مشروع قانون نقابة الصحافيين المصريين... خلافات مبكرة وتعديلات صادمة

02 أكتوبر 2018
نفى قلاش مشاركته في "مشروع القانون اللقيط"(محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
أثارت تصريحات سكرتير عام نقابة الصحافيين المصريين، حاتم زكريا، الجدل مجددًا حول مشروع قانون نقابة الصحافيين المصريين الذي يعدّ في الظلام، من دون سابق معرفة لبعض أعضاء مجلس النقابة، ولا للجمعية العمومية المشكّلة من الصحافيين أعضاء النقابة. 
وقال زكريا إنّ قانون النقابة المقرّر تعديله، والذي أبدى البعض اعتراضهم عليه قبل ظهوره، راعى كل متطلبات الصحافيين ولم يتجاهل كبار السن من الصحافيين، موضحًا أنّه أُعدّ من قبل عندما كان مقررًا للجنة التشريعات في المجلس، وخُصصت جلسات استماع حينها للقيادات والرموز النقابية، وبينهم النقيب السابق يحيى قلاش وعدد كبير من أعضاء مجلس النقابة آنذاك.
وأضاف أن القانون الجديد راعى تمثيل أصحاب المعاشات على أن يكون من بينهم عضو مجلس نقابة، بالإضافة إلى إلغاء انتخابات التجديد النصفي، فتصبح الانتخابات على كل المقاعد مثل باقي النقابات المهنية، مع إلغاء شرط "تحت السن"، لتتساوى الانتخابات والفرص للجميع من دون تمييز.
وشدد على أن مشروع القانون سيوزع على جميع أعضاء المجلس في النقابة لأخذ آرائهم ومقترحاتهم بشأن تعديله، كما ستخصص جلسات استماع لأعضاء الجمعية العمومية بشكل موسع حوله، مشيراً إلى أن القانون عزّز الحريات الصحافية، ولن يُقدّم للبرلمان إلا في حالة التوافق عليه من قبل أعضاء المجلس والجمعية الصحافية.
وأوضح سكرتير عام نقابة الصحافيين أن الشؤون القانونية في النقابة تراجع حالياً مسودة مشروع القانون الجديد الذي من المقرر عرضه على أعضاء المجلس خلال الاجتماع المقبل الذي يُحدّد موعده.
تصريحات زكريا التي كشفت الكثير عن تعديلات القانون، كان قد تخوّف منها مبكرًا عدد من أعضاء المجلس الحالي والسابقين، أعلنوها من قبل سواء عبر وسائل الإعلام المختلفة أو عبر حساباتهم الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي. وكان من أبرز الاعتراضات على مواد مشروع القانون الجديد المادة التي تقترح إلغاء انتخاب 6 من أعضاء مجلس النقابة "تحت السن" أي ممن لم يمضِ على عضويتهم في النقابة أكثر من 15 عامًا.

وتنص المادة 37 من قانون النقابة الحالي رقم 76 لسنة 70 على أن "يشكل مجلس النقابة من النقيب واثني عشر عضوا ممن لهم حق حضور الجمعية العمومية نصفهم على الأقل ممن لم تتجاوز مدة قيدهم في جدول المشتغلين خمسة عشر عامًا".



وضعت هذه المادة في القانون ضمانًا للتنوع العمري في مجلس النقابة وإتاحة الفرصة لشباب الصحافيين للمشاركة في صنْع واتخاذ قرارات متعلقة بنقابتهم ومهنتهم، لكن إلغاءها سيعني أن أعضاء مجلس النقابة بالكامل يجب أن يكون قد مضت على عضويتهم 15 عامًا حتى يحق لهم الترشح، ما يعني سيطرة جيل واحد على المجلس.

إلا أنّ الاعتراضات لم تطاول بعض التسريبات بشأن المواد التي يحملها مشروع القانون الجديد فقط، لكنها تسببت في خلافات مبكرة أيضًا بشأن ما يروّج له بعض أعضاء المجلس بأن هذه التعديلات ليست وليدة المجلس الحالي، ولكنها تنتمي للمجلس السابق للنقابة، برئاسة النقيب السابق يحيى قلاش.

وردّ قلاش في بيان نشره عبر "فيسبوك" على ما ورد من مزاعم في تصريحات حاتم زكريا، وكتب "لأسباب كثيرة لم أفاجأ بتصريحات حاتم زكريا سكرتير مجلس النقابة حول ما سماه مشروعا جديدا للنقابة... فالجميع يعلم دوره المرتب في قضية اقتحام النقابة التي كان لها ما بعدها وحتى الآن".


وكانت أزمة طاحنة قد نشبت بين نقابة الصحافيين المصريين ووزارة الداخلية، في الأول من مايو/أيار عام 2016، على خلفية اقتحام قوات من الشرطة المصرية مقر نقابة الصحافيين المصرية، وسط القاهرة، للقبض على الصحافيين المعتصمين داخلها، عمرو بدر ومحمود السقا، على خلفية مواقفهما الرافضة لاتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، في الثامن من إبريل/نيسان عام 2016، وبموجبها نقلت تبعية جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية.
وتطوّرت الأزمة بدعوة مجلس نقابة الصحافيين لاجتماع جمعية عمومية طارئ، شارك فيه آلاف الصحافيين، ورفعوا مطالبهم، وهي: اعتذار من الرئاسة، وإقالة وزير الداخلية، والإفراج عن الصحافيين المعتقلين وغيرها من المطالب التي أصرّ عليها الصحافيون الغاضبون، فيما لم تلتزم بها المؤسسات الصحافية إلا بضعة أيام، بعد ممارسة ضغوطٍ عليها من قبل رجال الأعمال المالكين لها والحكومة.



ثم تفاقم الأمر بإحالة نقيب الصحافيين يحيى قلاش، وعضوي مجلس النقابة، جمال عبد الرحيم وخالد البلشي، إلى المحاكمة، بتهمة إيواء مطلوبين للعدالة، وصدر حكم من الدرجة الأولى بالسجن المشدد عامين وكفالة 10 آلاف جنيه لكل منهم، في الثالث والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني عام 2016.

خرج عمرو بدر من السجن، وترشح لعضوية مجلس النقابة (تحت سن 15 عامًا)، وفاز باكتساح، بمقعد في مجلس النقابة في الانتخابات الأخيرة، في مارس/آذار عام 2017، بعدما كان هو نفسه رمزًا لصدام الصحافيين والنقابة مع وزارة الداخلية المصرية التي اقتحمت النقابة قبلها بعدة أشهر للقبض عليه وعلى زميله محمود السقا.

وأضاف قلاش "الزميل زكريا مارس التضليل بتصريحات زجّ فيها باسمي، ونسب لي علاقة بمشروع القانون اللقيط والمشبوه الذي يحاول أن يروّج له من دون علم أغلبية أعضاء المجلس أو مشاركة أعضاء الجمعية العمومية، وينسب لنفسه إعداد هذا المشروع منذ أن كان مقررا للجنة التشريعات في مجلس النقابة الأسبق وأنني شاركت بالرأي في جلسات الاستماع التي ناقشت هذا المشروع".

وتابع "أود أن أوضح لكل الزميلات والزملاء أعضاء الجمعية العمومية: أنني لم أشارك على أي نحو ولم يتم دعوتي للمشاركة فيما أشار له زكريا، وأن الزميل يقفز على كل التقاليد والأعراف النقابية ويحاول أن يلبس التعليمات التي يتلقاها ثوب المشروعية بالترويج لمشروع يستهدف تصفية النقابة وإنهاء دورها كمظلة حماية للصحافيين وحائط الصد الأخير في ظل ظروف قاسية وغير مسبوقة تواجه الصحافة والصحافيين".

كما أشار قلاش إلى أن "ذلك يأتي في إطار سلسلة المشروعات التي استهدفت إعدام المهنة، والآن يأتي الدور على النقابة". ولمح إلى أنه "لا يحق لأحد، ولم يحدث طوال تاريخ النقابة، أن ينفرد شخص بإعداد مشروع ووضع أفكاره وفلسفته بعيدا عن مؤسسة المجلس، مغتصبا حقا أصيلا لأعضاء الجمعية العمومية التي من عندها تكون البداية وبموافقتها تكون الخاتمة، ويزيد من السخرية أن يدّعي زكريا أنه أتى بمشروع من إنتاجه يحتفظ به من دورة مجلس قديم، ويعتبر ذلك مبررا للإلقاء به في وجوهنا الآن".

وقال نقيب الصحافيين السابق "في حدود علمي ومتابعتي لشؤون النقابة فقد سبق للزميل أن أعد مثل هذه الطبخة المسمومة في أحد المجالس السابقة، وأن المجلس تصدى له وتم وأْد ما تقدم به بعد رفضه بالإجماع، وأن مجلس النقابة في دورته السابقة قد بدأ جهودا في هذا الصدد من خلال أوراق عمل تمت مناقشتها في المؤتمر العام الخامس، ومن خلال لجنة مشكلة من أعضاء مجلس النقابة نسق عملها الزميل كارم محمود مقرر لجنة التشريعات وأعضاء الجمعية العمومية، وأعلنت عن تلقّيها اقتراحات من الزملاء في المؤسسات لبدء حوار حول الأولويات المستهدفة من تعديل قانون النقابة وتمهيدا لعقد لجان استماع مفتوحة، وأن حصاد هذا الجهد موجود ومتاح لمن ليس في نفسه هوى أو امتثال لغير إرادة الصحافيين".

ولفت قلاش النظر إلى أن "الزميل أرسل لهذه اللجنة مشروعه القديم رغم عدم حضوره أياً من اجتماعاتها، إلا أن اللجنة انحازت لموقف مجلس النقابة الرافض له فاستبعدته وأعرضت عنه".
وقال إن "التصدي لهذا المشروع المشبوه واللقيط الذي ينفرد بالحديث عنه الزميل زكريا فقط، فرْض عين لأنه يستهدف اغتيال شباب الصحافيين وإبعادهم عن العمل النقابي بزعم المساواة. كما يكرّس الهيمنة على العمل النقابي ويفرغه من مضمونه".