بغداد وعمّان تتعاونان لإغلاق محطة تلفزيون مهتمة بتغطية التظاهرات العراقية

28 يناير 2020
القناة واصلت بث برامجها على مواقع التواصل(حيدر حمداني/فرانس برس)
+ الخط -
تواجه قناة "دجلة" ما يبدو أنّه تعاون بين العراق والأردن على إغلاقها. و"دجلة" هي محطة تلفزيونية فضائية عراقية تتخذ من العاصمة الأردنية عمّان مقرّاً لها، وتُعدّ من أهم القنوات العراقية من حيث المشاهدة والتغطيات والبرامج السياسية والأحداث، لا سيما التظاهرات التي لا تزال جارية في البلاد.
فقد قرّرت هيئة الإعلام الأردنية، أمس الاثنين، إيقاف بث قناة "دجلة" الفضائية العراقية، لمدة شهر واحد، بسبب ما وصفته بـ"مخالفات وعدم التزام بتعهدات سابقة". غير أنّ القناة واصلت بث برامجها على مواقع التواصل الاجتماعي، ولم يصدر أي توضيح من إدارتها، فيما اكتفت بنشر تردّداتها الجديدة على قمر النيل سات، كما وعدت مشاهديها في تنويه نشرته بأنها ستبقى "صوتهم النابض بالحقيقة وصوت الشعب، كما وعدتهم باستمرار التغطية".

وفي ظل استمرار البث، داهمت قوة أمنية، تابعة لوزارة الداخلية، مقرّ قناة "دجلة" المحلية في بغداد، وأجبرت الموظفين فيها على الخروج من المقر، بحسب عاملين في محطة دجلة أفادوا بذلك لوسائل إعلام. وهذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها "دجلة" لاقتحام من قبل قوات أمنية، ففي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تعرضت القناة إلى مداهمة أمنية لمقرها في بغداد ومصادرة أجهزتها، وتطور الأمر إلى حرق الطابق الأول من البناية.

ولم تصدر السلطات العراقية حتى اللحظة أي توضيح عن سبب إغلاق القناة، في وقت تتزامن فيه الخطوة مع ازدياد الاحتجاجات الشعبية في أكثر من ثماني مدن عراقية، مطالبة برحيل الأحزاب وإجراء انتخابات مبكرة. وقال حسين العطية، وهو معد برامج في قناة "دجلة"، إن "القناة تعرضت طوال فترة الاحتجاجات العراقية لشتى أنواع الضغط من أجل تغيير لهجتها تجاه ما يجري في الشارع، بعدما لازمت المتظاهرين، وكان من بين نتائج ذلك تعرضها هي وكوادرها لسلسلة اعتداءات، انتهت بقتل مراسلها في البصرة الصحافي أحمد عبد الصمد، وإيقاف بثها من داخل المملكة الأردنية، ومن ثم إغلاق مكتبها في بغداد"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "إدارة المحطة أبلغتنا بأن البث سيتوقف من دون شرح التفاصيل المتعلقة بالقرار، قبل أن تُنشر وثيقة تبليغ، تبين أن مصدر القرار هو السلطات الأردنية، ولكنه قد يكون صدر بضغوطٍ عراقية".


وتابع العطية أن "الحكومة تخشى المؤسسات الإعلامية التي تعمل على تغطية التظاهرات، وهذا يأتي من طبيعة فهم الحكومة لما يجري في الشارع، فهي تتصرف كما لو أن ما يجري هو مؤامرة، أو عملية لنزع السلطة منها، وبالتالي تمكن ملاحظة أن سلوكها تجاه المتظاهرين ومن يقف معهم، هو سلوك مبني على هذا الفهم، حيث يبحث عن تفتيت وفض الاعتصامات من دون النظر في طبيعة الشعارات والمطالب المرفوعة".

وأضاف أن "هناك حرية مشروطة للإعلام في العراق، فبينما تخرق وسائل الإعلام المختلفة، المقربة من السلطة وأحزابها، جميع لوائح وأخلاقيات العمل الصحافي، ولا تُحاسب على ذلك لكون توجهها يخدم هذه السلطة، تتم محاسبة باقي وسائل الإعلام، ذات التوجه المخالف، على أبسط الأمور، وهذا يمنح الإعلام بشكله العام صفة الفوضى، أكثر من صفة الحرية".

ويعيش الصحافيون في العراق أوضاعاً صعبة بسبب التهديدات التي تطاولهم، من قبل جماعات مسلحة ومليشيات مناهضة للتظاهرات ومقربة في الوقت نفسه من الحكومة العراقية، وأخرى من شخصيات سياسية حزبية وأمنية، في سبيل تقليل تغطية أحداث الاحتجاجات وما يتخللها من مشاهد دموية وقمع يتعرض له المنتفضون منذ أكثر من أربعة أشهر، في بغداد وثماني محافظات وسط وجنوبي البلاد.

ويشهد العراق، منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تظاهرات احتجاجية للمطالبة بإصلاح العملية السياسية وحل مشاكل البطالة وتحسين الواقع المعيشي، أسفرت عن إسقاط حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ورافقت التظاهرات أعمال عنف مفرط، باستخدام الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع واختطاف واغتيال للناشطين.

المساهمون