حجب وحبس ورقابة ومصادرة... هذه أيضاً "إنجازات" للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بمصر

25 مايو 2018
قمع الصحافة ازداد مع الولاية الثانية للسيسي (أرشيفية/محمد الراعي/الأناضول)
+ الخط -
"رصْد للمحتوى المرئي والإلكتروني والمطبوع لوسائل الإعلام المعادية لمصر"، هكذا لخّص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام المصري، "إنجازاته" في تقريره الأخير لمهامه خلال العام المنصرم. 

بحسب التقرير، "تمكنت" إدارة الرصد من "إنجاز العديد من المهام الموكلة إليها"، ومنها، أولًا "الرصد المرئي: بمتابعة ورصد القنوات الفضائية المعادية لمصر ومنها قناتا الجزيرة والجزيرة مباشر ويتم بثها من قطر، وقناة الشرق ويتم بثها من تركيا، وقناة مكملين ويتم بثها من تركيا وكذلك مكملين 2، وقناة الوطن ويتم بثها من تركيا، وقناة الحوار ويتم بثها من تركيا ولندن، وقناة تلفزيون العربي ويتم بثها من لندن، وقناة الحرية ويتم بثها من قبرص".

ثانيًا الرصد المطبوع "حيث تقوم إدارة الرصد بالمجلس بمتابعة مجموعة من الصحف اليومية والأسبوعية القومية منها والمستقلة والمعارضة، إلى جانب متابعة بعض الصحف العالمية وتقديم تقرير يومي بذلك". وثالثًا الرصد الإلكتروني "والذي تشترك فيه إدارة المرصد مع مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار (التابع لمجلس الوزراء المصري) في عملية رصد ومتابعة المواقع والصفحات التي تخص كيانات إرهابية ومعادية لمصر بالخارج مثل صفحات المجلس الثوري المصري وصفحة المرصد السيناوي وصفحة البرلمان المصري بالخارج وغيرها".

هكذا يرى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام الذي تشكل في إطار هيئات إعلامية ثلاث مشرفة على المنظومة الإعلامية في مصر، أصبحت هي أذرع السلطة التنفيذية في قمع حرية الإعلام، بدلاً من الدفاع عنه؛ إذ كان المُستهدف منها إعادة هيكلة بنية الإعلام المصري بالكامل وتغيير خريطته، بما يُمكِّن من إعادته لخدمة السلطة الجديدة، من خلال تغيير البنية التشريعية الحاكمة للمشهد الصحافي والإعلامي، وإعادة ترسيم خريطة سوق الإعلام المصري بما يضمن السيطرة على كافة المنابر والمنصات التي تخاطب الجمهور، من خلال إحكام السلطة الحالية لملكية وسائل الإعلام.

يُفنّد التقرير التالي ما ذكره المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام من إنجازات في تقريره عن العام الماضي، ويقدم له رؤية للمشهد الإعلامي من واقع قرارات المجلس الشهرية نفسه، والتقارير الحقوقية الصادرة عن منظمات مصرية ودولية.

تجدر الإشارة إلى أنّ الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، كان قد أصدر في 11 إبريل/ نيسان 2017، ثلاثة قرارات جمهورية حملت أرقام 158 و159 و160 لعام 2017 بتشكيل الهيئات الإعلامية الثلاث الممثلة في المجلس الأعلى لتنظيم الصحافة والإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام.

وكان الدستور المصري لعام 2014 قد استبدل وزارة الإعلام والمجلس الأعلى للصحافة واتحاد الإذاعة والتليفزيون، بالمجلس الأعلى للإعلام والهيئتين الوطنيتين للصحافة والإعلام، وحدد مهامها في تنظيم شؤون الإعلام المسموع والمرئي وتنظيم الصحافة المطبوعة والرقمية، وأوكل لها مسؤولية ضمان وحماية حرية الصحافة والإعلام المقررة بالدستور، والحفاظ على استقلالها وحيادها وتعدديتها وتنوعها، وتنفيذا للإلزام الدستوري.

وتولى مكرم محمد أحمد، منصب رئيس المجلس الأعلى للصحافة والإعلام، كما تولى الكاتب الصحافي كرم جبر، رئاسة الهيئة الوطنية للصحافة، فيما تولى حسين زين، رئاسة الهيئة الوطنية للإعلام، وثلاثتهم موالون للنظام وتم اختيارهم من قبل السيسي شخصيًا، حيث نص قانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام على أن تقدم الجهات المعنية بالقانون مرشحيها ويختار منهم رئيس الجمهورية في أعضاء تلك المجالس ورؤسائها.



صراع الرقباء
تحت عنوان "صراع الرقباء" رصدت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، في تقرير بعنوان "فوبيا الرقابة" في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، معارك "الرقباء" ويقصد بهم التقرير جميع المؤسسات المراقبة للإعلام، وقد انتقلت من الصراع على "المقر" إلى "الصلاحيات"، التي بدأتها اللجنة التأسيسية لنقابة الإعلاميين، على إثر رغبتها في مزاحمة المجلس في الرقابة على الوسائل الإعلامية ورصد ما تعتبره "تجاوزات مهنية وأخلاقية".



الألفاظ المسيئة والخادشة للحياء
لم تسلم الدراما التلفزيونية والإذاعية بدورها من رقابة المجلس الأعلى للإعلام، فقد انتزع مكرم محمد أحمد وزملاؤه داخل "المجلس الأعلى للإعلام" لأنفسهم سلطة التدخل في الأعمال الإبداعية، وأصدر قرارًا يطبق ابتداءً من شهر رمضان الماضي، بفرض غرامة 200 ألف جنيه على كل قناة فضائية و100 ألف جنيه على المحطة الإذاعية، التي تذيع "لفظا مسيئا" على أن يتم سحب ترخيص الوسيلة الإعلامية التي تتكرر من خلالها الإساءات ولم تلتزم بالعقوبة خلال 6 شهور.
تلاها قرارات وقْف برامج كوميدية بسبب اعتراضات فضفاضة تخص "الآداب والأخلاق العامة" مثل "snl بالعربي" و"أبلة فاهيتا" وبالطبع من قبلها برنامج "البرنامج" للإعلامي باسم يوسف. سبقها طلب من المجلس الأعلى للإعلام، بحذف الإيحاءات الجنسية من أي حلقة خاصة بالبرامج.
ومع ذلك، لم يجد مكرم محمد أحمد حرجًا من التلفظ بكلمة نابية في مؤتمر صحافي مذاع على الهواء مباشرة، لا تختلف كثيرًا عن الألفاظ النابية التي أوقف عدة برامج تلفزيونية كوميدية بسببها.
وقال مكرم الذي كان نقيبًا للصحافيين في عصر الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، أثناء كلمته في مؤتمر نظمته الهيئة الوطنية للصحافة حول المعايير المهنية لتغطية الانتخابات السبت، وخلال ندوة بعنوان "الصحافة والانتخابات الرئاسية، إن "جماعة الإخوان انتهت وفكرها لا يمكن أن يصلح للغد، وهي على وشك الانتهاء وتلفظ أنفاسها الأخيرة، ومع ذلك يطلع شوية معرّ*ين وأنا متأسف لاستخدام هذا، ويقولولك نتصالح".



قوى الشر والنظام السلطوي
في مارس/آذار الماضي، اتهمت لجنة حماية الصحافيين الدولية، النظام المصري "السلطوي" بفرض مزيد من القيود على الصحافة والصحافيين مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، وقالت المنظمة في بيان لها، "ما أن دنا موعد الانتخابات المصرية حتى شرعت حكومة حاكم مصر المستبد بتطبيق مزيد من الإجراءات لتشديد قبضتها على حرية الصحافة".
وقبل الانتخابات الرئاسية المصرية، أصدر النائب العام قرارًا بتكليف المحامين العامين ورؤساء النيابة العامة، كل في دائرة اختصاصه، بمتابعة ما ينشر في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي مما وصفه بـ "أكاذيب وأخبار غير حقيقية" تستهدف أمن وسلامة الوطن، من قبل "قوى الشر" ومحاولاتها نشر أخبار غير حقيقية من خلال وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي".



الحجب والحبس والمصادرة
وفقًا لآخر حصر صادر عن مؤسسة حرية الفكر والتعبير، فإن في مصر 98 موقعًا صحافيًا محجوبًا حتى الآن. وخلال عام واحد فقط، وصل عدد الصحافيين المحبوسين إلى 21 صحافيًا، أحدثهم رئيس تحرير موقع مصر العربية، الكاتب الصحافي عادل صبري، والذي أمرت نيابة الدقي مؤخرًا بتجديد حبسه في القضية 441 لسنة 2018 أمن دولة، بعد أن وجَّهت له أربعة اتهامات، هي نشر أخبار كاذبة، والتحريض على تعطيل أحكام الدستور، والانضمام لجماعة محظورة والتحريض على التظاهر".
بينما وصل عدد المواقع المحجوبة في مصر بشكل عام، منذ مايو/أيار 2017 حتى الآن، إلى 497 موقع ويب على الأقل، بحسب مؤسسة حرية الفكر والتعبير.
كما تمكن المرصد العربي لحرية الإعلام من رصد 1058 انتهاكًا في تقريره السنوي لانتهاكات حرية الصحافة والإعلام في مصر 2017، أبرزها الحجب وأحكام الإعدام والمؤبد والإهمال الطبي والإدراج بقوائم الإرهاب.



الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعي
في يناير/كانون الثاني الماضي، أشارت منظمة "فريدوم هاوس"، إلى أن عددًا متزايدًا من الدول بات "يحذو حذو روسيا والصين في التدخل في شبكات التواصل الاجتماعي ورصْد المعارضين عبر الإنترنت، في تهديد خطير للديمقراطية"، وأظهرت تراجع 32 بلدًا فى مؤشرات حرية الإعلام الرقمي، على رأسها مصر وأوكرانيا.
كما أشارت المنظمة إلى تراجع الحريات الإعلامية فى مصر بشكل كبير، خلال العام الماضي، حيث حصلت مصر على 68 درجة من 100 بمقياس التضييق الإعلامي، مقابل 63 درجة العام الماضي، وحصدت 33 درجة من 40 بمقياس "خرق حقوق مستخدمى الإنترنت".
بل إن المنظمة، صنّفت مصر بأنها دولة "لا توجد بها حرية". واستند التقرير إلى عقوبات السجن لبعض المصريين بسبب النشر على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.


المساهمون