واشنطن تزجّ "هواوي" في المفاوضات التجارية وتدرس فرض رسوم جديدة

24 مايو 2019
واشنطن تبتزّ الصين بـ"هواوي" لتحسين شروط التفاوض (فرانس برس)
+ الخط -
توقع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يوم الخميس، نهاية سريعة للحرب التجارية، رغم أنه من غير المقرر عقد أي محادثات رفيعة مع الصين قريباً، ورمى، للمرة الأولى، بملف شركة "هواوي" على طاولة التفاوض بين البلدين، قبل أن تعلن وزارة التجارة الأميركية اليوم الجمعة أنها تقترح قانونا جديدا لفرض رسوم جمركية لمكافحة دعم منتجات الدول التي تخفض قيمة عملاتها مقابل الدولار.

ترامب قال في تعليقات أدلى بها في البيت الأبيض: "إنها تحدث.. إنها تحدث سريعا وأظن أن الأمور من المرجح أن تحدث مع الصين سريعا، لأنني لا يمكنني أن أتصور أنهم يمكن أن يبتهجوا بمغادرة آلاف الشركات شواطئهم إلى أماكن أخرى"، مع أنه لم يُقدّم أي أدلة على مثل هذا النزوح.

وقال أيضا إنه سيجتمع مع الرئيس الصيني شي جين بينغ عندما يحضران قمة مجموعة العشرين الشهر القادم في اليابان.

وربط ترامب للمرة الأولى الخميس بين ملف شركة هواوي الصينية التي يتهمها بتهديد الأمن القومي لبلاده، والمفاوضات الهادفة إلى وضع حد للحرب التجارية مع بكين.

وقال في مؤتمر صحافي إنّ "هواوي شيء خطير للغاية. عندما تنظرون إلى ما فعلوه من وجهة نظر أمنية، من وجهة نظر عسكرية، تجدون أنه خطير للغاية. لكن من الممكن أن يتم تضمين هواوي في اتفاق تجاري. إذا توصّلنا لاتّفاق، فأنا أرى هواوي مدرجة فيه بطريقة أو بأخرى".



وفي ظلّ الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، أدرجت إدارة ترامب هواوي على لائحة شركات مشبوهة، من غير المسموح بيعها معدات تقنية خشية أن تستخدمها بكين لغايات تجسسية. ورغم تعليق المنع لمدة ثلاثة أشهر، إلا أنه سيؤثر على صمود المجموعة الصينية، فهي تعتمد بشكل واسع في صناعة هواتفها على شرائح إلكترونية مصنعة في الولايات المتحدة.

وأبدى ترامب الكثير من الحذر عند سؤاله من أحد الصحافيين عن تفاصيل إضافية تتعلق بكيفية تضمين هواوي في المفاوضات التجارية الصعبة.
وقال ترامب "من الصعب جداً الإجابة. نحن قلقون جداً من (الخطر الذي تشكله) هواوي من الناحية الأمنية". وحتى الآن، بقي الملفان منفصلين إلى حد كبير، في وقت تحاول فيه الاستخبارات الأميركية ودبلوماسيون إقناع شركائهم الأساسيين بعدم التعامل مع الشركة الصينية.

وأعرب وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو صباح الخميس عن بعض الأمل، قائلاً إن "الملفين (هواوي والتجارة) يبقيان منفصلين"، وذلك بعدما هددت الحكومة الصينية بتجميد المفاوضات التجارية إذا لم يثبت الأميركيون "صدقهم" فيها.

واليوم الجمعة، قالت وزارة التجارة الصينية إنه يتعين بذل المزيد من المساعي لتحقيق هدف استقرار التجارة وتحسين جودتها، مضيفة أن البيئة التجارية تشهد تنامي الضبابية والتحديات.

وقالت الوزارة في بيان لخصت فيه اتجاهات التجارة الخارجية للعام الحالي إن الاقتصاد المحلي ما زال يواجه ضغطا نزوليا، وإن بعض المشكلات الهيكلية تظل بحاجة إلى حل، فيما خلا البيان من الإشارة إلى الولايات المتحدة أو النزاعات التجارية.


احتجاج رسمي

في مقابلة مع قناة "سي.إن.بي.سي" الأميركية، أبدى بومبيو أملاً في التوصل إلى اتفاق تجاري مع الصين، متهماً في الوقت نفسه هواوي بالكذب حول علاقاتها مع الحكومة الصينية.

واتهم بومبيو "المدير التنفيذي لهواوي بعدم قول الحقيقة للشعب الأميركي وللعالم" حين ينفي وجود روابط بين شركته والحكومة الصينية، مشيراً إلى قانون صيني يجبر شركات البلاد على التعاون مع السلطات، بحسب قوله.

وفي خطوة نادرة، قدّم نائبان أميركيان من الحزبين الجمهوري والديموقراطي مشروع قانون يسمح بحماية الشبكة الأميركية المستقبلية للجيل الخامس للهواتف الذكية من المصنّع الصيني.

وقال السيناتور الديموقراطي مارك وارنر إن هذا القانون يمنع "الشركات التي تتلقى تعلميات من منافس أجنبي من التسلل إلى شبكتنا الوطنية للاتصالات".

ورفعت الصين النبرة في وقت سابق بإعلانها أنها قدّمت "احتجاجاً رسمياً" إلى واشنطن. وندد وزير الخارجية الصيني وانغ يي الأربعاء بـ"المضايقات الاقتصادية" التي تهدف إلى "عرقلة عملية نمو" بلاده. وتعهد بأن بكين ستقاتل "حتى النهاية".
ورغم المهلة التي أعطتها واشنطن قبل تنفيذ منع هواوي من الوصول إلى التكنولوجيا الأميركية، إلا أن العديد من المجموعات بدأت فعلاً بقطع العلاقة مع الشركة الصينية نتيجة الشكوك التي بدأت تحيط بمصير منتجاتها. 

"باناسونيك" و"فودافون"

انضمت الشركة اليابانية العملاقة باناسونيك إلى المجموعات الكبرى في مجال التكنولوجيا بإعلانها قطع بعض علاقاتها مع هواوي وفروعها الـ68.

ويشمل هذا المنع المنتجات التي تصنعها باناسونيك كلياً أو جزئياً في الولايات المتحدة، لكن حجم هذه الصناعات ضئيل وأثر منعها محدود، وفق ما أكد مصدر مقرب من المجموعة لوكالة فرانس برس.

وأعلنت توشيبا أيضاً عن تعليقها تسليم طلبيات إلى هواوي للتحقق من أن منتجاتها لا تتضمن أجزاء مصنعة في الولايات المتحدة.

والأربعاء، أعلنت شركات يابانية كبرى في مجال شبكات الهواتف الجوالة (كي.دي.دي.اي وسوفت بنك) وأخرى بريطانية (فودافون، اي.اي)، إرجاءها إطلاق نماذج هواوي الجديدة، إذ إن تلك الأجهزة ستفقد الكثير من أهميتها بدون التقنيات الأميركية.

ويضاف إلى اللائحة شركة "اي ار ام" البريطانية. وأكدت المجموعة المصنعة للموصلات المستخدمة في قطاع الاتصالات أنها ستنفذ نصيحة واشنطن.

وكانت شركة غوغل قد أكدت الأحد قطع صلاتها بهواوي، مع منعها من استخدام نظام تشغيل الهواتف الذكية "أندرويد" الخاص بغوغل في أجهزتها المستقبلية.

وردت هواوي بالتأكيد على أنها تعمل على إنشاء نظامها الخاص "هونغ منغ" الذي قد يكون جاهزاً للاستخدام في الصين قبل نهاية العام، وفق ما نقلت قناة "سي.إن.بي.سي" عن المسؤول الكبير في هواوي ريتشارد يو. ودولياً، يكون هذا النظام الصيني الجديد جاهزا للاستخدام العام المقبل وفق المصدر نفسه.

وحذر صندوق النقد الدولي، الخميس، مجدداً من النتائج السلبية للحرب التجارية بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم على النمو العالمي.

في الأثناء، أبدت فنزويلا حليفة الصين، دعماً لبكين إذ انتقد الرئيس نيكولاس مادورو عبر القناة الرسمية "الاعتداء الرهيب" من دونالد ترامب.

وأعلن مادورو أنه أمر بـ"استثمار مباشر" في "تكنولوجيا هواوي وزد.تي.اي وفي كل الشركات الصينية والروسية، حتى نتمكن من رفع مستوى قدراتنا" في مجال الإنترنت، من دون أن يضيف المزيد من التفاصيل.

رسوم جديدة على الدول التي تخفض قيمة العملة

وكالة رويترز نقلت اليوم الجمعة، عن وزارة التجارة الأميركية أنها تقترح قانونا جديدا لفرض رسوم جمركية لمكافحة الدعم على منتجات الدول التي تخفض قيمة عملاتها مقابل الدولار، في تحرك آخر قد يؤدي إلى رفع رسوم مفروضة على منتجات صينية.
وقد يعرض القانون الجديدة سلعا من دول أخرى لمخاطر رفع الرسوم الجمركية، بما في ذلك اليابان وكوريا الجنوبية والهند وألمانيا وسويسرا.

وجميع تلك الدول، بجانب الصين، مدرجة على "قائمة مراقبة" تقرير وزارة الخزانة نصف السنوي للعملة، والذي يرصد التدخلات في سوق العملة، وفوائض ميزان المعاملات الجارية الكبيرة عالميا وفوائض التجارة الثنائية المرتفعة.

وقالت الوزارة إن من شأن القانون الذي تقترحه تعديل العملية العادية لفرض رسوم جمركية مضادة لتتضمن معيارا جديدا لخفض قيمة العملة. 

ويعتبر مسؤولو إدارة ترامب أن اليوان الصيني يجري خفض قيمته مقابل الدولار منذ فترة طويلة، ذلك على الرغم من الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والتي يقول خبراء في العملات الأجنبية إنها أضرت بقيمة اليوان.

وقال وزير التجارة ويلبور روس في بيان "هذا التغيير يحذر المُصدرين الأجانب من أن بإمكان وزارة التجارة التصدي لدعم العملة الذي يضر بالصناعات الأميركية".

وقال "لن يعود بإمكان الدول الأجنبية استخدام سياسات العملة، بما يلحق الضرر بالعاملين والشركات الأميركية".

واعتبر روس أنها خطوة صوب تحقيق الوعد الذي قطعه الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية لمعالجة الممارسات غير العادلة بشأن العملة. ولم تحدد الوزارة المعيار المحدد الذي ستستخدمه لتقييم ما إذا كان التسعير الأميركي للمنتجات منخفضا على نحو مصطنع بسبب خفض قيمة العملة.
المساهمون