صحافي يمني يروي "فظائع" في سجون الحوثي: التهديد بمصير مماثل لخاشقجي

23 أكتوبر 2019
تعرّض حوذان للتعذيب الجسدي والنفسي (أحمد حوذان)
+ الخط -

"تم تعليقي بالكلبشات وضربي على ظهري وصفع وجهي وأخبروني أنني سأكون جمال خاشقجي آخر". هذا جزء من رواية الصحافي اليمني، أحمد حوذان، لقصة اختطافه من قبل مليشيا الحوثيين لنحو عام في سجون صنعاء.

وسط زنزانة ضيقة احتجز الحوثيون حوذان وأقدموا على إجراء التحقيقات معه وبدأت خلالها رحلة مأساوية في السجن تعرض أثناءها للتعذيب الجسدي والنفسي وأجبر على توقيع اعترافات ملفقة.

اختطف المسلحون الحوثيون الصحافي أثناء تغطيته احتجاجات شهدتها العاصمة اليمنية صنعاء في السادس من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي ضمن ما عرف بـ"ثورة الجياع".

وروى حوذان لـ"العربي الجديد" تفاصيل من التعذيب والتحقيق القاسي الذي تعرض له في سجون صنعاء على يد الحوثيين: "فجر يوم التاسع من أكتوبر تم التحقيق معي من قبل ثلاثة مسلحين تحت إشراف المشرف الحوثي "أبو فاطمة" كنت مقيداً ومعصوب العينين، كان التحقيق معي من خلال هاتفي استعرضوا كل المحادثات مع كل الأسماء في الهاتف كانوا يسألوني عن صحافيين وقيادات مناوئة لهم".

دفع الصحافيون اليمنيون خلال الحرب والاضطرابات التي شهدتها البلاد الثمن الباهظ وقتل نحو تسعة وثلاثين صحافياً منذ عام 2011 بحسب تقرير لنقابة الصحافيين اليمنيين، فيما يواصل الحوثيون اختطاف خمسة عشر صحافياً في صنعاء وصحافي آخر مختطف لدى تنظيم القاعدة وسجلت عدة انتهاكات بحق إعلاميين على يد قوات تابعة للحكومة ومسلحي المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات.

وقالت النقابة في تقريرها للربع الثالث من عام 2019 إن الانتهاكات رصدت منذ يوليو/تموز إلى نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، في مؤشر يوضح استمرار حالة الحرب والعدائية ضد الصحافة والصحافيين من قبل الأطراف كافة في البلاد.

وبحسب تقرير النقابة فقد توزعت الانتهاكات على الاختطافات والاعتداءات والمنع من مزاولة العمل والتصوير والتهديد بالأذى والمحاكمة فيما سجلت حالة تعذيب واحدة. وتقول تقارير حقوقية إن الصحافيين المختطفين لدى الحوثيين يعانون إثر تردي حالتهم الصحية ومنع كشف  الأطباء عنهم.

وقف حوذان طويلاً أمام تحقيقات المسلحين الحوثيين، وأجبر أكثر من مرة على الإقرار باعترافات ملفقة، "كنت أرفض الاعتراف فيتم ركلي على ظهري وصفعي والضغط على يدي بالقيود الحديدية. في ساعة متأخرة طلبت منهم كأساً من المياه فتلفظوا عليَ بكلمات بذيئة ومن ثم أحضروا لي قنينة ماء وبعد أن شربتها أغمي عليّ، لم أعرف إلا عندما تم سحبي بعد سماعي أذان الفجر".

وتابع "أخذوا أصبعي وبصّموني. في اليوم التالي فوجئت بمصور أمامي، وطلبوا مني قراءة كل ما تم في الليلة السابقة معي وعندما رفضت هددوني بالإخفاء والضرب إن لم أتحدث فخفت أن أتعرض للتعذيب أكثر وتحدثت عن اعترافات باطلة وتحقيق مجحف وأنا في حالة لاوعي. كان تركيزهم أني أعمل مخبراً مع منظمات عندما شاهدوا سيرتي الذاتية ومؤهلاتي من قبل منظمات كاتحاد نساء اليمن ومنظمة فريدرش ايبرت والصندوق الاجتماعي للتنمية".

وكشفت تقارير حقوقية عن قيام الحوثيين بتصوير معظم المعتقلين وإجبارهم على الإدلاء بالقوة باعترافات باطلة يتم تلفيقها من قبل المحققين الحوثيين وعرضها على وسائل الإعلام الموالية لهم.

"بعد تصويري تم نقلي إلى مقر جهاز الأمن السياسي (المخابرات) أنا وتسعة من المعتقلين بيننا طفل، من هنا بدأت المآسي والمعاناة والتعذيب، في أشد أيام فصل الشتاء لم يعطونا ملابسنا، حتى خاتم الزواج صادروه ونحن مقيدون ومعصوبة أعيينا، وأوصلونا إلى أسفل بدروم وكنا نسمع صراخاً وأنات مسجون يتم تعذيبه"، يضيف حوذان.

وروى حوذان كيف قضى نحو شهر في زنزانة صغيرة مع سجين متهم بالانضمام إلى تنظيم القاعدة، "بقيت في تلك الزنزانة الضيقة وكنت أستخدم قنينة مياه لقضاء الحاجة، منعت المليشيا أسرتي من الحديث معي في أول زيارة لهم. التحقيقات هنا في الأمن السياسي أشد وأعنف، 5 محققين أصواتهم مرعبة وتصاحبها تهديدات وشتائم وضرب. تعرضت للتعذيب لإنكاري وعدم اعترافي بما كانوا يسألوني عنه من خلال محادثات في مواقع التواصل الإجتماعي ومراسلاتي السابقة مع صحافيين وشخصيات يسمونهم بالخونة والمرتزقة لدى دول العدوان (في إشارة للتحالف العربي)".

وتابع "تم تعليقي بالقيود وضربي على ظهري والصفع فوق وجهي خلال شهرين من التحقيق مع كل اسم يرد في هاتفي وهددوني بأنهم سيذهبون إلى منزلي للبحث عن جهاز الكمبيوتر، وكانوا يخبرونني بامتلاكهم تقارير وإثباتات تدينني".

وتحدث حوذان عن تعرض أسرته للتشتيت بعد مغادرتها صنعاء إثر طردها من قبل مالك المنزل، وتم نقله مع عشرات السجناء إلى مقر تابع للأمن السياسي في زنازين جماعية بالتزامن مع عقد لقاءات استوكهولم بين الحكومة والحوثيين، وبعد فشلها أعيد السجناء إلى المقر الرئيس للأمن السياسي "عرفت الكثير من السجناء الذين تعرضوا لشتى صنوف التعذيب".

وأطلق الحوثيون سراح الصحافي أحمد حوذان ضمن صفقة لتبادل الأسرى بين الجيش اليمني والحوثيين، وتمت عبر تبادل ثمانية أسرى من الحوثيين مقابل ثمانية مدنيين مختطفين قرب منطقة في محافظة الجوف شمال شرقي البلاد.

وتعليقاً على ذلك، أكد رئيس المنظمة الوطنية للإعلاميين اليمنيين (صدى) يوسف حازب أن الصحافيين المعتقلين لدى الحوثيين يتعرضون للتعذيب الجسدي الوحشي والقاسي جداً فيما يفوق الأثر النفسي كل هذا التعذيب بكثير.

وأضاف "الصحافي المختطف والمعتقل يتعرض لكسر نفسي ووجداني حاد ومعالجة نتائج هذا تحتاج لسنوات وربما بعضهم أصيب بحالة نفسية لن تنتهي بمرور الزمن وحديثنا عن الأمراض المزمنة التي أصيب بها البعض أيضاً بقدر ما يدمر جسد المختطف فإنه يدمره نفسياً".

ووصف حازب في حديث لـ"العربي الجديد"، الوضع الصحافي في اليمن، بالمحبط للغاية خصوصاً مع ازدياد وتيرة الانتهاكات من قبل الحوثيين في صنعاء ومناطق سيطرتهم وكذلك من قبل المجلس الانتقالي في عدن وبشكل غير مسبوق.

وتابع "ندرك أن الجهود التي تُبذل من جميع الجهات في الدفاع عن الحريات الإعلامية والصحافيين اليمنيين لا تكفي ويجب تضافر الجهود ورفع وتيرة العمل بشكل موحد لينال الصحافيون حريتهم ولإرغام الأطراف والجهات في البلاد على احترام حرية الصحافة والتعبير والرأي".

بعد أيام من إطلاق الحوثيين لسراح حوذان في صفقة تبادل الأسرى لم ينسَ الصحافي أياماً عصيبة قضاها في سجن الحوثيين وكتب في تدوينات على فيسبوك "كان الحوثيون يتلذذون بمعاناتنا في السجن، ويتعمدون نقل السجناء إلى أماكن عسكرية خاصة بالتدريب والتسليح كورقه ضغط يستخدمونها لتحقيق مكاسب سياسية على حساب المستضعفين في سجونها الإرهابية".

المساهمون