ريتا خوري: الإعلام العربي بحاجة إلى ثورة

13 فبراير 2020
تقدّم برنامجاً بإذاعة "مونت كارلو الدولية" في باريس (فيسبوك)
+ الخط -
استطاعت الإعلامية اللبنانية ريتا خوري (بيروت، 1967) منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي وحتى الآن، أن تحفر اسمها داخل الساحة الثقافية بمسيرة غنية تمتدّ لسنوات، منذ عملها في "إذاعة الشرق" التي اشتهرت فيها ريتا ببرنامجها الحواري مع رموز الثقافة العربية المعاصرة آنذاك مثل: محمود درويش وأدونيس وأمين معلوف. ولم تكتفِ بالعمل الإذاعي فقط، بل انتقلت إلى التلفزيون وعملت في عواصم عالمية كروما مثلاً، ثم كمقدمة نشرات إخبارية ومراسلة تلفزيونية ومقدّمة برامج مع العديد من القنوات، فقدّمت عام 2001 برنامج "الحلقة الأضعف" الذي اشتُهر في لبنان حينذاك، قبل أن تنضم عام 2013 لإذاعة "مونتي كارلو الدولية"، حيث تقدّم حالياً برنامج "هوى الأيام" الذي تتناول فيه أهم القضايا التي تطرح على شبكات التواصل الاجتماعي والمتعلّقة بالتغييرات السياسية والاجتماعية.

عن بداياتها الأولى ومسيرتها الإعلامية وبعض القضايا التي تتصل بالإعلام العربي، تتحدث إلى "العربي الجديد".

*إلى جانب كونك كاتبة، تشتغلین كإعلامیة في مونتي كارلو الدولیة، كیف تعیشین الحالتين؟
تكتمل.. بقَیت في مرحلة التدوین، كون كتاب "أسرار صغیرة" كان عبارة عن مجموعة مختارة من تدویناتي.. كل محاولاتي بعدها منذ 15 عاًما لم تأتِ بنتیجة بعد.. الكتابة بهذا المعنى لیست مهنتي ولم أسرع فعلیاً لتطویر أدواتي فیها وبالتالي المهنة الوحیدة التي أعرفها وأعمل بانتظام على تطویر أدواتها هي عملي في الإعلام.

*حدثینا عن تجربتك المهنیة منذ تخرجك إلى الیوم؟ وما هي الأشیاء التي تغیرت والأخرى التي ظلت على حالها داخل الإعلام العربي؟
شاءت الصدفة أن تضعني منذ 8 سنوات في مونتي كارلو، المؤسسة الإعلامیة التي كان الناس یلجؤون إلیها في طفولتي أثناء الحرب للاطلاع على الأخبار التي لا تنتمي إلى خط من خطوط الأطراف المتقاتلة والتي كان لكل منها حقیقتها الخاصة بها. كان الرادیو وقتها سید المواقف، قبل صعود القنوات التلفزیونیة وتكاثرها. ثم جاء عصر الإنترنت وبعده فترة عصر شبكات التواصل الاجتماعي، التي ساهمت في تحطیم قیود الرأي العام الموجّه إلى حد ما.



*حین انتقلت في أواخر الثمانینیات للعمل في إذاعة "الشرق" بباریس، قمت بإجراء مقابلات كثیرة مع أقطاب الثقافة العربیة المعاصر في برنامج "الحوار" مثل أدونیس ومالك شبل ومحمود درویش. ما الذي تحتفظین به من هذه التجربة؟
كانت فترة البدایات والرغبة في الاكتشاف من منظور إنساني تغلب عليه الجانب السياسي والثقافي.. لا أعرف حقیقة ما الذي احتفظت به من تلك التجارب، لكنها حكمًا ساهمت في تطویر مداركي وساعدت على التفكیر والتحلیل وتشكیل قناعات اخترتها بنفسي بفضل مساحات النقاش هذه.

*ما الأمر الهام الذي جعل ریتا خوري، وهي تنحت لنفسها اسماً داخل الإذاعة بالعالم العربي، وتتخلى عنها في لحظة ما (تعود الیها لاحقاً) وتنتقل صوب التلفزیون؟
لم أنحت لنفسي شيئاً، كل ما فعلته هو أنني سرت خلف الفرص التي تقّدمت وأحیانا سعیت لخلقها رغبة في التعلم والاكتشاف.



*كإعلامیة مقیمة خارج لبنان، كیف تتفاعلين مع الحراك السیاسي والاجتماعي السلمي والمدني الذي یشهده لبنان حالیاً؟
في أكتوبر 2019 لم تكن زیارة بیروت ضمن مخططاتي، لكنني زرتها ما إن اندلعت الاحتجاجات كي لا ألوم نفسي یوماً، بأنه كان بإمكاني الذهاب ولم أذهب لأكون جزءًا من تشكّل تاریخ یشبهني على ید جیل فاتني التعرف إلیه. الطریق شائك وطویل، والمتواجدون على الأرض هم من یدفع الثمن. لا یكفي أن تتعاطف عن بُعد من خلف شاشة، لكنني مؤمنة بمستقبل یعد بحیاة كریمة خالیة من الطائفیة والفساد والاستبداد والتضییق على الحریات، لأن هذا حق؛ ولا یضیع حق وراءه ُمطالب.

* إلى أي حد في نظرك، یلعب الإعلام العربي دوره منذ بدایة الربیع العربي إلى الآن؟
أعتقد أن الإعلام العربي بحاجة إلى ربیع وثورة على ذاته. الوفاء للحقیقة؟ عن أیة حقیقة نتحدث في الوقت الذي یشهد فیه الإعلام تدهوراً غیر مسبوق، عندما "یطوَّر" میثاق الشرف الصحافي وُیطّوع لخدمة المصالح السیاسیة والمالیة والمذهبیة على حساب حقوق الإنسان وغیرها من بدیهیات العمل الصحافي، بما فیها الاعتداءات المتكررة على عمل كثیر من الصحافیین من دون محاسبة، نصل إلى حائط مسدود، قد تكون الكوّة الوحیدة المفتوحة فیه أمام التضییق على حریة التعبیر، تنوع الآراء التي تطرحها شبكات التواصل لیتمكن الفرد إن استخدم عقله من تكوین فكرته الخاصة أمام ما یجري.. الاستبداد الإعلامي آفة عالمیة وإن اختلفت معاییرها بین هنا وهناك.