انتخابات الصحافيين المصريين: بين 25 يناير والدولة العميقة

22 فبراير 2017
يحيى قلاش (منتصف) يعبر عن ثورة يناير (العربي الجديد)
+ الخط -
تشهد الساحة الصحافية في مصر، خلال الفترة الراهنة، حالة من الانتعاش مع اقتراب موعد إجراء انتخابات التجديد النصفي لمقعد النقيب وستة من أعضاء مجلس النقابة، المقرر لها 3 مارس/آذار المقبل، وسط أجواء سياسية مشحونة واستقطاب حادٍّ بين أبرز منافسي مقعد النقيب. 

فمع إغلاق باب الترشح للانتخابات، تقدم للمنافسة على مقعد النقيب سبعة صحافيين، هم: إسلام كمال، والسيد الإسكندراني، وجيهان الشعرواي، وطلعت هشام، وعبد المحسن سلامة، ونعيمة راشد، ويحيى قلاش.

إلا أنه في حقيقة الأمر، تنحصر فرص المنافسة الحقيقية بين المرشحين النقيب الحالي والذي يعتبره كثير من الصحافيين، واحداً من المعبرين عن ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 يحيى قلاش، وعضو الحزب الوطني المنحل عبد المحسن سلامة، والذي يمثل عصر ما قبل الثورة، خاصة بعدما تراجع المرشح والسياسي، ضياء رشوان، عن خوض المنافسة، في مشهدٍ وصفه بـ" نعيد في نقابتنا العريقة ما حاولنا أن ننساه من مشاهد اضطر بلدنا العظيم أن يعيشها في جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة عام 2012، ودفع بسببها أثمانًا غالية حتى اليوم".

التربيطات الانتخابية تدور حاليًا على قدم وساق، ليس فقط لضمان شخص النقيب، ولكن لإعادة التوازن لمجلس النقابة المكون من 12 عضوًا، يجري التجديد لستة منهم في الانتخابات القادمة والتي تقدم لها 73 صحافيًا من كافة المؤسسات الصحافية في مصر.

على هذا الأساس، تدور البرامج الانتخابية بين المرشحين والتي بدأت عبر منصات التواصل الاجتماعي، وبتحركات فعلية على الأرض، في انتظار بدء حملات الدعاية الانتخابية التي لن تظهر معالمها حتى غلق باب الانسحاب والطعون، نهاية الأسبوع الجاري.

فالنقيب الحالي، اعتمد في برنامجه الانتخابي على عدة خطوط عريضة، أبرزها كرامة الصحافي والحفاظ على كيان النقابة في المقدمة"، و"لا يوجد صدام مع الدولة.. واختلافنا مع مؤسسة من المؤسسات"، قاصدًا الأزمة التي نشبت بين النقابة ووزارة الداخلية في الأول من مايو/أيار من العام الماضي، على خلفية اقتحام قوات من الشرطة المصرية، مقر نقابة الصحافيين المصرية في منطقة وسط القاهرة، للقبض على الصحافيَين المعتصمين داخلها، عمرو بدر ومحمود السقا، على خلفية مواقفهما الرافضة لاتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية في الثامن من إبريل/نيسان من العام الماضي، وبموجبها تم نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير للسعودية.

وتطورت الأزمة بدعوة مجلس نقابة الصحافيين لاجتماع جمعية عمومية طارئ، شارك فيه آلاف الصحافيين، ورفعوا مطالبهم وهي اعتذار من الرئاسة، وإقالة وزير الداخلية، والإفراج عن الصحافيين المعتقلين وغيرها من المطالب التي أصرّ عليها الصحافيون الغاضبون، فيما لم تلتزم بها المؤسسات الصحافية إلا بضعة أيام، بعد ممارسة ضغوط عليها من قبل رجال الأعمال المالكين لها والحكومة.
ثم تفاقم الأمر بإحالة نقيب الصحافيين يحيى قلاش، وعضوي مجلس النقابة، جمال عبد الرحيم وخالد البلشي للمحاكمة، بتهمة إيواء مطلوبين للعدالة، وصدر حكم من الدرجة الأولى بالسجن المشدد عامين وكفالة 10 آلاف جنيه لكل منهم في الثالث والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي.
ويميل شباب الصحافيين لانتخاب قلاش، لمساندته هو ومجلس النقابة في القضية المستمرة في القضاء إلى الآن، فضلاً عن دحض فرص فوز عبد المحسن سلامة والوصول لمقعد النقيب.
الأمر نفسه يبني عليه المنافس دعايته الانتخابية، إذ يعتبر أن المجلس الحالي بقيادة قلاش، افتعل مشاكل مع الدولة ودخل في صدامات مع مؤسساتها ما انعكس سلبًا على الصحافيين وحقوقهم ومكانتهم. وهو ما يروّجه الداعمون له في المؤسسات الصحافية وكذلك بعض المرشحين على مقاعد مجلس النقابة.

عبد المحسن سلامة، ابن مؤسسة الأهرام أيضًا، كضياء رشوان، لكنه من خلفية سياسية مختلفة تمامًا، طالما كانت هي محور التسويق الانتخابي لهم.
فعبد المحسن سلامة، كان عضوًا في الحزب الوطني المنحل، في عهد الرئيس المخلوع، محمد حسني مبارك، ولا يزال ولاؤه للنظام الحاكم الحالي، هو الذريعة التي يبني عليها قرار ترشحه، رغم إعلانه مرارًا وتكرارًا أن "علاقته بالسلطة الحاكمة مرتبطة باستجابتها لمطالب الجماعة الصحافية".
وسلامة يرتكز في حملته على أن مجلس النقابة الحالي تخلى عن عمله ودوره النقابي الحقيقي وانشغل بمعارك جانبية ليست من أدواره المكلف بها.

ويردد سلامة نفس شعارات النظام الحاكم في مصر من قبيل "لا حريات لصحافي يتسوّل"، على غرار تصريحات المسؤولين الأمنيين في مصر بتهميش ملف الحريات جانبًا ومنح الأولوية للاقتصاد.
كما يعِد سلامة بزيادة "بدل التدريب والتكنولوجيا الخاص بالصحافيين والذي لم يزد جنيهًا واحدًا منذ عامين".

وكان وزير المالية المصري الأسبق، هاني قدري، قد صدّق على قرار يقضي بزيادة بدل الصحافيين بواقع 180 جنيهًا شهريًا ليصبح إجمالي البدل 1380 جنيهًا، على أن يبدأ صرفها بداية مارس/آذار 2015، قبل أسابيع من إجراء انتخابات النقابة.

وطالما تلوّح الحكومة المصرية والمرشحين على مقعد النقيب الموالين للحكومة، بوعود بزيادة بدل الصحافيين، بل إن سلامة لوّح أيضًا بـ"الحصول على امتيازات للصحافيين تماثل امتيازات رجال الجيش والشرطة والقضاء".

وبدل التدريب والتكنولوجيا، هو عبارة عن مخصصات مالية، يحصل عليه أعضاء نقابة الصحافيين المصرية شهريًا، من قبل المجلس الأعلى للصحافة، وقيمته حوالي 1400 جنيه مصري، أي ما يعادل، 82 دولارًا أميركيًا.




المساهمون