وتأتي هذه الشريحة بالتزامن مع قرب انتهاء برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تقوم به الحكومة مع الصندوق، حيث لم يتبق منه غير شريحتين فقط... ولكن ماذا عن تأثيرات هذا القرض في معيشة المصريين؟
إذ مع تسلم الشريحة الرابعة من القرض، ترتفع قيمة ما حصلت عليه مصر حتى الآن من صندوق النقد الدولي إلى 8 مليارات دولار.
وتوصلت مصر إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي في 2016 لإقراضها 12 مليار دولار، مقابل إصلاحات شملت تحرير سعر صرف الجنيه، وخفض الدعم عن الوقود والكهرباء ومياه الشرب، والمواصلات العامة ومترو الأنفاق والاتصالات، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة.
وزير المالية محمد معيط قال مطلع الشهر الحالي، إن موافقة الصندوق على صرف الشريحة الرابعة تأتي في ضوء التطورات الاقتصادية الإيجابية التي تشهدها مصر.
إلا أن السوق المصري يشهد غلاء في أسعار السلع الأساسية والخدمات، ومعاودة نسب التضخم إلى الصعود بعد موجة هبوط دامت عدة شهور، مع تصاعد الأزمة المعيشية لدى المواطنين.
يقول المحلل الاقتصادي محمود مكاوي، إن موافقة صندوق النقد الدولي على صرف الشريحة الرابعة من القرض لمصر، تعني استمرار الحكومة في مسار الرفع التدريجي للدعم حتى النهاية.
وفي مايو/ أيار الماضي، قال صندوق النقد إن الحكومة لا تزال ملتزمة بمواصلة إصلاح دعم الطاقة، للوصول إلى مستويات أسعار استرداد التكلفة لمعظم منتجات الوقود خلال 2019.
ورفعت القاهرة في يونيو/ حزيران الماضي أسعار مياه الشرب للاستخدام المنزلي، للمرة الثانية في غضون أقل من عام، بنسب تصل إلى 44.4%.
كما رفعت أسعار شرائح استهلاك الكهرباء للاستخدام المنزلي بمتوسط 26% وتصل حتى 69.2%، ورفعت أسعار الوقود بنسب تصل إلى 66.6%.
ويضيف مكاوي في تقرير نشرته وكالة "الأناضول" اليوم الخميس، أن الشريحة الرابعة من قرض الصندوق ستؤدي إلى رفع للاحتياطي الأجنبي لدى المركزي على حساب الدين الخارجي، والذي سجل نحو 82 مليار دولار نهاية 2017.
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يرتفع الدين الخارجي لمصر إلى 91.5 مليار دولار في نهاية العام المالي الجاري 2018 ـ 2019، مقابل 85.2 مليار دولار في توقعات سابقة.
وتوسعت مصر في الاقتراض من الخارج خلال السنوات الماضية، سواء من مؤسسات دولية أو إقليمية أو أسواق الدين، لسد العجز في الموازنة.
وتعتزم مصر طرح سندات دولية بقيمة تراوح بين 6 و7 مليارات دولار في العام المالي الجاري 2018 ـ 2019، وفقا لما أدلى به وزير المالية السابق عمرو الجارحي في وقت سابق من العام الجاري.
ويؤكد مكاوي أنه "من منظور تنموي، فإن ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي يفتقد للكفاءة حال عدم توليده من مصادر إنتاجية جديدة، مثل الصادرات وارتفاع تحويلات العاملين، وحصيلة قناة السويس، وقطاع السياحة".
واستبعد مكاوي أن يؤدي حصول مصر على الشريحة الرابعة من قرض الصندوق إلى تعزيز قيمة الجنيه المصري أمام الدولار، بخاصة أن البلاد سبق وحصلت على الشرائح الثلاث الأولى ولم تتحسن العملة المحلية.
البنك المركزي المصري أعلن أخيرا ارتفاع أرصدة الاحتياطي من النقد الأجنبي إلى 44.258 مليار دولار في نهاية يونيو/ حزيران الماضي، مقابل 44.139 مليار دولار.
وتوقعت وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي سحر نصر في تصريحات سابقة، أن تجذب بلادها استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 12 مليار دولار للعام المالي الحالي.
إلا أن صافي الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر تراجع بنسبة 8.3 في المائة إلى 6.019 مليارات دولار على أساس سنوي، خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية 2017 ـ 2018، وفق بيانات البنك المركزي.
وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر هذا الشهر، صعود التضخم السنوي لأسعار المستهلكين بالمدن، للمرة الأولى منذ عشرة أشهر.
وجاءت قفزة التضخم، بعدما رفعت الحكومة في يونيو/ حزيران أسعار الوقود بما يصل إلى 66.6%، في إطار خطط لتقليص الدعم.
وقفز التضخم السنوي في المدن إلى 14.4% في يونيو/ حزيران، من 11.4% في مايو/ أيار. وعلى أساس شهري، قفزت وتيرة تضخم أسعار المستهلكين إلى 3.5% في يونيو مقارنة مع 0.2% في مايو.