التطبيع في الإعلام التونسي: خطّ أحمر

14 فبراير 2020
لعبت الجابر مباراةً مع لاعبة إسرائيلية (جايسون هيدريتش/Icon Sportswire)
+ الخط -
أعادت مباراة التنس التي جمعت الفريق الوطني التونسي بنظيره الإسرائيلي في العاصمة الفنلندية هلسنكي الجدل حول التطبيع. يعود الجدل بشكلٍ أساسي إلى تعالي بعض الأصوات المنادية بضرورة المشاركة في المناسبات الرياضية التي تشارك فيها إسرائيل وعدم التغيب عنها وترك المكان فارغاً للآخرين، وهو رأي نقلته بعض وسائل الإعلام التونسية، خصوصاً بعد موقف اللجنة الأولمبية التونسية التي لمّحت إلى ضرورة المشاركة في كل المناسبات الرياضية ورفع الراية الوطنية، ما رأى فيه الكثيرون تلميحاً إلى التطبيع الرياضي دون التصريح بذلك بشكل علني. وقامت بعض الوجوه الرياضية التي تمّت استضافتها في وسائل الإعلام بالدفاع عن وجهة النظر هذه.
لكن في مقابل ذلك، أكّد آخرون أنّ التطبيع أمر غير مقبول في كل السياقات مهما كانت، وذهبوا إلى أنّ التطبيع الرياضي شكلٌ من أشكال الخيانة، وهو ما قاله الإعلامي رفيق بوشناق الذي يقدم برنامحاً صباحياً في إذاعة "إي أف أم" الخاصة، يعرف نسب استماع عالية. وهاجم بوشناق لاعبة التنس التونسية أنس جابر المصنفة 45 عالمياً واعتبر خوضها لقاء مع لاعبة تنس إسرائيلية أمراً غير مقبول مهما كانت دوافعه، لتردّ عليه أنس جابر بتدوينة كتبتها باللغة الفرنسية على صفحتها اعتبرته قام بمغالطة مستمعيه واستغربت المغالطات التي أوردها عنها، وهو ما أعاد الجدل من جديد بين مدافع عن هذا الرأي أو ذاك.
كل ذلك أغضب النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين التي أصدرت بياناً شديد اللهجة، الأربعاء، اعتبرت فيه التطبيع الإعلامي خطاً أحمر، وأشارت إلى أنّ التطبيع "ليس وجهة نظر يسمح بنقاشه، بل إنّه موقف، وموقف لا نقاش فيه". وأضافت النقابة: "لاحظت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين في الآونة الأخيرة انزلاقاً خطيراً في المضامين الإعلامية المتعلقة بموضوع التطبيع مع الكيان الصهيوني بشكل يقلّل من حجم هذا التوجه الغريب عن موقف الشعب التونسي، وتمييعاً لمشاركة رياضيين تونسيين في محافل إقليمية ودولية إلى جانب رياضيين من الكيان الصهيوني أو تبريراً لها، ودفاعاً عن احتضان تونس لمسابقات رياضية يشارك فيها ممثلون عن الكيان الصهيوني".
ودانت النقابة كلّ أشكال التطبيع، سواء بالفعل أو بالقول أو التبرير أو الدفاع أو الدعاية، وأكدت على موقفها الثابت برفض كل أشكاله، مؤكّدةً أنّ الأمر ليس وجهة نظر بل أحد ثوابت المجتمع التونسي التي يعتبر الصحافيون جزءًا لا يتجزأ منه.
كما دعت مجلس نواب الشعب إلى الإسراع في تقديم تشريعات تجرّم التطبيع بشكل واضح وصريح. وأعلنت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين شروعها في الإعداد لسلسلة مشاورات ونقاشات مع جميع الأطراف ذات العلاقة لصياغة مدوّنة سلوك في التعامل الإعلامي مع قضايا المقاومة والتطبيع والاحتلال.
يُذكر أن مسألة التطبيع الإعلامي مع دولة الاحتلال كانت محل جدل في أكثر من مناسبة في تونس، خصوصاً بعد تعمد قنوات إسرائيلية عند اغتيال الشهيد محمد الزواري سنة 2016 الدخول إلى البلاد، وهو ما أثار غضب التونسيين الذين عبروا عن رفضهم المطلق لكل أشكال التطبيع. كما قامت قنوات إسرائيلية باستدراج بعض الصحافيين التونسيين لإجراء حوارات معهم من خلال استعمال هويات لقنوات تركية أو فرنسية وهو الأمر الذي دانته النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين ودعت إلى الحذر من مثل هذه القنوات التي تتعمد توريط الصحافيين التونسيين في قضايا التطبيع.
المساهمون