سيناريوهات نقابة الصحافيين المصريين للتصعيد: احتمالات الرضوخ واردة

08 يوليو 2018
أثناء انتخابات نقابات الصحافيين العام الماضي (نورفوتو)
+ الخط -
قبل أيام، ألقى عضو مجلس نقابة الصحافيين المصرية، أبو السعود محمد، حجرًا في المياه الراكدة، بإعلانه الاستقالة من عضوية مجلس النقابة، اعتراضًا على مشروع قانون تنظيم الصحافة.
فتحت استقالة أبو السعود الباب أمام نصف أعضاء المجلس الباب بموجة استقالات جماعية من مجلس النقابة، حيث لوح ستة من أعضاء المجلس بتقديم استقالة جماعية احتجاجًا على نفس القانون.

في انتظار الاجتماع الطارئ

وتقدم أعضاء المجلس عمرو بدر، ومحمد سعد عبد الحفيظ، وجمال عبد الرحيم، ومحمود كامل، ومحمد خراجة وحسين الزناتي، بطلب إلى نقيب الصحافيين عبد المحسن سلامة، لعقد اجتماع عاجل وطارئ لمجلس النقابة، خلال 48 ساعة (انتهت أمس) لبحث الخطوات اللازم اتخاذها حيال قانون الصحافة والإعلام الجديد المزمع إقراره بمجلس النواب، ولبحث طلب 183 صحافيًا لعقد جمعية عمومية طارئة؛ لإعلان موقف واضح ومعبر عن الجماعة الصحافية والذي بات أمرا ملحا وضروريا، حسب البيان.
كما طالب الأعضاء الستة بمناقشة الاستقالة المسببة التي تقدم بها أبو السعود محمد، وقالوا في نص بيانهم المشترك الصادر الخميس الماضي "قد تكون استقالتنا من المجلس أشرف مئات المرات من تمرير هذا القانون دون موقف واضح".
يشار إلى أن مجلس النواب المصري وافق في العاشر من يونيو/حزيران الماضي، من حيث المبدأ على مناقشة مشروع قانون مقدم من الحكومة بتنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.
لكن القانون يفتح الباب لمطاردة الكلام حتى على فيسبوك ويقنن الحجب ويتوسع في العبارات المطاطة لمعاقبة الصحفيين والسيطرة على مهنة الكتابة. فضلا عن أنه يفتح الباب للتخلص من المؤسسات القومية عبر إلغاء مؤسسات أو دمج إصدارات.




سلطات المجلس

القانون الجديد أيضًا يعطي للمجلس الأعلى للإعلام سلطات واسعة لعقاب كل من يكتب وفرض عقوبات حتى على المواطنين الذين يكتبون على صفحاتهم الشخصية وفرض عقوبات مالية على الصحافيين بخلاف العقوبات الأخرى دون العودة للنقابة.
وكان أربعة من أعضاء مجلس نقابة الصحافيين المصرية، قد نجحوا في جمع ما يقرب من 600 توقيع على بيان رافض لقانون تنظيم الصحافة والإعلام الجديد، في خطوة احتجاجية عاجلة، كادت أن تكتمل بوقفة احتجاجية دعا لها عدد من أعضاء مجلس النقابة كان مقررًا لها الأربعاء الماضي، وتم إلغاؤها قبل موعدها بساعات دون إبداء أسباب، قبل أن يخرج عدد مهم بتصريحات صحافية مفادها "تم التواصل مع عدد من نواب البرلمان المصري لإعادة مناقشة مشروع القانون والتفاوض حوله".

الاحتمالات المتاحة

ويبقى السؤال المعلق هو، ما هي احتمالات التصعيد وجديتها؟
أولًا تجدر الإشارة إلى أن عدداً كبيراً من الصحافيين لا يتوقعون استجابة نقيب الصحافيين المصريين، عبد المحسن سلامة، لطلب عقد جمعية عمومية طارئة، وشواهدهم على ذلك، أن تلك ليست المرة الأولى التي يتقدم بها عدد من أعضاء المجلس رسميًا بطلب عقد اجتماع مجلس أو جمعية عمومية ويُقابل باللامبالاة وعدم الاستجابة.
كما يدعم الصحافيون المتوقعون لعدم استجابة النقيب لدعوة الجمعية العمومية الطارئة، رأيهم بأن "النقيب وأعضاء المجلس الموالين له وللحكومة يخشون تكرار مشهد اجتماع الجمعية العمومية للصحافيين في مايو/أيار 2016، عندما حاصرت قوات الأمن المصرية، نقابة الصحافيين بالتعاون مع عشرات البلطجية ومن يعرفون بـ"المواطنين الشرفاء"، عقب أيام من اقتحام قوات الأمن المصرية، مبنى النقابة للقبض على الصحافيين، عمرو بدر، رئيس تحرير بوابة يناير، ومحمود السقا، الصحافي بنفس البوابة.
كما يبرهن الصحافيون موقفهم بأن "عبد المحسن سلامة ابن النظام وابن مؤسسة الأهرام، والذي تولى المنصب في معركة حامية سنت فيها أجهزة الدولة سنونها على الصحافيين من أجل الإطاحة بالنقيب السابق يحيى قلاش، الذي خاض معركة اقتحام النقابة والقبض على الصحافيين من داخلها حتى وصل الأمر لمحاكته مع اثنين من أعضاء مجلسه. حيث قضت محكمة جنح قصر النيل (أول درجة) قضت في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، بمعاقبة نقيب الصحافيين آنذاك يحيى قلاش، وعضوي المجلس؟ جمال عبد الرحيم وخالد البلشي، بالحبس عامين وكفالة 10 آلاف جنيه، لاتهامهم بإيواء "مطلوبين أمنيًا" داخل مبنى النقابة، وهما الصحافيان عمرو بدر ومحمود السقا.
وبعدها قضت محكمة جنح مستأنف قصر النيل، بقبول استئناف نقيب الصحافيين السابق يحيى قلاش، والصحافيين جمال عبد الرحيم وخالد البلشي على حبسهم عامين بتهمة "إيواء مطلوبين أمنيا"، بتخفيف الحكم إلى سنة لكل متهم مع الإيقاف لمدة 3 سنوات.





تصريحات سلامة نفسها تؤكد عدم اكتراثه بغضب الصحافيين وأعضاء المجلس، بل توضح عدم اعتداده بهم، حيث أكد في تصريحات تلفزيونية أن "الأغلبية تسير في طريق الحل، وأن هناك بعض الشخصيات يريدون إشعال الخلاف وسكب الزيت على النار. وأنه يبحث عن الحوار لأن الصدام لا يصل إلى نتيجة.
ويرى نقيب الصحافيين أن "الاعتراض على القانون فى حوالى 8 مواد من 130 مادة لقانون تنظيم الصحافة والإعلام، وأن الحوار الراقي بينه وبين الجهات المعنية سيصل لحل "دون أن يوضح قصده بـ"الجهات المعنية".

التلويح بالاستقالة

أما بشأن الاستقالات، فإن بعض من لوحوا بالاستقالة أنفسهم يعلمون أن بعضًا من الأعضاء الستة غير جاد في تقديم الاستقالة إذا ما تطورت الأمور، وأن محاولة استمالتهم من قبل عبد المحسن سلامة وباقي أعضاء المجلس وارد، خاصة أن أعضاء المجلس، نجحوا بالفعل في إقناع عدد من أعضاء مجلس النواب المصري، في الجلوس على مائدة حوار وإعادة مناقشة مشروع القانون، وإبداء ملاحظات عليه، والتأكيد على ضرورة الأخذ بملاحظات نقابة الصحافيين المصرية، وهو ما سيفتح طريقًا للعدول عن التلويح بالاستقالة ومواصلة النقاش باعتباره سيصنع فارقًا.
حيث أن مشروع قانون "تنظيم الصحافة"، هو بمثابة نصف مشروع "القانون الموحد للصحافة والإعلام"، والنصف الآخر هو قانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام، الذي عكفت عليه الجماعة الصحافية منذ نحو عامين، بمشاركة أساتذة إعلام وخبراء قانون وإعلاميين قدامى، وهو قانون شامل لكافة القوانين المنظمة للإعلام والصحافة في مصر، بما في ذلك مواد حبس الصحافيين في قضايا النشر.
وصدر مشروع قانون "التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام"، من مجلس النواب المصري، على حين غفلة من أهله -نقابة الصحافيين والمجلس الأعلى للصحافة- فلم يحضر أي منهما اجتماعات مناقشة ولم تُتح لهما فرصة إبداء الملاحظات عليه.
ولم تجد اعتراضات الصحافيين ولا مجلس النقابة الذي شارك في إعداد القانون الموحد حينها، وخرج القانون، وبناءً عليه تم تشكيل مجالس إدارات الهيئات الثلاث التي تتولى السيطرة على الإعلام حاليًا، وهي المجلس الأعلى لتنظيم الصحافة والإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام.