تواجه الانتخابات الأوروبية حملة مضادة من ناشري المعلومات المضللة على الشبكات الاجتماعية. وقد رصدت المنظمة غير الحكومية "آفاز" عن شبكة حسابات على موقع "فيسبوك" تروّج لأخبار وهميّة وخطابات تحضّ على الكراهية لملايين الأشخاص في جميع أنحاء أوروبا.
ولم تكلل محاولة شركة "فيسبوك" لمواجهة الأخبار المضللة في الانتخابات الأوروبية عبر تخصيص غرفة عمل في مكتبها في دبلن، كما أعلنت قبل أشهر، بالنجاح على ما يبدو. إذ رصدت المنظمة غير الحكومية "آفاز"، حجم بعض شبكات اليمين المتطرف أو المعادية للاتحاد الأوروبي التي تمارس التضليل، أو تنشر محتوىً يبث الكراهية على شبكة التواصل الاجتماعي. وأتاحت بلاغات المنظمة إزالة محتوى حظي في المجمل بأكثر من 500 مليون مشاهدة في الأشهر الثلاثة الماضية.
وقالت "آفاز" إنها أبلغت فيسبوك بأكثر من 500 صفحة ومجموعة مشبوهة، يتابعها في المجمل ما يقرب من 32 مليون مستخدم، ولّدت أكثر من 67 مليون تفاعل من تعليقات وإعجابات ومشاركات في الأشهر الثلاثة الماضية.
وأبلغت المجموعة عن أكثر من 500 مجموعة وصفحة مشتبه بها، تعمل في جميع أنحاء فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا وبولندا وإسبانيا. وكانت بمعظمها تنشر أخباراً مزيفة أو تستخدم صفحات وملفات تعريف زائفة لتعزيز محتوى الأحزاب أو المواقع التي تدعمها بشكلٍ مصطنع، في انتهاك لقواعد استخدام "فيسبوك".
ووفق التقرير نفسه الصادر في 20 مايو/ أيار الحالي، فإن "فيسبوك" فرضت قيوداً على صفحات: "اليسار قتلني"، و"ثورة الأبقار" و"شعب فرنسا استيقظ"، لنشرها معلومات كاذبة بشكل متكرر. وكان عدد المشاركين في هذه الصفحات يتجاوز نصف مليون شخص.
وأوضح أن "شبكات المعلومات الخاطئة تنتشر في أوروبا. وتستخدم تكتيكات لتضخيم المحتوى المناهض للهجرة عالمياً أو المناهض للاتحاد الأوروبي أو العنصري". وظلت هذه الحسابات نشطة حتى أبلغت منظمة "آفاز" عنها "فيسبوك".
وقال مدير الحملة في "آفاز" كريستوف شوت، إنه "قبل أيام قليلة من انتخابات البرلمان الأوروبي، غرقت أوروبا في المعلومات الخاطئة"، واصفاً إياها بـ "أسلحة دمار شامل ضد الديمقراطية".
وتضمنت المعلومات الخطأ المنشورة على "فيسبوك" مقطع فيديو شاهده 10 ملايين شخص، يظهر مهاجرين وهم يدمرون سيارة شرطة في إيطاليا، وهي لقطات مأخوذة من فيلم، إضافة إلى صور مفبركة تروج أن سائقي سيارات الأجرة المهاجرين في بولندا يعتدون على النساء الأوروبيات.
تجدر الإشارة إلى أنه في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، حذرت المفوضة الأوروبية لشؤون العدل وحقوق المستهلكين، فيرا جوروفا، من أن خطر التلاعب بالانتخابات الأوروبية "لم يكن يوماً بهذا الحجم". وعلى الرغم من هذا التحذير، إلا أن الاتحاد الأوروبي ركز خطته لمواجهة الأخبار الزائفة، التي كُشف عنها في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، على التنظيم الذاتي لمنصات الشبكات الاجتماعية والدعوة إلى مزيد من الشفافية.
وأوضحت الخبيرة في الشؤون الأوروبية كاترين بيور لـ "العربي الجديد"، أن "التنظيم الذاتي أظهر بعض الفعالية، لأن الأخبار المزيفة انتشرت بسرعة أقل وبكميات أقل مقارنة بعام 2016. ومع ذلك، فإنها تستمر في الانتشار لأنها تعكس أزمة ثقة في الديمقراطية".
وأضافت بيور أن "عدم الثقة في وسائل الإعلام التقليدية، يسمح لمصادر بديلة بالسيطرة على عملية نشر الأخبار المضللة"، مشيرة إلى عدم وجود أي مشروع قانون أو تشريع أوروبي لمواجهة هذه الظاهرة حالياً.
ورأت أن "هناك صعوبة في التشريع لأن الجميع يتخبط. فلم تجد أي دولة ديمقراطية كبرى بعد الحلّ القانوني للقضاء على الأخبار المزيفة. وأوروبا هي القوة المناسبة للتفاوض بالنظر إلى قوتها الكبيرة، بما يكفي لمواجهة منصات الشبكات الاجتماعية. فالعديد من الدول تشعر بعدم القدرة على مواجهة هذه الشركات التي قد يكون حجم رأس مالها أعلى من ناتجها المحلي الإجمالي".
وكان رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي المجتمعون في قمة يوم 22 مارس/ آذار الماضي، قد وجهوا دعوة إلى أصحاب الشركات الكبرى "فيسبوك" و"تويتر" و"غوغل"، للقيام بدورها في مكافحة المعلومات الخطأ. كما اعتمد البرلمان الأوروبي مبادرة خاصة في الجلسة العامة يوم 13 مارس/ آذار الماضي، قدم فيها العديد من الأفكار لمواجهة التضليل، منها إحداث منصب مفوض أوروبي لملف التضليل في تشكيلة المفوضية الأوروبية القادمة، التي ستعيّن بعد الانتخابات الأوروبية.
وستعلن النتائج الرسمية للانتخابات مساء الأحد، بعد إغلاق مراكز الاقتراع في كل القارة.