زيدان لا يُستنسخ يا بيريز

04 نوفمبر 2018
بيريز خلال مؤتمر وداع زيدان(Getty)
+ الخط -
سبق أن كتبت عبر هذا الصرح الإعلامي في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، مقالا تحت عنوان " المدلل والعنيد يقضيان على ريال مدريد"، وقتها كانت ردود الفعل قوية حول المقال، وقيل إني ظلمت الرجلين، بل هناك من راسلني حول المقال بعد تتويج الملكي بكأس رابطة الأبطال في نهاية الموسم، ووقتها لم أشأ الرد، لكن الأيام أثبتت أن ما قلته كان حقيقة، وليس مجرد اتهام.

زيدان العنيد كما وصفته من قبل، رفض أن يجلب لاعبين كبارا، وقرر الدخول في سياسة غير التي عرف بها النادي الملكي على مر السنين، واكتفى بجلب لاعبين متوسطي المستوى أو كما يعرفون بالمواهب الناشئة، ولم يحضر أي خطط بديلة لرحيل محتمل للنجوم أو تراجع مستواهم، خاصة أن المجموعة بلغت مرحلة من التشبع الكروي، وهو نفسه قالها في اجتماع مع بيريز شهر مارس/ آذار السابق، أنه لم يعد بإمكانه تحفيز اللاعبين ولا بث روح داخل المجموعة...غلطة زيدان كانت كبيرة جدا، وله ضلع في ما بلغه الريال.

أما بالنسبة للمدلل، فقد أثبت للمرة المليون أنه كذلك، رغم أنه النجم الأول ولا صوت يعلو فوق صوته، سلطان زمانه كما يحلو للمعلقين تسميته، غير أنه طالب بالكثير، وكالعادة كانت رسائله غير المباشرة لبيريز مقروءة وعلنية، إنه يرغب بتخطي ميسي ماليا، ويبحث عن معاملة أكثر دلالا مما يعامل به، يريد أن يصبح الكل في الكل، وهذا طبعا أمر مرفوض جملة وتفصيلا مع رئيس يضع اسم الفريق قبل كل اسم، ليحزم حقائبه ويغادر نحو نادي يوفنتوس.

وكما ورد في العنوان، فإن الحلقة الأهم في آخر ثلاث سنوات من عمر الملكي، هي المدرب الملهم زين الدين زيدان، والتي جاءت استقالته ضربة قوية للرئيس بيريز، الذي هزمته مشاعره في الندوة الصحافية، وبدا على محياه علامات التأثر من خلال نظرات العتب التي كان يرمق بها نجمه السابق لاعباً ومدرباً.


زيدان خلال مشواره كلاعب ظل علامة منفردة، ونسخة وحيدة تسمى زين الدين زيدان، ولا يمكن إلا أن يلقب "السبيشل وان" الحقيقي وهو أولى من جوزيه مورينيو بهذا الوصف، فريال مدريد فشل في جلب لاعب يمكنه تعويض الفرنسي منذ رحيله، فالفترة التي تلت ذهابه تعتبر واحدة من أسوأ الفترات التي عاشها نادي ريال مدريد من حيث المستوى الباهت والابتعاد عن منصات التتويج.

والأسماء التي جيء بها لتعويضه فشلت فشلا ذريعاً. الأمر ذاته للمنتخب الفرنسي الذي أراد أن يستنسخ زيدان كرويا، بالبحث عن خليفة بمواصفاته ذاتها، أي صانع ألعاب من أصول جزائرية أو من شمال أفريقيا، فلا كمال مريم تمكن من ملء ذلك الفراغ، ولا حتى التونسي صبري لاموشي. وهذا ما حدث أيضاً لسمير نصري، وأسماء أخرى عاشت تمني النفس أن تكون زيدان جديدا، يحمل منتخب فرنسا على عاتقيه ويقوده إلى مجد جديد، حتى نبيل فقير الذي حقق المونديال، لم يكن بذلك التأثير الكبير، فلم يكن إلا لاعب الدقائق الأخيرة، الذي يريح النجوم بعد أن حسمت اللقاءات.

زيدان كمدرب رغم مشواره الصغير، كتب تاريخا مجيدا لنادي ريال مدريد لن يمحى من كتب التاريخ لأنه دوّن بحروف من ذهب، فليس من السهل أن تكون صاحب هدف التاسعة، ومساعدا في العاشرة ومدربا للفريق الذي حطم تاريخ ساكي وحقق البطولة الأغلى لثلاث سنوات متتالية.

ما يمكن قوله كخلاصة، إن بيريز يصر على جعل سولاري زيدان جديدا، وهي محاولة استنساخ مكتوب عليها الفشل، إلا إذا حدثت المعجزة مع أن زمن المعجزات قد ولى، فالأرجنتيني ليس بذلك النجم الكبير ذي التاريخ المجيد الذي يمتلك كاريزما يتحكم من خلالها بغرف ملابس تعج بالنجوم، ولا ذلك المدرب الذي قاد الفريق الثاني لنتائج ومستويات مبهرة حتى يستنسخ منه غوارديولا جديدا، ولا هو الشخص ذو التاريخ الكبير أو ابن النادي حتى تميل أذن بيريز نحوه ويبدأ في تجديد المجموعة، فالريال بحاجة إلى مدرب يمتلك من كاريزما زيدان، هدوء وتاريخ أنشيلوتي وقوة شخصية مورينيو، حتى يتمكن من إعادة  بناء الفريق على أسس صحيحة من دون أي عاطفة بضخ دماء جديدة متعطشة للمجد.
المساهمون