تاريخ اليورو(5) ركلة خالدة لـ "بانينكا" وركلات الجزاء تحسم

29 مايو 2016
تاريخ اليورو 5 (العربي الجديد)
+ الخط -

تترقب جماهير الساحرة المستديرة في القارة الأوروبية العجوز بشغف انطلاق النسخة الخامسة عشرة من بطولة أمم أوروبا لكرة القدم "يورو 2016" التي تستضيفها ملاعب كرة القدم الفرنسية، خلال الفترة ما بين العاشر من شهر يونيو/حزيران القادم وحتى العاشر من شهر يوليو/تموز المقبل، ومع بدء العد التنازلي لساعة الصفر إيذاناً بانطلاق البطولة؛ يُواصل موقع "العربي الجديد" تسليط الضوء على تاريخ البطولة القارية التي ربما تفوق في قوتها بطولات كأس العالم.

دولة اشتراكية تستضيف البطولة لأول مرة
وسنستعرض معكم، في حلقة هذا اليوم، ذكريات ما حدث في النسخة الخامسة من بطولة أمم أوروبا لكرة القدم التي استضافتها يوغسلافيا في عام 1976؛ والتي تميّزت في كونها قد أقيمت لأول مرة في إحدى دول المعسكر الاشتراكي الشرقي، ونتحدث هنا عن يوغسلافيا، الدولة الاتحادية الاشتراكية السابقة، التي كانت تتكون في ذلك الوقت من ست جمهوريات أصبحت مستقلة بحد ذاتها الآن وهي (صربيا، كرواتيا، البوسنة والهرسك، مقدونيا، الجبل الأسود، وسلوفينيا، إضافة للأقاليم التي تتمتع بالحكم الذاتي).

نظام متشابه للمرة الأخيرة ولم يطرأ أي تغيير يُذكر على نظام البطولة، فقد تم تقسيم الدول المشاركة في التصفيات إلى 8 مجموعات مثلما حدث تماماً في نسختي عامي (1968 ،1972) بواقع أربع منتخبات في كل مجموعة، على أن يصعد المنتخب صاحب المركز الأول من كل مجموعة إلى الدور ربع النهائي، الذي أقيم بنظام خروج المهزوم في مباراتي الذهاب والإياب، ومن ثم تتأهل بعد ذلك المنتخبات الأربع المتبقية إلى نهائيات البطولة التي احتضنتها يوغسلافيا خلال الفترة ما بين السادس عشر و حتى العشرين من شهر يونيو في عام 1976، لتكون هذه هي المرة الأخيرة التي تُقام فيها البطولة بالنظام السابق.

ندية كبيرة في دور المجموعات
وحفلت مباريات دور المجموعات من التصفيات المؤهلة للنسخة الخامسة من بطولة أمم أوروبا لكرة القدم بإثارة وندية كبيرة بين المنتخبات التي سعت بقوة من أجل تحقيق حُلم الذهاب إلى البطولة التي أعقبت نهائيات كأس العالم 1974 بعامين، ففي المجموعة الأولى، كان المنتخب الإنجليزي هو الأوفر حظاً للصعود إلى الدور ربع النهائي، رغم أن القرعة قد أوقعته في مجموعة صعبة ضمت كلاً من (تشيكوسلوفاكيا، والبرتغال، وقبرص) حيث صبت الترشيحات في مصلحته بعدما نجح في مباراتها الأولى في اكتساح منتخب تشيكوسلوفاكيا بنتيجة ثلاثة أهداف دون مقابل.

لكن سرعان ما تضاءلت هذه الترشيحات، بعدما سقط منتخب الأسود الثلاثة في فخ التعادل أمام نظيره البرتغالي، وسط استفاقة كبيرة للمنتخب التشيكي الذي اكتسح البرتغال بنتيجة خمسة أهداف دون مقابل، قبل أن تتوالى انتصاراته لعل أبرزها الفوز الذي حققه على حساب نظيره الإنجليزي بنتيجة هدفين مقابل هدف، ليصعد بالتالي إلى الدور ربع النهائي من البطولة.

أما على صعيد المجموعة الثانية، فقد تنافس المنتخب المجري، صاحب المركز الرابع في النسخة الماضية من بطولة أمم أوروبا، على بطاقة التأهل للدور ربع النهائي جنباً إلى جنب مع المنتخبين النمساوي والويلزي في المجموعة التي ضمت إلى جانبهما أيضاً منتخب لوكسمبورغ، وقد نجح منتخب ويلز في خطف بطاقة الصعود للدور ربع النهائي.

ولم تشهد بقية المجموعات حدوث أي مفاجآت فبعد صعود منتخبي (تشيكوسلوفاكيا، وويلز) عن المجموعتين الأوليين، لم تجد منتخبات (يوغسلافيا، والاتحاد السوفييتي، وألمانيا الغربية، وإسبانيا، وبلجيكا، وهولندا) أي صعوبة تُذكر في التأهل إلى مباريات الدور ربع النهائي، علماً أن هولندا، قد أوقعتها القرعة في مجموعة الموت الحديدية التي ضمت إلى جانبها كلاً من المنتخب الإيطالي، بطل نسخة عام 1968 ووصيف مونديال 1970، والمنتخب البولندي ثالث مونديال 1974.

منتخب تشيكوسلوفاكيا يرد اعتباره بعد 16 عاماً
في الدور ربع النهائي، أطاح منتخب تشيكوسلوفاكيا في طريقه نحو بلوغ النهائيات بالعملاق السوفييتي من دور الثمانية بعدما تعادل معه (2-2) على الملعب الأولمبي في كييف ذهاباً قبل أن يفوز عليه بنتيجة هدفين دون مقابل في مباراة الإياب التي أقيمت في مدينة براتسلافا، ليثأر بالتالي لنفسه من الهزيمة التي كان قد تلقاها على يده في نصف نهائي النسخة الأولى من بطولة أمم أوروبا.

من جانبه، فقد نجح المنتخب الألماني في إقصاء نظيره الإسباني، بعدما فاز عليه بنتيجة ثلاثة أهداف مقابل هدف في مجموع مباراتي الذهاب والعودة، هذا في وقتٍ تكرّرت فيه هذه النتيجة في مواجهة يوغوسلافيا وويلز، بعدما صعد الأول إثر تعادله مع نظيره الويلزي بنتيجة هدف لكل منتخب في مباراة الإياب التي أقيمت في كارديف، وذلك بعدما كان قد فاز عليه بنتيجة هدفين دون مقابل، في مباراة الذهاب التي أقيمت في بلغراد.

فيما أكمل المنتخب الهولندي أضلاع المربع الذهبي بأفضل طريقة ممكنة، فبعد أن اكتسح منتخب الطواحين جاره البلجيكي بنتيجة خمسة أهداف دون مقابل، في مباراة الذهاب التي كان بطلها بامتياز المهاجم، روب رينسينبرينك، بعدما أحرز بمفرده ثلاثة أهداف "هاتريك"؛ عاد ليفوز عليه في مباراة الإياب بنتيجة هدفين دون مقابل، ليصعد بالتالي إلى النهائيات بعدما فاز بنتيجة 7-1 في مجموع مباراتي الذهاب والإياب.

يوغسلافيا آخر دولة مستضيفة تخوض التصفيات
وبعد أن صعدت منتخبات (هولندا، وألمانيا الغربية، وتشيكوسلوفاكيا، ويوغسلافيا) حظيت الأخيرة بشرف استضافة النسخة الخامسة من بطولة أمم أوروبا لكرة القدم، لتكون بالتالي هي الدولة الأولى من المعسكر الاشتراكي الشرقي التي تنال شرف استضافة النهائيات، ولتكون أيضاً آخر دولة يكون لزاماً عليها الصعود إلى النهائيات من أجل الحصول على شرف استضافة البطولة الأغلى على مستوى المنتخبات في أوروبا، حيث أصبحت المنتخبات التي تحظى بشرف استضافة البطولة تتأهل بعد ذلك تلقائياً للبطولة دون الحاجة لخوض التصفيات.

نصف نهائي من العيار الثقيل
وشهدت مباراتا الدور نصف النهائي منافسة قوية وصراعاً قوياً بين المنتخبات الأربعة، التي نجحت في حجز بطاقة التأهل إلى المربع الذهبي عن جدارة واستحقاق، ففي المباراة الأولى، فجّر منتخب تشيكوسلوفاكيا مفاجأة من العيار الثقيل بعدما نجح في إقصاء المنتخب الهولندي المدجج بالنجوم بعدما فاز عليه بنتيجة ثلاثة أهداف مقابل هدف، في مباراة انتهى وقتها الأصلي بنتيجة التعادل بهدف لكل منتخب.

أما في المباراة الأخرى، فقد فشل منتخب يوغسلافيا، صاحب الأرض والجمهور، في تذكرة الصعود للمباراة النهائية، رغم أنه قد تقدم على منتخب ألمانيا الغربية بنتيجة هدفين دون مقابل، لكن المنتخب الألماني قد نجح في قلب تأخره بهدفين إلى فوز بنتيجة ثلاثة أهداف مقابل هدفين، ليصعد بالتالي للمباراة النهائية لمواجهة نظيره منتخب تشيكوسلوفاكيا.

أول بطولة تُحسم بركلات الجزاء
رغم عدم صعود منتخب يوغسلافيا، صاحب الأرض والجمهور، إلى المباراة النهائية؛ إلا أن مدرجات ملعب كرفينا زفيزدا قد اكتظت بنحو 30790 متفرجاً جاءوا جميعاً من أجل مشاهدة الفائز من المباراة النهائية التي جمعت بين المنتخبين الألماني، حامل اللقب، بنظيره منتخب تشيكوسلوفاكيا.

وافتتح مهاجم المنتخب التشيكي، يان زفيهليك، باب التسجيل لمنتخب بلاده بعد مرور نحو ثماني دقائق على بداية المباراة، قبل أن يُفاجئ زميله، كارول دوبياس، لاعبي المنتخب الألماني بقيادة القيصر فرانتس بيكنباور، بهدف ثانٍ في الدقيقة الخامسة والعشرين، لكن الألمان قد عادوا بعد ثلاث دقائق وأبقوا آمالهم قائمة في المباراة بهدف لدييتر مولر، ليقف بعد ذلك الدفاع التشيكي صامداً أمام الهجوم الألماني المكثف، حتى مطلع الدقيقة الأخيرة عندما أحرز برند هولزينبين، هدف التعادل لمنتخب بلاده.

وانتقل المنتخبان بعد ذلك إلى الأشواط الإضافية، التي غابت فيها الأهداف، ليتم اللجوء بعد ذلك إلى ركلات الجزاء الترجيحية، التي انتهت بفوز منتخب تشيكوسلوفاكيا بنتيجة 5-3، لتُصبح هذه البطولة هي البطولة الأولى التي تُحسم بركلات الجزاء.

ركلة جزاء خالدة
لم ينسَ عُشاق كرة القدم في شتى بقاع الكرة الأرضية ضربة الجزاء الشهيرة التي نفذها اللاعب التشيكي، أنتونين بانينكا، في نهائي بطولة كأس الأمم الأوروبية سنة 1976، عندما فازت تشيكوسلوفاكيا آنذاك على ألمانيا الغربية، وذلك رغم مرور 40 عاماً على تلك الركلة غير التقليدية، والحاسمة في الوقت ذاته.

وأظهر صانع ألعاب المنتخب التشيكي آنذاك ثقة كبيرة في النفس بعدما أحرز هدف الحسم لمنتخب بلاده خلال ركلات الترجيح أمام الحارس الألماني العملاق، سيب ماير، بطريقة مُذهلة، حيث أوهمه "آنذاك" أنه سيُطلق كرة قوية على يساره، قبل أن يُرسل كرة هوائية ساقطة اتجهت إلى وسط المرمى وخدعت العملاق الألماني الذي ارتمى على الجانب الأيسر وهو يُشاهد الكرة تطير في الهواء باتجاه الشباك.

وأثارت هذه الركلة في ذلك الوقت دهشة الجماهير، التي عبرت عن استغرابها الشديد من الركلة الترجيحية التاريخية التي نفذها أنتونين بانينكا، والتي جاءت بخلاف الطرق الاعتيادية لتنفيذ الركلات الترجيحية، ليقود اللاعب التشيكي آنذاك منتخب بلاده للفوز على نظيره الألماني بنتيجة (5 – 3).

وأصبحت هذه الركلة منذ ذلك الوقت ماركة مسجلة باسم صانع ألعاب منتخب تشيكوسلوفاكيا، الذي لا يزال حتى هذه اللحظة يتذكر مساء العشرين من يونيو/ حزيران، والذي كان شاهداً على الركلة الترجيحية الخامسة التي قادت تشيكوسلوفاكيا إلى لقبها الأول والأخير.

واُعتبرت الركلة التي سددها "بانينكا" بأنّها ضربة الجزاء الأجمل في تاريخ كرة القدم، قبل أن يُكررها أيضاً فيما بعد نخبة كبيرة من أبرز نجوم كرة القدم، لعل أبرزهم أسطورة كرة القدم الفرنسية، زين الدين زيدان، الذي أحرز هدفاً رائعاً بنفس الطريقة خلال المباراة التي جمعت منتخب بلاده بنظيره الإيطالي، في نهائي بطولة كأس العالم عام 2006.

المساهمون