي سترسو عليه الصفقة، تصور نظام للتقاعد من قطبين، الأول للعمومي والآخر للخاص، وهو ما يتوافق مع التوجه الذي رسمته اللجنة الوطنية للتقاعد قبل ستة أعوام، حسب ما أوضحه مصدر مطلع لـ"العربي الجديد".
ويقوم هذا التصور على دمج الصندوق المغربي للتقاعد للموظفين الحكوميين في صندوق النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، الذي يهم الموظفين والمستخدمين في مؤسسات وشركات عمومية.
وسيقوم القطب الخاص على دمج الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الذي يعتبر الانخراط فيه إجباريا بالنسبة لأجراء القطاع الخاص، في الصندوق المهني المغربي للتقاعد، الذي يعتبر الانخراط فيه إلى حدود الآن اختياريا بالنسبة للقطاع الخاص.
ويفترض في الدراسة التي سيعلن من سيقوم بها في نهاية أغسطس/ آب الجاري، أن تشخص وضعية صناديق التقاعد وتحليل القيام بالتصور الفني للنظام ثنائي القطب، كما يتوجب عليها اقتراح طريقة إدارته وتدبيره، ورسم كيفية ذلك الانتقال من النظام الحالي إلى النظام الجديد.
وقد كشف رئيس الحكومة، في مذكرة بعث بها للوزراء قبل أيام، بمناسبة إعداد مشروع موازنة العام المقبل، عن نية الحكومة في استكمال التنزيل التدريجي للإصلاح المقياسي لنظام المعاشات المدنية الذي تم اعتماده في بداية سبتمبر/ أيلول 2016.
وأكد اعتزام حكومته التوجه نحو تفعيل الإصلاح البنيوي المندمج لأنظمة التقاعد، بما يضمن ديمومتها على المدى البعيد، مشددا على أن ذلك سيتم وفق مقاربة تشاركية مع الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين.
ويتضح مما كشف عنه العثماني، أن الحكومة تعتزم سلوك سبيل "التدرج في التنزيل والحفاظ على الحقوق المكتسبة"، وهو ما ينتظر أن يكون موضوع مفاوضات مع الاتحادات العمالية ورجال الأعمال. وتعاني هذه الصناديق من ضعف مستدام في حجم الاقتطاعات ومردودية أنظمتها.
إصلاح ناقص
كانت الحكومة السابقة برئاسة عبد الإله بنكيران قد قررت رفع السن القانونية للإحالة على التقاعد في الوظائف العمومية من 60 إلى 63 عاما، بمعدل ستة أشهر في السنة، واحتساب مبلغ المعاش على أساس 2 % من الأجر المرجعي لمدة الخدمة عوض 2.5 %.
وكان يفترض في الإصلاح الذي أطلقه المغرب قبل ثلاث سنوات أن يؤدي إلى تأخير نفاد الاحتياطيات من عام 2022 إلى 2027، ما يفسر سعي الحكومة للانتقال بالسرعة القصوى عبر التوجه نحو قطبين، غير أن ذلك لا يستأصل التخوفات حول غلبة التوازنات المالية على حساب التوازنات الاجتماعية.
ويعتبر رئيس الاتحاد النقابي للموظفين والموظفات، عبد الرحيم الهندوف، أن الإصلاح الذي انخرطت فيه الحكومة قبل ثلاثة أعوام غير مكتمل، لأنه لم يتناول صناديق التقاعد الأخرى، معتبر أن الحكومة سعت إلى تحميل الموظفين مسؤولية أزمة الصندوق المغربي للتقاعد.
وشدد على أن الإصلاح لم يتوخ المساواة، حيث ساهم في الإضرار بالقدرة الشرائية للمتقاعدين، بسبب عدم بحثه عن معالجة المشاكل الحقيقية التي يعاني منها الصندوق المغربي للتقاعد.
واعتبر رئيس المجلس الأعلى للحسابات، إدريس جطو، في تقرير رفعه للملك قبل شهر، مسألة ديمومة أنظمة التقاعد، مسجلا أنه رغم الإصلاح الذي أطلق في 2016، تدهور العجز المالي للصندوق المغربي للتقاعد.
ويذهب العضو السابق في اللجنة التقنية لإصلاح التقاعد، محمد الهاكش، في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن الإصلاح، الذي أطلقته حكومة بنكيران، قبل ثلاثة أعوام، لصندوق معاشات الموظفين الحكوميين، سيصل إلى مداه في الخمسة أعوام المقبلة، على اعتبار أنه لم يحل المشاكل المطروحة.
وشدد الهاكش على أن مسعى توحيد القطاع العمومي، لن يجد مشاكل كبيرة، بعد الإصلاح الذي أطلقته الدولة في الصندوق المغربي للتقاعد، خاصة على مستوى عدد سنوات احتساب المعاش.
غير أنه يرى ظهور العقبات عند طرح الرغبة في إطلاق قطب واحد على مستوى القطاع الخاص، على اعتبار أن مؤسستي صندوق الضمان الاجتماعي والصندوق المهني للتقاعد، لهما نظامان قانونيان مختلفان، زيادة على أن طريقة احتساب التقاعد طريقتان مختلفتين.
ويعتبر الهاكش أن الإصلاح في جانبه التقني، له علاقة بتوصيات المؤسسات الدولية، التي تعني إرساء التضامن ضمن حدود ضيقة، وإعطاء الأسبقية لتوازن الصناديق، على حساب المتقاعدين.
ويرى أن القطب العمومي الذي يهم الموظفين والمستخدمين الحكوميين، ستكون فيه مقاييس أكثر تشددا في التعاطي مع معاش المتقاعدين، في إطار التقشف الذي درجت عليه الحكومة، رغم إلحاحها على البعد الاجتماعي في سياستها، مضيفا أن نفس التوجه سيسري على القطاع الخاص.
معاشات متفاوتة
ويوصي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بتوحيد أنظمة التقاعد، ضمن آجال تتراوح بين خمس وسبع سنوت، حيث يدعو لنظام معاشات عمومي إجباري، يسير عبر التوزيع، يضم النشيطين في القطاعين العام والخاص، على أساس اشتراكات محدد سلفا.
ويفترض تحويل الصندوق المهني المغربي للتقاعد إلى جهاز تكميلي للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الخاص بالقطاع الخاص، مع مساهمات محددة انطلاقا من السقف الذي يحدده الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
ويعاني نظام المعاشات من تفاوتات صارخة. فتلك التي يتيحها الصندوق المغربي للتقاعد، تصل إلى 100 % من الأجر الذي يتلقاه الموظف خلال ثمانية أعوام، بسبب عدم تحدد سقف المعاشات، بينما لا يمكن أن يتجاوز المعاش في القطاع الخاص 420 دولارا بسبب تحديد سقف المساهمات.
ويعتبر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن تحديد سقف المساهمات في الصندوق المغربي في 600 دولار، يشكل عاملا مفسراً لتدهور القدرة الشرائية للمتقاعدين في القطاع الخاص، ويخلق نوعا من اللامساواة مع المنخرطين في الأنظمة الأخرى.
ويتضح أن متوسط معاشات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، يصل إلى حوالي 200 دولار في الشهر، بينما يبلغ لدى الصندوق المغربي للتقاعد الحكومي حوالي 730 دولارا، و500 دولار لموظفي المؤسسات والشركات الحكومية، حسب تقارير رسمية.