مصر تحاصر "فيسبوك" بتشريعات جديدة

18 سبتمبر 2019
تختص الداخلية والاتصالات بملاحقة المخالفين (بيتر ماكديرميد/Getty)
+ الخط -
كشفت مصادر برلمانية مصرية أن حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي تعمل حالياً على إعداد حزمة من التشريعات التي تستهدف مزيداً من الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعي، في محاولة جديدة لتضييق الخناق على المعارضين، رداً على الانتشار الواسع لفيديوهات الفنان والمقاول محمد علي على موقع "فيسبوك"، بعدما سببت حرجاً بالغاً للنظام، لما كشفته من وقائع فساد وإهدار للمال العام داخل مؤسستي الرئاسة والجيش.
وقالت المصادر، في حديث خاص مع "العربي الجديد"، إن "الحكومة بصدد التقدم بمشروع قانون يغلظ عقوبات نشر الشائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لتصل إلى السجن المشدد، لا سيما المحرضة على العنف، وإثارة البلبلة داخل المجتمع بهدف إسقاط الدولة، وآخر لفرض الضريبة على القيمة المضافة على إعلانات (فيسبوك)، تطبيقاً لمواد القانون الذي يُخضع الخدمات الإلكترونية للضريبة التي أقرت على أغلب السلع والخدمات بنسبة 14 في المائة".

وأشارت المصادر إلى أن "مجموعة من النواب المنتمين إلى حزب (مستقبل وطن)، ممثل الأكثرية داخل البرلمان، سيتقدمون بمشاريع قوانين في الإطار نفسه، فور عودة مجلس النواب للانعقاد في الأول من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، كي تُناقش بالتزامن مع تشريعات الحكومة"، منوهة إلى "تلقي هؤلاء النواب تعليمات من أجهزة أمنية بالتصدي تشريعياً لمروّجي الشائعات والأخبار الكاذبة على منصات التواصل، لتقنين إجراءات اعتقال المعارضين لاحقاً".

وتعهد الفنان والمقاول المصري، محمد علي، بالرد مباشرة على أكاذيب السيسي كلها، يوم السبت، في مؤتمر الشباب الذي أعلنت عنه مؤسسة الرئاسة بشكل مفاجئ، ولا يتضمن سوى جلستين؛ الأولى عن تأثير نشر الأكاذيب على الدولة في ضوء حروب الجيل الرابع، والثانية خصصت لطرح الأسئلة المراجعة سلفاً على رئيس البلاد، بعنوان "اسأل الرئيس".
وتابعت المصادر "في المشاريع المقترحة تختص وزارتا الداخلية والاتصالات بملاحقة مطلقي الشائعات، والمواد الإعلامية المسيئة إلى الدولة ومؤسساتها، بذريعة ما تسببه من فقدان لثقة المواطنين في أدائها في ظل التحديات الراهنة داخلياً وخارجياً".



من جهة ثانية، قال عضو لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان، خالد أبو طالب، إنه "يعتزم التقدم بمشروع قانون لإحكام الرقابة على مواقع التواصل، في ضوء مواجهة الدولة المصرية تحديات جساما خلال المرحلة الحالية"، معتبراً أن "الشائعات الإلكترونية ضد رئيس الدولة ومؤسساتها تعد إحدى الأسلحة الفتاكة التي تستغلها قوى الشر والإرهاب لإسقاط الوطن، عبر تهييج الرأي العام، وإثارة البلبلة، وزعزعة الأمن والاستقرار".

وزعم أبو طالب، في بيان أرسله إلى الصحافيين، أن هناك "أيادي خفية مدفوعة من الخارج للعبث بعقول المصريين، بكيل الاتهامات المسيئة لرموز الدولة، ونشر الأخبار الكاذبة والمضللة"، لافتاً إلى أن مشروع القانون الذي يعمل على إعداده "يتضمن عقوبات رادعة لمروجي الشائعات، وكل من يتعمد نشر أخبار كاذبة بغرض الإضرار بالأمن القومي للبلاد"، بحجة أن "حرب الشائعات لا تقل خطورة عن حرب الإرهاب التي تخوضها بلاده".
وعن فرض الضرائب على إعلانات "فيسبوك"، قالت المصادر إن "الحكومة المصرية تهدف من ورائها إلى زيادة موارد الدولة من الحصيلة الضريبية، وخفض نسبة العجز في الموازنة العامة، خصوصاً مع رواج تلك الإعلانات خلال السنوات الأخيرة".

وأفادت المصادر بأن وزارة المالية المصرية انتهت بالفعل من إعداد مشروع قانون يشمل التطبيق الضريبي على إعلانات المنصات الرقمية، والخدمات المقدمة عبر شبكة الإنترنت، وحصول صفحات التسويق الإلكتروني على تصاريح رسمية بالمنتجات المعلنة عنها عبر صفحاتهم.

ولم تنجح محاولات الحكومة المصرية في فرض الضرائب على إعلانات مواقع التواصل الاجتماعي، نتيجة نقص البيانات، وصعوبة الحصر الفعلي لحجم التعاملات المالية، والمتعاملين من خلال المنصات الإلكترونية، ما دفعها إلى إعداد تشريع جديد خاص بتنظيم هذا النوع من المعاملات.

ومن المتوقع أن يسفر التعاون الدولي بين مصر وبعض البلدان بشأن تبادل المعلومات، في ظل اتفاقيات منع الازدواج الضريبي بينها، في حصر نسبة من حجم تعامل المواقع الإلكترونية، خاصة أن وزارتي المالية والاتصالات تعملان حالياً على حصر شركات البيع والترويج للمنتجات والخدمات على مواقع التواصل الاجتماعي، وغيرها من الوسائل الإلكترونية المتداولة في مصر.

وفي أغسطس/آب عام 2018، أقر مجلس النواب المصري تشريعاً يسمح لأجهزة تابعة للدولة بالإشراف على مستخدمي مواقع التواصل، من خلال إخضاع أي حساب شخصي على مواقع التواصل، أو أي مدونة، أو أي موقع على الإنترنت، يتابعه أكثر من خمسة آلاف شخص، لأحكام قانون تنظيم الصحافة والإعلام، ومنحها سلطة إغلاق المواقع على الإنترنت.
وسبق أن تقدم عضو لجنة حقوق الإنسان في البرلمان، محمد الكومي، بمشروع قانون يهدف إلى الحد من إنشاء الحسابات الوهمية على مواقع التواصل، من خلال الولوج إليها ببيانات بطاقة الرقم القومي. في حين تقدم عضو لجنة الاتصالات في مجلس النواب، أحمد رفعت، بمشروع آخر بدعوى مواجهة جرائم السب والقذف وأعمال الابتزاز، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.

وكانت منظمة "فريدوم هاوس" قد أشارت إلى أن عدداً متزايداً من الدول بات "يحذو حذو روسيا والصين في التدخل في شبكات التواصل الاجتماعي، ورصد المعارضين عبر الإنترنت، في تهديد خطير للديمقراطية، وعلى رأسها مصر وأوكرانيا"، محذرة من تراجع الحريات الإعلامية في مصر بشكل كبير، وحصول مصر على 68 درجة من 100 بمقياس "التضييق الإعلامي"، و33 درجة من 40 بمقياس "خرق حقوق مستخدمي الإنترنت".