تستغلّ المملكة العربيّة السعوديّة نقاط الضعف في شبكة اتصالات الهاتف المحمول العالمية لتعقّب مواطنيها أثناء سفرهم في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأميركية، وفقًا لما نقلت صحيفة "ذا غارديان" البريطانيّة عن مُبلّغ عن المخالفات، وأظهر الملايين من طلبات التتبع السرية.
والبيانات التي كشف عنها المُبلّغ الذي يسعى إلى كشف نقاط الضعف في نظامٍ عالمي للرسائل يسمى SS7، تشير إلى حملة تجسس منهجية من قبل المملكة، وفقًا للخبراء. وتشير البيانات إلى ملايين طلبات التتبع السرية الصادرة من السعودية على مدى أربعة أشهر تبدأ في نوفمبر/تشرين الثاني 2019.
ويبدو أن طلبات التعقب التي سعت إلى تحديد موقع الولايات المتحدة للهواتف السعوديّة المسجلة، نشأت من أكبر ثلاث شركات للهواتف المحمولة في السعودية.
وقال المبلغ إنهم لم يتمكنوا من العثور على أي سبب مشروع لزيادة حجم طلبات الحصول على بيانات الموقع، مضيفاً "لا يوجد تفسير آخر ، ولا يوجد سبب فني آخر للقيام بذلك. إن المملكة العربية السعودية تقوم باستخدام تقنيات الهاتف المحمول كأسلحة".
وأكّد خبراء الاتصالات وأمن البيانات الذين اطّلعوا على تسريبات المبلّغ أنّهم يعتقدون أيضًا أنّها مؤشر على حملة مراقبة من قبل السعودية.
وتُظهر البيانات طلبات بيانات موقع الهاتف المحمول التي تم توجيهها من خلال نظام المراسلة العالمي SS7 الذي يبلغ عمره عقوداً، والذي يسمح لمشغلي الهاتف المحمول بربط المستخدمين حول العالم. على سبيل المثال، مستخدم الهاتف المحمول من الولايات المتحدة الذي يسافر في ألمانيا ويسعى لإجراء مكالمة هاتفية مع الولايات المتحدة متصل عبر شبكة SS7.
ويتيح نظام SS7 أيضًا تتبع الهواتف، وهي ميزة كانت مدعاةً للقلق من قبل خبراء الأمن. ويتم استخدام هذه الطلبات بشكل مشروع لمساعدة المشغلين الأجانب على تسجيل رسوم المكالمات عبر البحار، لكن الاستخدام المفرط لمثل هذه الرسائل معروف في صناعة الاتصالات المتنقلة بأنه مؤشر على تتبع الموقع.
وأعرب الخبراء عن انزعاجهم من بيانات طلب التتبع بسبب التردد العالي المستمر على ما يبدو للطلبات، والتي يبدو أيضاً أنها صادرة عن مشغلين سعوديين يسعون إلى تحديد مواقع المشتركين فيها بمجرد دخولهم الولايات المتحدة.
ومن غير المعروف ما إذا كانت شركات الهاتف المحمول السعودية التي كانت تطلب كميات كبيرة من بيانات تتبع الموقع حول المشتركين فيها متواطئة عن قصد في أي برنامج مراقبة تديره الحكومة.
وقالت الصحيفة إنّ الطلبات من أكبر ثلاث شركات تشغيل للهواتف المحمولة السعودية، وهي اتصالات السعودية، وموبايلي، وزين، أرسلت لمشغّل الهاتف المحمول الأميركي ما مجموعه 2.3 مليون طلب تتبع شهريًا من 1 نوفمبر 2019 إلى 1 مارس/آذار 2020.
وتشير البيانات إلى أنه تم تتبع الهواتف المحمولة السعودية أثناء تنقلها عبر الولايات المتحدة بمعدل مرتين إلى 13 مرة في الساعة.
ولكنّ هذه ليست المرة الأولى التي يتم الربط فيها بين الحكومة السعودية واستغلال الأسلحة السيبرانيّة لاختراق المعارضين ومنتقدي ولي عهد المملكة محمد بن سلمان. وكشفت "ذا غارديان"، في يناير/كانون الثاني، أن هاتف مالك "أمازون" الملياردير جيف بيزوس قد تم اختراقه في عام 2018 بعد تلقي رسالة "واتساب"، تم إرسالها على ما يبدو من الحساب الشخصي لبن سلمان.
ولم تحدد البيانات التي اطّلعت عليها الصحيفة هوية مستخدمي الهاتف المحمول السعوديين الذين يتم تعقبهم. وقالت الصحيفة إنّ السفارتين السعوديتين في واشنطن ولندن لم تجيبا على طلبات متعددة للتعليق. كما لم تفعل الاتصالات السعودية أو زين أو موبايلي.