تونس: الائتلاف من أجل الحريات يطلق صيحة فزع

21 يناير 2016
(Getty)
+ الخط -
أجمع الائتلاف المدني من أجل الحريات الفردية في تونس، على أن وضع الحقوق، خاصة الاقتصادية والاجتماعية وكذلك وضع الحريات عموماً لم يشهد تغييراً ملموساً بتونس.


وقد شهدت سنة 2015 "ردّة خطيرة وهجمة شرسة على الحريات تحديداً الفردية منها، وذلك في تنكُّر واضح لقيم المواطنة والمساواة، التي أرستها الثورة ولمختلف المبادئ التي كرّسها الدستور"، بحسب البيان الموحد الذي أصدرته حوالى ثلاثين منظمة وجمعية.

وفي تصريح لـ"العربي الجديد"، اعتبرت أمل يعقوبي ممثلة الشبكة الأورو متوسطية لحقوق الإنسان، بأنه "لا شك أن الدستور 27 يناير/كانون الثاني 2014 قد أعطى دفعاً قوياً للمسار الانتقالي الذي تعيشه تونس باعتباره تضمّن عدداً هاماً من الحقوق والحريات المتعلقة بمختلف المجالات سواء العامّة أو الخاصّة. كما أن نجاح العملية الانتخابية من حيث ديمقراطيتها وشفافيتها، قد فتح باب الأمل في انطلاق الإصلاحات الجذرية لإنفاذ الدستور".

لكن رأت يعقوبي أن "مجرّد التكريس الدستوري للائحة هامة من الحقوق والحريات لا يكفي وحده لتمتع التونسيات والتونسيين بها، طالما لم تصحبه إرادة سياسية وتشريعية وجزائية تقود أولاً إلى ملاءمة كافة التشريعات مع الدّستور، خاصّة تلك التي اعتمدها النظام السابق لقمع الحريات والتنكيل بخصومه ومعارضيه. وتقود ثانياً إلى الكف عن انتهاك تلك الحقوق ومحاسبة مقترفيها والمسؤولين عنها في سبيل إرساء دولة القانون".

وأضافت: "الانتهاكات المتكررة والممنهجة للحقوق الأساسية تارة تحت غطاء مكافحة الإرهاب وطوراً تحت راية حماية الأخلاق الحميدة، يعيدنا إلى ما عرفته تونس زمن الديكتاتورية من هوّة سحيقة بين النص والخطاب وبين الفعل وواقع حقوق الإنسان، فقد شهدت سنة 2015 اعتداءات كثيرة على حريات الرأي والتعبير والنشر والضمير، ومساساً متكّرراً بحرمة المسكن والمعطيات الشخصية، إضافة إلى تعدّد أشكال ضرب الحقوق الجنسية والجسدية، فضلاً عن تواصل مختلف صنوف التعذيب في إفلات تام من العقاب والمساءلة" .

اقرأ أيضاً نقيب الصحافيين: تهديدات خطيرة على حرية الإعلام في تونس

وقد أصدر الائتلاف مجموعة من التوصيات بشكل مطالب موجهة إلى السلطات المعنية أبرزها دعوة لوزارتي العدل والداخلية، من أجل وضع سياسات أمنية واضحة، وكذلك دعوة لوزارة الصحة من أجل وضع حد للفحوصات الشرجية والعذرية، ثم مطلب آخر لمجلس نواب الشعب لسن مبادرة تشريعية في إطار تنزيل الدستور لملائمة القوانين مع مبادئ الدستور.

والائتلاف المدني من أجل الحريات الفردية هو ائتلاف غير رسمي لمنظمات وجمعيات المجتمع المدني في تونس، تم إنشاؤه بناء على مبادرات جماعية تلاقت حول قضية مشتركة وهي الدفاع عن الحريات المعترف بها والتي كفلها الدستور التونسي في 27 يناير/كانون الثاني 2014.

وبحسب البحث الذي قام به الائتلاف، فقد سجلت سنة 2015 ارتفاع وتضخّم الانتهاكات المتعددة للحقوق، حيث تجسدت في الاعتقالات التعسفية، والاعتداءات الصادرة عن قوات الأمن التي تمثلت بضرب المتظاهرين العاطلين عن العمل بتاريخ 25 أكتوبر/تشرين الأول 2015 إضافة إلى إيقاف تلميذة من مدينة الكاف وإساءة معاملتها جزاء تظاهرها ضد تدمير التراث التاريخي للمدينة بتاريخ 17 ديسمبر/كانون الأول 2015، وإطلاق حملة المداهمات الليلية العشوائيّة في الأحياء السكنية "الساخنة"، كما تمت إدانة ستة من شباب القيروان بتهمة المثلية والحكم عليهم بالسجن والنفي بناء على الفصل 230 من المجلة الجزائية.

 

وفي السياق نفسه أفاد ناضم الوسلاتي، أمين مال جمعية دمج للعدالة و المساواة بأن "مختلف هذه الانتهاكات لم تقف عند هذا الحد حيث شهد الرأي العام التونسي مرة أخرى صدور خطاب الكراهية الموجه ضد المناضلات النسويات وأصحاب الفكر الحر، مثل حادثة آمال ڤرامي".

وأوضح في تصريح لـ"العربي الجديد" أنها "سلوكات تذكرنا بما شهدته البلاد من توتر للجو العام الذي سبق عنفاً دموياً لا يقلّ خطورة في الوقت الحالي عن باقي الانتهاكات المسلّطة ضد حقوق الإنسان والحريات الفردية، وهي اعتداءات بإمكانها أن تعبّد الطريق أمام عودة نظام الخوف نتيجة لتعدد مظاهر التطرف".

واعتبر الوسلاتي أنه "من أجل ضمان الممارسة الفعلية لجميع الحقوق والحريات المكفولة دستورياً، بناء على المساواة وعدم التمييز على أساس المولد والجنس والميولات الجنسية والرأي والوضعية الاجتماعية أو الصحية أو غيرها، فإن الائتلاف المدني باختلاف مكوناته عازم على حشد إمكانياته وقدراته بقوة والتحرك دون هوادة، بغاية مراجعة قوانين النظام السابق والعمل على ملاءمتها للحقوق والحريات المضمنة بالدستور التونسي، والمراجعة العاجلة لأسس المجلة الجزائية إضافة إلى مجلة الإجراءات الجزائية، وفق مبادئ دولة القانون وحريات الأفراد، وأخيراً إيقاف العمل بالقوانين الزجرية حتى نفاذ الإصلاحات اللازمة".

اقرأ أيضاً: تجاوزات الأمن التونسي في قبضة "فيسبوك"

المساهمون